"إنّ محاولة تغيير شيء في ظلّ هذه الظروف هو أشبه باقتلاع شجرة من جذورها بيدين فارغتين."
ما الذي دفعك للاهتمام بموضوع البيئة؟
إنّ التجربة التي بدّلت فكري بالفعل كانت رحلةٍ قمت بها إلى نيودلهي. فإنّ العيش في هذه المدينة لا يطاق بسبب مزيج الحرارة المرتفعة وتلوّث الهواء. وكنتُ من المحظوظين القلائل في المدينة الذين نعموا بفرصة الهرب من تلك الأجواء للالتجاء إلى غرفٍ مزوّدة بمكيّفات هوائية مع الإبقاء على الجسم مرطّباً بفضل المياه النظيفة. إنّ إدراك هذا الأمر فتح عينيّ جيداً على الحقيقة. قد يبدو الأمر سخيفاً لكن في الواقع كان ضرورياً حتّى أختبر مثل هذه المشاهد وأعمل على التحرّك خارجةً من قوقعتي.
أيّ جانب من جوانب تبدّل المناخ تجدينه أكثر إلحاحاً اليوم؟
إنّ الموضوع الأكثر خطورةً ولا بدّ من الإسراع في معالجته هو حرق الوقود الأحفوري. في مجال محاربة تبدّل المناخ والحدّ من الاحتباس الحراري، ليس هناك خطوة أهم من ذلك بيد أنّنا نشهد على بناء محطّات جديدة لتوليد الطاقة من الفحم في 26 بلداً بما فيها بولندا، وطني الأم. بالتأكيد يصعب على السياسيّين مجرد التفكير بعالم خالٍ من الوقود الأحفوري لأنّ هذه الصناعة تعود بغالبيّتها إلى الدولة و80 في المئة من الطاقة ينتج عن الفحم المعروف بكونه "الذهب الأسود". إنّ محاولة تغيير شيء في ظلّ هذه الظروف هو أشبه باقتلاع شجرة من جذورها بيدين فارغتين. لذا، نحن بحاجة إلى كثيرٍ من الأيادي.
هل تعدّ الحركة الشعبية مفيدة لحلّ أزمة المناخ؟
على المقاربة أن تذهب من الأسفل صعوداً ومن الأعلى نزولاً لتكون نقطة الالتقاء في الوسط. ممّا لا شكّ فيه أنّ التحرّك الشعبي لوحده لا يكفي لإيجاد الحلّ لكنّه يدفع بالحكومات إلى إيجاد حلول هي في الأساس موجودة على الطاولة. يمكن للحراك أن يخلق زخماً ويزيد الوعي الاجتماعي حول الأزمة لكنّه يتطلّب وقتاً طويلاً ليَبلُغ إلى جميع طبقات المجتمع في كلّ أنحاء العالم. لا بدّ من تنفيذ بعض التغييرات لا سيما في وجه المشاكل الطارئة الخاصة بالمناخ – لكن لا يمكننا انتظار كلّ شخص ليبدأ بفعل شيء للحفاظ على البيئة وإلاّ قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً. من جهة أخرى نحن نحتاج إلى مشاركة كل الشعب بنسبة 100 في المئة.
من هو مثالك الأعلى، من الماضي أو الحاضر؟
من الأشخاص الذي يثيرون إعجابي بولي هيغينز وهي محامية كرّست حياتها للدفاع عن البيئة. ومن أبرز أهدافها الاعتراف بالإبادة البيئة على أنّها جريمة دولية. وهذه قد تكون أداةً قانونية مذهلة تجعل الشركات الكبرى والحكومات مسؤولة جنائياً عن الضرر الحاصل للنظام البيئي. كذلك، أجد بسهولة مثالاً يُحتذى به بين أولئك الشباب الذين ينظّمون التحرّكات من أجل المناخ في بولندا فهم مندفعون وجريئون ولا يقدّمون التنازلات! ويا ليت الجميع يتمثّل بهم!
ماذا يمكن للناس أن يفعلوا لحماية كوكبهم في حياتهم اليومية؟
التقليص من الاستهلاك. أظنّ أنّها لخطوة ممتازة أن نتعلّم عادة طرح التساؤلات على أنفسنا قبل القيام بأية عملية شرائية (لا فرق إن كان لوح شوكولا أو زوج حذاء أو سيارة جديدة): هل نحتاج فعلاً إلى هذا الغرض؟ وبالأخص لا بدّ من التخفيف من استهلاك اللّحوم. فالزراعة الحيوانية مسؤولة عن حوالى 15 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة التي يسبّبها الإنسان حول العالم. ومن أفضل الخطوات التي يمكن أن يباشر بها الفرد من أجل الكوكب: اتّباع حمية غذائية نباتية أو شبه نباتية أو تقليص كمية اللّحوم. وأخيرا، لا بدّ من التكلّم مع الناس حول موضوع تغيّر المناخ فحتّى لو وجدوا الأمر مضجراً لا يجب التردّد في الكلام عنه!
أين نترك الأثر الأكبر على صعيد الاستهلاك؟
إنّ صناعة الموضة مسؤولة أكثر من عالم الطيران عن زيادة كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الإنسان. فإذا أخذنا تيشيرت بسيطة نشتريها من متجر رخيص نجد أنّ لها حكاية طويلة فهي تُقحم استخدام الأراضي للمحاصيل من أجل إنتاج المواد الخام، واستخدام المواد الكيميائية واستعمال الطاقة للنقل من قارة إلى أخرى – وكلّ ذلك يجعل من قطعة الثياب الرخيصة هذه استثماراً مكلفاً للغاية. يقودنا منطق الموضة السريعة إلى النظر إلى الثياب على أنّها سلع يمكن التخلّص منها بسهولة فلنبسها مرة أو اثنتين ومن ثمّ نرميها. كأفراد علينا أن نُحسن التصرّف عند استهلاك ملابسنا فبدلاً من شراء تنورة جديدة يمكننا أن نصلح القديمة أو أن نشتري قطعاً مستعملة أو حتى أن نتبادل الثياب مع الأصدقاء (وهذا ممتع أيضاً)!
هل تطوّرت الإجراءات القانونية المرتبطة بالنشاط المناصر لتحسّن المناخ؟
لا شكّ في أنّ هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الإجراءات القانونية التي تتناول موضوع تغيّر المناخ. إذ تُطبّق الآن العديد من الدعاوى الاستراتيجية القضائية التي كانت غير واردة من بضع سنوات. ومن إحدى أشهر الحالات القانونية في هذا الخصوص ما يُعرف بمصطلح Urgenda حيث فاز 900 مواطن بالقضية ضدّ الحكومة الألمانية التي كانت تعرّضهم للخطر لأنّها لا تتّخذ الخطوات الكافية لمحاربة تبدّل المناخ. ومن الشؤون القضائية الأخرى المثيرة للاهتمام نذكر تلك التي طرحتها مجموعة من 16 ولد (بمن فيهم غريتا ثنبرغ) مباشرةً بعد قمة العمل من أجل المناخ في نيويورك في أيلول/ سبتمبر. وقد أعلنوا أنّ خمس دول تنهب حقوق الأطفال من خلال الاستمرار باستخدام الوقود الأحفوري والعجز عن تقليص نسبة انبعاثات الكربون. أمّا هدفهم فهو الاعتراف بأنّ تغيّر المناخ هو أزمة تطال حقوق الأطفال.
صحيحٌ أنّ القوانين الثابتة ما زالت غير قائمة (بحسب معلوماتي) لكنّ ترجمة القوانين الموجودة قد بدّل الوضع لصالح الناس الذين يعانون من تأثيرات تبدّل المناخ والتلوّث البيئي.
هل تودّين توجيه رسالة إلى قرّاء مجلة Elle تتعلّق بتبّدل المناخ؟
فكّروا مليّاً في الأمر!