تفتخر أشهر عارضة أزياء في العالم بكونها برازيلية، ولمناسبة كأس العالم لكرة القدم أرادت جيزيل بوندشن Gisele Bundchen أن تتشاطر مع مجلّة Elle رجاءها وفرحتها والتزاماتها وطموحاتها والسنوات العشرين من مهنتها.
طويلة، مشيقة، ساقاها رفيعتان تبرزان ببنطلون رمادي ناصل ضيّق على الجسم مع سترة سموكينغ سوداء وتي شيرت على شكل V ونظّارة شمسية وشعر مصفّف على طريقة جيزيل بالتأكيد... ها هي "القنبلة" قد وقفت أمامنا في ذاك المكان، عنوان الرقيّ الهوليوودي ألا وهو Milk Studio في لوس أنجلس. في الجانب الآخر كانت كايت بلانشيت تستعرض فيما كان جاريد ليتو يقوم بمقابلة تلفزيونية على الشرفة. في الحال، راحت جيزيل تقبّل الجميع وتضحك وتتبختر بطولها البالغ متراً وثمانين سنتمتراً وتبتهج وتتحدّث عن ابنتها البالغة من العمر سنة واحدة... باختصار، أظهرت لنا دفئاً ومزاجاً مرحاً! بعمر 33 عاماً، تحتفل جيزيل بوندشن بسنواتها العشرين في مهنة عرض الأزياء بعدما قامت بمسار خالٍ من الدعسات الناقصة. شابّة أصلها من أوريزونتينا وهي مدينة صغيرة في Rio Grande do Sul، كانت تحلم بأن تصير لاعبة محترفة في الكرة الطائرة في الفريق الوطني Sopiga. ولكنّها أخيراً وبفضل مسابقة Elite Model World Final وبفضل ألكسندر ماكوين، صارت جيزيل كارولين نونينماتشر بوندشن المرأة التي نعرفها اليوم. اختيرت مرّات عديدة "المرأة الأكثر تأثيراً" (Forbes) أو حتّى "أجمل فتاة في العالم" (Rolling Stones) وقد جمعت العارضة الكثير من الألقاب وأطلّت في العديد من أغلفة المجلاّت مثل Vogue، Numéro، ID، Harper’s Bazaar، w وغيرها من دون أن ننسى Elle بلا شكّ حيث أطلّت في الوقت عينه على غلاف 30 نسخة عالمية عام 2009 داعمةً قضيّة Red لمحاربة السيدا. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الجميلة لا تتردّد في توظيف شهرتها لمصلحة قضايا إنسانية أو بيئيّة مع برنامج الأمم المتّحدة للبيئة وهي سفيرة النوايا الحسنة فيه، كما من خلال جمعيّتها الخاصّة Agua Limpa. ويكفي أن نلقي نظرة على عدد متتبّعيها على إنستغرام (1682000 شخص) لتأكيد التزامها هذا ونجاحها أيضاً. جسّدت وجه العديد من الماركة (شانيل، بانتين، لويس فويتون، بوتشي...) وتملك ماركتها الخاصة للملابس الداخلية Gisele Intimate وتتعاون مع Ipanema من بين الكثيرين. بالتالي فإنّ جيزيل هي الرقم واحد في فئة "فتيات المال" أمام كايت موس وأدريانا ليما ودوتزن كروز أو نتاليا فوديانوفا... فإذا أضفنا أجرها السنوي الذي يقارب أربعين مليون دولار إلى مردود زوجها الوسيم توم برادي الذي يلعب في فريق New England Patriots في بوسطن، نضمن أنّ الثنائي قادر على إعالة أجيال كثيرة تنحدر من بوندشن-برادي! جمال، ثراء وشهرة!
خرجت جيزيل من غرفة القياس بثوب السباحة وقد راقبنا جسمها بكلّ تفاصيله ولم نعثر على غرام واحد من السيلوليت ولا على تشقّق واحد في جلدها حتّى بعد إنجاب ولدين (بنجامن راين خمس سنوات، وفيفيان لايك سنة واحدة). هي تجسّد الكمال بعينه. ولدى التلاقي معها وجهاً لوجه، حدّقت بنا بعينيها الزرقاوين الكبيرين فبدت جميلة، وأجمل من الصور حتّى! تنقّلت، استعرضت وراقبت انعكاسها في المرآة. لقد كانت سريعة ومنتظمة وفاعلة، باختصار محترفة وصولاً إلى حذاء Ipanema. وحين ألقت نظرة على شاشة العرض أُغرمت بالصور ولا سيّما تلك التي ظهرت فيها عارية ومغطّاة بعلم البرازيل الذي تتعلّق بشعاره حتّى الموت Ordem e progress أي نظام وتقدّم. فإن كانت جيزيل موجودة اليوم معنا فلأنّها تريد الاحتفال بوطنها ومشاطرة شغفها حيال مونديال كرة القدم. "تحيا البرازيل، سنربح!"، كما صرّحت.
كيف تشعرين حيال مقاربة كأس العالم لهذه السنة في البرازيل؟
لطالما كانت كرة القدم جزءاً من الثقافة البرازيلية! حين انتقلت إلى الولايات المتّحدة الأميركية قال لي الناس: "يا إلهي أنت برازيلية. عندكم أسماء رائعة في كرة القدم مثل بيليه، غارينشا، سانتوس توريس، رونالدو...". يتحمّس الناس هنا كليّاً لكرة القدم. إنّه شغف! ولقد انتظرنا طويلاً لاستضافة كأس العالم هذا. انتظرنا خمسين عاماً ونحن سنربح هذه الكأس!
هل ستشاهدين المباريات؟
لو عاد لي الأمر لسجّلت هدفاً بنفسي (تضحك)! إنّه احتفال حقيقي وبالتأكيد سأكون موجودة وسأحتفي بتلك اللحظات الاستثنائية آملةً أن نصل إلى النهائي! سأدعم الـseleçao!
من أين تأتيك هذه الحماسة الوطنية؟
أنا فخورة للغاية بكوني وُلدت في البرازيل! أحبّ روح البرازيليين وأشعر بأنّ عندهم شيئاً غريباً مميّزاً وأنا أحس بفرحة عيشهم. عندهم دفء إنساني وحسّ الضيافة والاستقبال. وفي أول مرّة قدمت فيها إلى الولايات المتّحدة الأميركية رحت أغمر الجميع وأقبّلهم فنظر إليّ الناس باستغراب. وهذا بالتحديد ما سيكتشفه المشجّعون عنّا حين يأتون هذا الصيف من حول العالم لمشاهدة كأس العالم. سيتعرّفون إلى جمال البرازيليين وحيويّتهم!
هل تشعرين بالشغف حيال الرياضة؟
لطالما كنت رياضية منذ صغري إذ كنت قائدة فريق الكرة الطائرة. إنّ الرياضة جزء من حياتي وحتّى في فصل الشتاء أهرول بالشورت!
ما هي رؤيتك للجسد؟
إنّ الجسم كالمعبد. هو هديّة علينا تبجيلها والاعتناء بها. فلنحرّك ذاك الجسم! لم أعد ألعب الكرة الطائرة لكنّني أمتطي الحصان وأركب الأمواج وألعب الراكيت على الشاطئ. وحيث أكون أفعل أيّ شيء. كونغ فو، بيلاتس، يوغا... عليّ أن أشعر بأنّني أعيش وإن لم أتحرّك فهذا يعني أنّني لا أعيش.
ماذا تأكلين؟
في الماضي كنت آكل كلّ شيء من دون أن أقلق، أمّا حالياً فأنا أعرف أنّ في كلّ ما أتناوله شيئاً ما يمنحني الطاقة وشيئاً ما يجعلني أخسرها.
هل أنتِ نباتيّة؟
كلا! أنا مولودة في جنوب البرازيل، منبع اللحوم! ولكن من دون أن أكون متطرّفة أحتاج لأن أعرف من أين يأتي ما أتناوله! وإذا فكّرنا في الأمر، نحن نتناول ما تناولته قطعة اللحم التي نأكلها! فإن عولجت بالمضادات الحيوية أو غيرها فنحن نبتلعها بدورنا! لهذا السبب آكل القليل من اللّحوم وأفضّل عليها الكينوا والفاصوليا والفاكهة والخضار والبيض... عندي دجاج في المنزل.
ماذا تفعلين حين تكونين في رحلة سفر؟
ببساطة لا أتناول اللحوم. وقد صار السمك مشكلة أيضاً.
هل يأتي هذا الوعي عندك من تربيتك؟
كان أجدادي مزارعين وكنت أرى جدّتي تحلب البقرة. كان الأمر رائعاً إذ كانوا يقايضون المنتجات مع المزارعين في الجوار. كان هناك حسّ الجماعة. اليوم، أشتري أغراضي من سوق Farmers وهناك تعاونيات في بوسطن. ندفع شهرياً ونحصل على خضار الموسم. وأحياناً يحدث أن نتناول الكوسى لثلاثة أشهر (تضحك)!
هل تحاولين نقل هذه القيم لولديك؟
أحاول حثّهما من خلال زراعة الفاكهة والخضار معهما. وقد صارا يعرفان دورة المواسم. لمَ ليس هناك فريز في الشتاء؟ نحن نكرّس حياتنا للأرض! وصحّتنا تعتمد على صحّة أرضنا! فإذا لوّثنا الماء وقضينا على الأشجار ودمّرنا المحيطات فستعمل الأرض على تدوير ذاتها وستمحونا!
هل تحبّين تحضير الطعام؟
لست ضليعة تماماً لكنّني أتدبّر أمري وأقوم بوصفات بسيطة، مشويّة أو على البخار مع الكثير من الثوم والبصل في كلّ المأكولات لأنّ هذا يمنح نكهة لذيذة.
ما هي الوصفة البرازيلية النموذجية التي تحبّين إعطاءنا إياها؟
حساء الدجاج والخضار من والدتي. لقد صار الطبق المفضّل لدى ولديّ ويكمن سرّه في تقلية قطع الدجاج في الزبدة مع الثوم والبصل قبل إضافتها إلى الخضار المسلوقة.
كيف توفّقين بين الأمومة ومهنتك كعارضة؟
إنّه توازن لا بدّ من إيجاده! أحياناً أنام سعيدة وأنا أقول: "لقد قمت بعمل جيّد". وأحياناً أقول إنّه كان عليّ التصرّف بطريقة مغايرة. إنّها مسألة تدبير مستمرّ. لقد صار السفر أشدّ صعوبةً بالنسبة لي مع ولد أصطحبه إلى المدرسة وطفلة عمرها سنة وثلاثة أشهر تنتظرني في المنزل. الآن أشعر برغبة وحيدة هي البقاء في البيت. لحسن الحظ بعد 20 سنة من عرض الأزياء أنا قادرة على الاختيار. 20 عاماً!
كيف تفسّرين استمرارك الطويل في هذه المهنة؟
يحتاج الناس لأن يثقوا بي حين يحجزونني لعمل ما. وأقلّ ما يسعني فعله هو أن أكون موجودة مئة في المئة. لم أتأخّر يوماً عن جلسة تصوير فأنا أحترم الناس وأريد أن أمنحهم أفضل ما عندي في كلّ مرة، وحين أعجز عن تقديم ذلك أتوقّف عن العمل. عندي ملايين الصور في حياتي وفضولي بقي على حاله.
عشرون سنة في المهنة وما زلت بالحماسة ذاتها. ما هو سرّك؟
أنا آتي من مدينة فيها عشرة آلاف نسمة وحين بدأت بعرض الأزياء أدركت أنّني أحصل على فرصة فريدة وما زلت أحتفظ بهذا الشعور. عليّ تقديم الكثير من التضحيات وعليّ القيام بالمزيد. لكنّها نعمة من السماء!
كيف ترين المستقبل؟
أنا أركّز على اللحظة الآنية وغداً سيكون يوم آخر. أحبّ الاستفادة من الحاضر واليوم ما عدت أخاف من العمر.
هذا يعني أنّك تعيشين كلّ يوم بيومه؟
ماذا عندنا غير اليوم الحالي؟ لا نستطيع أن نعرف ما يخبّئه لنا الغد لذا أستفيد من اليوم الذي أعيشه ومن كلّ لحظة فيه وأجعل كل موقف فريداً من نوعه. وعلى سبيل المثال أنا هنا الآن معكم وهذه لحظة استثنائية لن تتكرّر على الأرجح!
ماذا بعد عرض الأزياء؟
أحبّ كثيراً العمل في مجال نسائي وسط جمعيّة يطغى عليها مفهوم التشاطر. تشاطر المعارف والخبرات... عندي فكرة بسيطة لكنّني أفضّل عدم التحدّث عنها لأنّه ليس هناك شيء منفّذ بعد، كي لا يخيب أملي.
ما هو وضعك الحالي؟
أحب أن أتعلّم كيف أعرف نفسي أكثر. كلّ يوم أتعلّم شيئاً جديداً عن نفسي. يمكنني أن أكون زوجة وأماً وصديقة وعارضة. ولكن في نهاية المطاف أجد نفسي أمام ذاتي وإنّ أكبر علاقة نقيمها في الحياة هي مع ذواتنا. عليّ العيش مع نفسي حتّى آخر يوم من حياتي!
حاورتها فيرجيني دولاتا
جيزيل بكل جمال
مظهرك اليومي؟ طبيعي.
مستحضراتك المفضّلة للنهار؟ ماسكارا شانيل ومرهم الشفاه RMS.
ماكياجك الجنوني؟ أضع ماكياجاً جنونياً بمناسبة الهالووين فقط!
المستحضرات التجميلية التي لا تستعملينها البتّة؟ بفعل عملي، جرّبت كلّ شيء!
أفضل نصيحة جمالية حصلت عليها؟ شرب الكثير من الماء وتناول مأكولات صحّية وممارسة الرياضة.
أسرار جمالية صنع البرازيل؟ شرب ماء جوز الهند الطبيعي.
ما هو سرّك لاسترجاع طاقتك بعد الولادة؟ ممارسة اليوغا والكونغ فو والبيلاتس أو التمارين العادية. واحد من هذه النشاطات كلّ يوم!
وصفة تزيل السموم من الجسم؟ أحب شرب الماء الساخن مع الحامض وفليفلة كايين حين أستيقظ من النوم.
ما هي فلسفتك الجمالية؟ خير الأمور أقلّها!