فيما يحتفل مهرجان الإمارات للآداب بالذكرى الخامسة عشرة لتأسيسه بحضور مؤلفات رائعات ومتحدّثات قديرات، جلست ELLE Arabia مع اثنتين من أصحاب الأسماء الأكثر غزارة في الإنتاج للتحدّث عن خوض المعارك الشخصية وتحدّي الصعوبات، وعن تخطّيها كلّها، ولماذا تشعران بالفخر عندما تستطيعان الارتقاء وإلهام الآخرين.
تسليط الضوء على شهد الشمري، الكاتبة الكويتية الفلسطينية...
تمّ تشخيصك بأعراض التصلّب المتعدّد عندما كان عمرك ١٨ عاماً. أخبرينا عن تلك الأشهر الأولى. وما كان مدى صعوبة ذلك بالنسبة لك؟
كما لأي شابة، كان ذلك بمثابة صدمة. أحبّ أن تقرأي العمل لاكتشاف الإجابة على هذا السؤال. جاءت الصعوبات من الوصم المجتمعي والأيديولوجيات المتحجّرة التي تخلق تمييزاً ضدّ ذوي الإعاقة ـ وليس من المرض نفسه فقط. هذا ما نطلق عليه اسم "النموذج الاجتماعي للإعاقة"، المجتمع هو جزء رئيسي من المشكلة والصعوبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة و/أو المرض، سواء كانت جسدية أو عقلية.
في Head Above Water، تكتبين عن الإعاقة والمرض كما تعاني منه امرأة عربية في مجتمع يحاول إخفاء معظم هذه الآلام. هل كان من الصعب الانفتاح حول الموضوع؟
بالطبع، لأنّ الكتابة مهمّة صعبة في البداية ـ ليس فقط للنساء، أو الأشخاص الذين يكتبون عن المرض. الكتابة تدور حول الضعف. عندما يكتب المؤلّف، يسمح لك بالدخول إلى ذهنه ومساحته الخاصّة، إنّه عمل ترحيبي من قبل المؤلف. أدعوكم إليه وأدعوكم للاستماع بتعاطف وبرغبة في تغيير المجتمع.
ما هو شعورك لمنحك هذه الأصوات المهمّشة منصة للتعبير؟
إنّه جزء مهم من حياتي ومهنتي. أقوم بتدريس الأدب ودراسات الإعاقة في الخليج، لذا فإنّ هذا جزء من مهمتي كأستاذة وناشطة. الأدب الذي يتكلّم عن المرأة العربية نادر جداً. بل من الصعب العثور على أبطال معاقين في الأدب ككلّ، أو في أدب الشباب، أو القصص الخياليّة، أو في المذكرات والكتابة عن الحياة. أعتقد أنّ الأشخاص الذين يعانون من إعاقات وآلام مزمنة بحاجة إلى من يمثّلهم.
هل تشعرين أنّ كتاباتك قد نجحت في تغيير بعض المواقف تجاه وصمة العار والعيب المرتبطين بالإعاقة في ثقافتنا؟
نعم. لديّ العديد من القرّاء الذين يأتون إلي لمشاركة قصصهم وأشعارهم وتصوّراتهم المتغيّرة حول الصعوبات التي يواجهونها. أتاح عملي حتى الآن للشباب أن يروا أنّ الجسد ليس مخجلاً، وأنّ الجسد المعاق جزء من التجربة البشرية، وأنّ الشفاء ضروري. الشفاء من الأفكار المتحجّرة، والوصمة الضارة، والطريقة التي لا يزال المجتمع يُسكت فيها الناس (خاصة النساء) عندما يناقشون ضغوط المجتمع الأبوي والمتحجّر الذي يخلق تمييزاً ضدّ ذوي الإعاقة. لديّ العديد من القرّاء الذين يفكّرون الآن في أنّه يجب أن يكون هناك تمثيل أفضل للإعاقة في وسائل الإعلام والأدب.
يعتبر سرد القصص جانبًا مهماً في روايتك. لمَ ذلك؟
الأدب يخلّص الناس ويحفظهم. وأنا أؤمن بذلك. بالنسبة لي، ساعدني الأدب على فهم العالم. للقصص القدرة على شفائنا ومساعدتنا وإعطاء معنى لحياتنا. نتعلّم من الأدب، والرّوايات، والشخصيات، والمؤامرات، والصراعات. كل شيء في الحياة يدور حول الرواية.
لو نظرتِ إلى الوراء، ما الذي كنت ستغيّرينه بشأن التوصّل إلى تقبّل المرض / التعامل مع تشخيصك المبكر؟
بالتأكيد، حبّ الذات أكثر وتقبّل الأمور أكثر. وبالتأكيد كنت سأحبّ رؤية تمثيل الإعاقة في الأدب ووسائل الإعلام. عندما كنت طالبة شابة في الأدب، أذكر أنّه كان من الصعب جداً العثور على أي تمثيلات إيجابية أو "طبيعية" للإعاقة في الشعر أو الخيال أو الواقعية. كنت أرغب في قراءة المزيد عن الإعاقة في الأدب، والعثور على المزيد من النماذج الإيجابية، وفهم أنّ العار داخلي. كنت أحببت أن أفهم كيف يعمل المجتمع من وجهة نظر اجتماعية ونفسية. كنت سأتمكّن من التأقلم بشكل أفضل لو كان يُنظر إلى الكتابة على أنّها طريقة للشفاء. اليوم، يعدّ العلاج من خلال تسجيل اليوميات ومن خلال الكتابة ضروريّاً للعديد من الأشخاص المصابين بأمراض عقليّة أو جسديّة.
ما هو الدرس الأهمّ في هذه التجربة الذي تريدين أن يتعلّمه الآخرون؟
تدور الحياة حول التجارب، ولكن من المهم أن تكوني قادرة على تأليف حياتك الخاصة، وعلى تحمّل المسؤولية، وإعطاء معنى للفوضى. من المهم أن تقرأي عن تجارب الحياة المختلفة، من المذكرات إلى كتابة الحياة، والقصص السردي، وقراءة المزيد عن الجسد. نحن لا نحتاج فقط إلى مذكرات المشاهير، نحن بحاجة إلى كتابات عن حياة الأشخاص العاديين لمساعدتنا في التغلّب على آلامنا وحياتنا. أتمنى لو كان لدي المزيد من الكتابات عن الحياة متاحة لي، لذلك آمل أن يقدّم عملي اليوم للناس نظرة ثاقبة عن المثابرة وعن التمييز ضد المعاقين.
أنت من المؤلفين الرائعين في مهرجان الإمارات للآداب القادم في دبي، ما هي بعض النقاط الرئيسية من الجلسة المخصّصة لك في المهرجان؟
أنا متحمسة للمشاركة في مهرجان طيران الإمارات للآداب حيث سأناقش عملي على أنّه مستثمر في قصص حول المرض والإعاقة. عندما يتعلق الأمر برواية الألم، فإنّنا غالباً ما نكافح لإيجاد لغة للقيام بذلك. سأناقش أهمية رواية القصص في حياتنا. بدون رواية القصص، ليس للحياة معنى. كل شيء في الحياة يدور حول القراءة والكتابة والقصص. الكلمة الأولى التي أُعطيت للنبي محمد كانت "إقرأ"، نحتاج إلى القراءة من أجل البقاء على قيد الحياة.
ما هي الكتب التي يمكن أن نجدها على طاولة القهوة لديك؟
تغيير الصمت من تأليف إيتيل عدنان؛ كيفية الإصلاح: أشباح الأمومة من تأليف إيمان مرسال؛ أمي وأنا وأمي من تأليف مايا أنجيلو.
نصائحك حول تنسيق مكتبة منزلية مثالية؟
تأكدي من وجود قصص خيالية وواقعية. أنا أيضاً أحبّ أن أرى كتبي المفضّلة سهلة المنال.
٣ مؤلفين تودّين دعوتهم لتناول العشاء؟
مارجريت أتوود، ميليسا فيسبوس، وعازار نفيسي.
نوع الأدب المفضّل لديك؟
المذكّرات.
الاقتباس الذي يصفك بأفضل شكل؟
"من الناحية الديناميكية الهوائية، لا ينبغي أن تكون النحلة الطنّانة قادرة على الطيران، لكن النحلة الطنّانة لا تعرف ذلك، لذا فهي تستمرّ في الطيران على أي حال".