تنجز التشكيلية عبير العيسى جسر التفاعل مع الأشكال البصرية بلغة بورتريهية، جوهرها مواد واقعية تتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، تطاوع مسار التفاعلات التي يحملها اللون والشكل، وطريقة توظيفهما دلاليا وجماليا، ذلك ما تكشف عنه اللغة البورتريهية وفق مقاربات لونية تنتج عنها حزمة من التعابير. تتشكل هذه اللغة بتقنية عالية الجودة، تزكيها الاستعمالات المختلفة والخامات، وهي تبرز قدرة الفنانة التحكمية في الفضاء وفي المادة الواقعية، وتنم عن موهبتها ومؤهلاتها الكبيرة في الإنجاز.
تقول الفنانة عبير العيسى " إن الربط بين العناصر المكونة للأعمال، وتسريحها عن طريق مجموعة من العناصر المتباينة، والاستخدامات التحولية، يشكل نوعا من التخلي عن الجاهز، وصيغة جمالية جديدة لعصرنة البورتريه وتوجيه المسلك الواقعي نحو بناء جديد يأخذ بعين الاعتبار الجانب الجمالي والاعتناء بقيم السطح والتدليل على رقي الملمس التشكيلي "
وأضافت الفنانة عبير العيسى " الفن هو عبارة عن ابداع حر يتكون من وجهة نظر المبدع والفنان، وقدرة الشخص في التعبير عن شئ بشكل جمالي وغير تقليدي سواء كان حركي أو بصري، والرسم بالنسبة لي حكاية عشق لا تنتهى، فهو بالنسبة لي علاج لروحي ومصدر لرسم الابتسامة على وجهي، وبوابة لابعاد الافكار السلبية من تفكيري، فالرسم متعة لاتنتهى، وبمجرد أن امسك قلمى اتمنى ان اصل للعالمية لاكون فنانة عالمية، وأن أُكوِن عالمى الخاص واسلوبي الخاص لفني وافكاري، فأنا لا أتبع نهج مدرسة معينة، انما اتبع مدرسة افكاري"
تشكل الإبداعات اللونية للفضاء الناعم، المُباشِرة فوق الخامات، كشفا عن المعنى القريب والبعيد، وضربا من التواصل بين تلك الألوان وبين كل العناصر المكونة للعمل الفني.
فالمادة الواقعية تفصح بشكل صريح عن التوجه الفني المنسل من تعدد الرؤى وسلطة التصور، بتوظيف محكم، ومَبهَج لوني يُؤثر في الشكل التعبيري ويُدججه بالجماليات. فمختلف اللمسات الفنية الفاتنة، كلها تعبيرات حتمية تسكبها المبدعة عبير العيسى بصدق وتحملها باجتهاداتها الموفقة. وهي تقاربها كذلك بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يشكل انسجاما قويا، وتوليفا بائنا، بينها وبين أحاسيس القراء، خاصة أن أعمالها الواقعية والبورتريهية مليئة بالإيحاءات، وبنوع من الرمزية التي تتدفق بمعان ودلالات قوية. وهو ما يجعل أعمالها التشكيلية في الصفوة، باعتبار أن الموضوعات التي تشتغل عليها تنسجم مع التوجه التشكيلي الواقعي المعاصر الذي يجسد فيه البورتريه كل معاني الموضوعية.
كل ذلك يجعل من تجربة المبدعة أرضية خصبة لإنتاج لغة بورتريهية مليئة بالعوالم والمعارف والطبائع التعبيرية الواقعية المعاصرة، تتبدى في سياقات تعبيرية متنوعة، تتميز بالجدب البصري وبالتحويلات الفنية التي تحقق الإشباع الفني. وتشكل كل المفردات الموتيفية داخل الفضاء تكوينا خاصا ولغة أخرى تعبيرية مرئية تُنتج مجموعة من الدلالات الصورية والمعاني التنوعية المضمرة في عمق المضامين البورتريهية التي تعبر في نطاق العمل الفني الواقعي عن رؤية واقعية من منظور تصوري للفنانة عبير العيسى، وهو ما يعد سندا أيقونيا مرئيا ملموسا، وفي الآن نفسه مادة فنية واقعية عميقة الدلالة، ولغة تشكيلية مبنية على أسس فنية متحولة تثقل الفضاء بالإيحاءات وتضع العمل التشكيلي في سياق جمالي واقعي، ينطق لغة بورتريهية حمالة لعُدة من الدلالات تترك الأثر الفني في نطاق الحيز المشكّل للنظام التشكيلي الواقعي الذي تبرز منه العلائق القائمة بين الدال والمدلول، حيث يصيب أدوارا فاعلة قوامها الإحداثات الجديدة النابعة من مختلف القضايا الإنسانية.
وفي سياق آخر، تشكل الإبداعات اللونية للفضاء الناعم، المُباشِرة فوق الخامات، كشفا عن المعنى القريب والبعيد، وضربا من التواصل بين تلك الألوان وبين كل العناصر المكونة للعمل الفني. وبذلك فهي تعدل بين عمليات التركيب وتوزيع اللون الجميل والمساحات، لتستهدف مباشرة استخراج المعنى بواسطة لغة بورتريهية تتمظهر عبر مجموعة من المقومات الجمالية، وهو ما يدل على الكفاءة العالية للمبدعة التي تبحر في عالم واقعي متجدد.