في "قاموس الموضة الصغير" Little Dictionnary of Fashion، كتب "كريستيان " قائلاً: "من بين الألوان كلها، وحده اللون الأزرق الكحلي يمكنه منافسة اللون الأسود، كونه يتّسم بالصفات نفسها". تعيد ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الفنية لقسم مجموعات الأزياء النسائية لدى "ديور" تفعيل رموز إرث الدار المختلفة بطريقة متمّردة تخلو من الفيتيشية أو الحنين إلى الماضي: إذ تعمد في مجموعة أزيائها الجاهزة لخريف وشتاء الـ2017-2018 إلى استكشاف لون شكّل أحد الألوان المفضّلة والرائعة بالنسبة إلى السيد "ديور".

 

فالأزرق هو اللون الطاغي في لوحات القرن العشرين، لتميّزه بإظهار العمق والمشاعر في أعمال فنانين أمثال بابلو بيكاسو Pablo Picasso، وخوان ميرو Juan Miró، وبول سيزان Paul Cézanne، ومارك شغال  Marc Chagall.

 

روح عسكرية طغت على عرض ديور Dior من أ Paris Fashion Week FW 2017-2018، والذي يحمل في طياته آثار من أول تصميم نسائي تمّت خياطه لعاملات المصانع في زمن الحرب العالمية الثانية، ممزوجاً بأسلوب الأزياء التي كنّ النسوة يرتدينها في السبعينيات مع إنطلاق الحركة النسائية الأولى في أوروبا. فبدت التصاميم شبابية إن من حيث القصات أو من حيث الأسلوب، كما كان لقبعات البيرييه وحقائب الكتف التي تحمل شعار الدار، الحصة الأكبر من العرض. 

 

والمفاجأة هذا الموسم هو اللون الأزرق بتدرجات الكحلي وأزرق الدنيم، الذي كان سيّد الألوان في المجموعة التي جمعت الفساتين والمعاطف والبذلات وفساتين التول المطرّزة بالبريق وفساتين من حرير التافتا، والتنانير المزينة بالأحزمة، وتصاميم أخرى تحمل تطريزات مستوحاة تارةً من الرسامين بيكاسو وشاغال، وتارةً أخرى من من عالم الكواكب والنجوم.

 

تتألف المجموعة من سلسلة من القطع التي تعيد وصل المشاعر والأحاسيس والذكريات ببعضها البعض. مستوحية من القلنسوات الواسعة المستعارة من أزياء رجال الدين، تعيد ماريا غراتسيا كيوري ترجمة فكرة إطلالة الراعي التي ظهرت في مجموعة أزياء الـ "أوت كوتور" لخريف وشتاء العام 1949، مع مجموعة من السترات والتنانير، والأثواب، والكابات والمعاطف والسترات الصغيرة بأسلوب الطيارين لتعيد إظهار أبّهة القلنسوة الأصلية وفخامتها بتجسيدها بموقف عصري ورياضي أكثر، مستخدمة المواد التالية بتمرّد: التفتا، والمخمل، والأقمشة ذات النمط المتعرّج والصوف.

 

ويتم استخدام اللون الأزرق الذي يرمز إلى السلطة والجمال والروحانية في أزياء يمكن ارتداؤها من قبل الجنسين وللتعبير على الاختلافات والفوارق. فهو يقع ما بين الطبيعة والثقافة، ويعتبر لون الروح ولون التواصل مع اللا حدود بداخلنا وما بعد. وهو ينشئ رابطاً بين غموض القمر والمذنّبات والكواكب التي تتفجّر على الأثواب المخملية الفاخرة والمترفة أو على قماش التول المتدرّج الذي يمتزج باللون الأزرق الرمادي الذي يميّز تطريز أزهار الزنبق. يثير اللون الأزرق الذهول والإعجاب من خلال صداه العاطفي رغم تميّزه بصفات اجتماعية. فهو يعبّر عن شريحة كبيرة فعلاً على مستوى التنوع والسن والمرتبة الاجتماعية.

 

ورغم كونه رمزاً للأميرات والملوك، إلا أن اللون الأزرق يرمز أيضاً إلى لون ثياب العمل. كاللون الأزرق الذي يميّز السراويل الفضفاضة الواسعة والبلوزات والقمصان المغسولة الذي يعطي قصة الألوان الخاصة بالدار هوية جديدة.

 

غاصت ماريا غراتسيا كيوري تماماً بطبيعة هذا اللون المعقّدة والمتكلّفة مع موسيقى البلوز وأروع فنانيها أمثال "نينا سيمون" Nina Simone وأغنيتها بعنوان "بلو بريلود" Blue Prelude التي تثني على أنوثة لون يجمع أعماق المحيط بآفاق السماء اللا محدودة موحداً إياها وماحياً الحواجز بينها.

 

 

شاهدي عرض ديور لخريف وشتاء 2017-2018 في الفيديو التالي: 

 

 

 

المزيد
back to top button