يتشرف ماد غاليري دبي بإقامة معرض فريد للفنان الفرنسي داميان بينيتو تحت عنوان "التباينات البصرية"، والذي يشتمل ستا من آلاته الحركية الثرية بالإضاءة، الاّسرة والأحادية اللون. ويستمر المعرض من 27 فبراير ولغاية 26 ابريل 2017.
بوصفه مصوّراً فوتوغرافياً بالتدريب، يبتكر بينيتو إبداعات فنية تدور حول مفهوم الضوء، ويقوم بتصويره بأسلوب يجعله شبه ملموس .
وعن ذلك يصرح بينيتو قائلاً: "يرتبط عملي ارتباطاً وثيقاً بخبراتي السابقة في التصوير الفوتوغرافي"، ويضيف: "في تلك الفئة التي تتناول المنحوتات الحركية الصغيرة، أوظِّف كل خبراتي ومعارفي ذات الصلة بالضوء من أجل تجسيده في منحوتات ملموسة. وتماماً مثل التصوير الفوتوغرافي، أستعملُ الضوءَ لتحقيق تأثير بصري معين".
وهذا بالفعل ما يحققه هذا الفنان في واقع الأمر، حيث تمتاز ثمرات جهوده في تجسيد الضوء بطابع المرح والحيوية والحركة، ويسهل تمييزها على الفور، ومع ذلك تمتاز أعماله بثرائها بطابع التباين وبما تخلّفه من تأثيرات بصرية آسرة.
وقال ماكسيميليان بوسير، مبتكر ومؤسس ماد غاليري: "داميان فنان حالم ومحترف ومبدع. ترك كل شيْ خلفه واجتهد وعلم نفسه مهارات جديدة لتحقيق رؤيته وهدفه في ابتكار وتصميم المنحوتات الميكانيكية والبصرية، وقد كانت ابداعاته أحد أسباب وجود ماد غاليري. تعد منحوتاته الحركية وفلسفته الإبداعية خلاصة ما نبرهن عليه في ماد غاليري، ونحن فخورون بأننا نعرض موهبته المميزة"
وقد تشكَّل دافع بينيتو القوي نحو الفنون الحركية من إحدى مجموعاته من الصور الفوتوغرافية التي صوّرت بالونات بيضاء معلّقة داخل غرفة بيضاء مضاءة بضوء السماء، ليس أكثر. وقد ألهب هذا المشهد شغف المصوّر بأسلوب إدراك أحجام الأشياء في مختلف مواقف الإضاءة. وبمجرد أن أضاف الفنانُ البُعدَ الحركي إلى المعادلة، وُلِدَت "التباينات البصرية".
وعن ذلك يقول بينيتو: "لطالما كنت مهتماً بالميكانيك والآلات"، ويضيف: "تاتي أهم التأثيرات التي سيطرت على ذهني من المنحوتات الصغيرة، والتي تجسّدت في أعمالي عبر مزيج من الجماليات الهندسية، الحزم، و البساطة".
وفي مستهل جهوده الإبداعية على الورق، يبدأ بينيتو برسم مختلف الأشكال والتجارب بالاستعانة بالتأثيرات البصرية التي تتخذها هذه الأشكال في مختلف مواقف الإضاءة، ثم يعمد إلى إدخال هذه الأفكار إلى الكمبيوتر، بما يساعده على تشكيل مختلف التفاصيل التقنية لمنحوتاته. و من ثم تأتي مرحلة التنفيذ و التي تستغرق طويلا.
ووفقاً لبينيتو، فإنه من أجل: "صنع منحوتة واحدة، يتطلّب الأمر من ثلاثة إلى ستة أشهر من العمل. ومعظم هذا الوقت يقضيه في تجربة مختلف التأثيرات الضوئية على القطعة".
ويفضل بينيتو استعمال الألمنيوم، لأن معالجة سطح هذا المعدن خفيف الوزن بالطريقة الأنودية يخلِّف درجةً أكثر عمقاً للون الأسود. وعند إضاءته باستعمال مصابيح "ليد"، يعرض هذا اللون الأسود طيفاً كاملاً يشمل كل تدرجات اللون الرمادي.
وخلال عمله داخل مشغله الخاص، فإن بينيتو -وهو بالمناسبة خبير في الماكينات والآلات- يستعمل ماكينات الجرش، والصقل، و خراطة المعادن من أجل تشكيل ابتكاراته، وهو ما يصفه الفنان بـ"الجانب الشائك" في العملية الإبداعية.
ومن تراكيبه بصالة ماد غاليري دبي يتلاعب الفنان الفرنسي بالبندول، حيث ياّخي حركته المتأرجحة، مع الضوء من أجل ابتكار ظاهرة ثنائية آسرة.
وفي منحوتة التباينات الفضائية والتباينات الكروية، تتردد كرة معدنية متموجة ببطء على مسارها المحدد سلفاً، بينما تنثر الضوء والظل في الفضاء المحيط، تماماً وكأن الضوء ينبض بالحياة، بل ويتنفس.
أما التباينات الطولية فتتلاعب بمصدر متحرك للضوء مع مرورها عبر هيكل مجوّف، يلتقط الضوء ويعكسه على هيئة وميض برّاق، بما يشبه الإشارات الصادرة عن المنارة.
بالإضافة إلى "التباينات المظلمة" و"التباينات بيضاوية الشكل،" حيث يخرج الضوء بأمان من مركز المنحوتة، ويمتد على سطح النتحوته إلى الخارج. ويرجع ذلك إلى نظام الميكانيكية التي تحدد حركة الضوء من الأمام إلى الخلف، مما يسمح لأشعة الضوء بالإضاءة على مركز المنحوتة. وتأخذ "التباينات المظلمة" شكلا دائريا بينما تتخذ "التباينات البيضاوية" لشكلا مختلفا، و كلاهما يعكسان انطباع النور الداخلي المتدفق إلى الخارج.
وعن هذا المعرض، يقول بينيتو: "... الأفكار المعنية بالزمن، والفضاء، والقوى غير المحسوسة، كلها حاضرة"، خلال استكشاف الفنان للطبيعة الدورية لحركة الضوء عبر الأشياء وخلالها.
ويأمل الفنان في ألّا ينخرط مشاهدو أعماله بشكل أكثر من اللازم في التفاصيل والأساليب التقنية، وأن يتمكنوا بدلاً من ذلك من ملاحظة الطبيعة التجريدية لأعماله والتأثير الفريد الذي تخلّفه منحوتاته الضوئية.
ويشمل إصدار التباينات بيضاوية الشكل والتباينات الفضائية المحدود على ثلاث قطع فقط
والتباينات المظلمة تقتصر على خمس قطع أما التباينات الكروية فتقتصر على سبع قطع
والتباينات الطويلة تضم منحوتات بحجمين مختلفين (كبير وصغير)، و تقتصر على ثلاث وسبع قطع على التوالي.
نبذة عن الفنان داميان بينيتو
وُلِدَ داميان بينيتو في لاي لي روز بفرنسا عام 1971.
وبعد تخصصه في مجال التصوير الفوتوغرافي، التحق بينيتو بوكالة MPA الإعلامية المتخصصة في الصور الفوتوغرافية للاشخاص. وفي تلك الأثناء، عمل أيضاً تحت إشراف الفنان الفرنسي الأسطوري يان كيرسالي في جمع التقارير الفوتوغرافية حول مشروعات مثل جسر نورماندي، و"بارابولا" في كاهورس بفرنسا.
ثم تحوّل بينيتو إلى مشروعات خاصة بتصوير المشاريع المعمارية ، وفي 1998، أسس "لي سيكلوب"، وهو مشروع لمجموعة من المصوّرين الفوتوغرافيين المهتمين بالأزياء. وتم نشر أعمال المجموعة في مجلات وصحف حول العالم.
وبعد تحويل مساره المهني من مصور فوتوغرافي إلى نحّات الضوء، حازت أعمال بينيتو على اهتمام معرض ماتياس كولود في باريس، حيث عرض أعماله.
وبشأن التوجهات المستقبلية لعمله، يقول بينيتو: "أخطط لمتابعة أبحاثي حول الضوء المتحرك والتباينات الدقيقة للأحجار والخامات في المنحوتات الصغيرة".
ويعيش بينيتو حالياً ويعمل في ضاحية إيڤري سور سين الباريسية.