منذ سنوات، وقبل التطوّر الذي وصل إليه مجال البناء، كان يتمّ تشييد المنازل بطرق تقليديّة من الطين، والتي بقيَ بعضها صامدًا أمام الكثير من التغيّرات المناخيّة القاسية، والحروب. معظم هذه البيوت ما زال موجودًا اليوم، وذلك في دول عربيّة عدّة، حيث تحوّلت إلى معالم أثريّة يستكشف الزوّار من خلالها الكثير عن تاريخ المنطقة، ونمط الحياة التي عاشه شعوبها قديمًا، والأمر اللافت، أنّ البعض منها ما زال مأهولًا من قِبل السكّان الحاليّين. وفي ما يلي، سنخبرك عن أبرزها.
صنعاء في اليمن
تتميّز العاصمة اليمنيّة صنعاء، بنمط العمارة فيها، إذ تتألّف من مبانٍ مُشيَّدة بالكامل من الطين، ومزيّنة بأنماط هندسيّة لافتة. بعض هذه المباني والبيوت موجود منذ سنوات، وأخرى تمّ تشييدها حديثًا إنّما مع الحفاظ على الهويّة الأساسيّة، وهذه الهندسة ساهمت في منح العاصمة صفة موقع للتراث العالميّ، حيث تمّ القول «تُظهِر المباني براعة استثنائية في استخدام المواد والتقنيّات المحليّة». وليس مظهر المباني هو وحدها ما يمنحها هذه القيمة، بل أيضًا كونها معزولة جيّدًا ومستدامة وقابلة للتكيّف مع الاستخدام الحديث.
الدرعية في السعوديّة
تحتوي الدرعية أحياء كاملة مبنية من الطين، وستضمّ قريبًا مشروع «بوابة الدرعية» الذي ستُبنى به أكبر مدينة طينية بالعالم. ومن بين أحيائها، حي الطريف، الذي يضمّ قصر سلوى الذي تصل مساحته إلى 10،000 متر مربّع ويتألّف من 7 طبقات، وهو يوثّق حقبة تاريخيّة مهمّة في تاريخ السعوديّة، إذ يقف شاهدًا على تاريخ تأسيسها. لقد تمّ تشييده في العام 1766 ميلاديّ، على يد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، ليكون قصر الحكم، ومقرًّا لأمراء وأئمّة آل سعود، ومنه صدرت أوامر الامتثال للتعاليم الدينيّة.
العين في الإمارات
تحتوي مدينة العين الواقعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حوالي 100 مبنى طينيّ، التي تمّ اكتشافها أثناء التنقيبات الأثريّة التي أجريَت فيها، إذ يعود تاريخها إلى الفترة الإسلاميّة المبكرة. إنّ 90٪ من هذه المباني يقع ضمن الواحات المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالميّ، ومن بينها قلعة الجاهليّ، ومركز القطارة للفنون، وقصر المويجعي، وسوق القطارة.
البلدة القديمة في العلا
تعدّ البلدة القديمة في العلا من أشهر المواقع الأثريّة في السعوديّة، وهي تضمّ متاهات من الأزقّة الأثريّة التي تحتوي منازل مبنيّة من الطوب الطينيّ، والتي تصطفّ بجانب بعضها الآخر كالحصن القويّ. لقد بُنيَت هذه البلدة في القرن الثاني عشر، وتحوّلت إلى محطّة استراحة أساسيّة على طريق الحج من دمشق إلى مكّة المكرّمة، ومن أشهر معالمها، القلعة التي يصل ارتفاعها إلى 45 مترًا، والتي تمّ تشييدها لتكون برجًا للمراقبة وحصنًا للدفاع عن سور البلدة الذي تضمّن 14 بوّابة.