مغتربون في رمضان :رسائل من الذكريات والحنين

يأتي شهر رمضان المبارك وتحلو معه ذكريات الماضي الجميل، ليبدأ كل مغترب يحن ويشدو إلى رائحة الوطن حيث الذكريات المرتبطة بالحنين والدفء لأجواء العائلة والأصدقاء، وتحتضن دولة الإمارات أكثر ممن 200 جنسية تعيش على أرض الوطن، فكيف يقضي أبناء الغربة رمضان في دولة الإمارات؟

 

هذا هو أول رمضان يقضيه محمد فيصل، 24 سنة، باكستاني، وهو بعيد عن موطنة وأسرته، يقول: " من 8 أشهر وأنا أعيش الغربة بعيداً عن أهلي الذين لم أفارقهم لحظة واحدة، ولكن بمرور الوقت تعودت على الغربة، وخاصة أن دولة الإمارات هي ملتقي لمعظم جنسيات العالم، لذلك كونت صدقات جميلة جداً خلال فترة قصيرة، وكنت أظن أن رمضان سيكون صعباً علي وخاصة وأن في بلدي باكستان نعتمد على الأجواء العائلية والمسامرات بين الأصدقاء، لكن أصدقائي وزملائي في العمل ساعدوني على تجاوز ذلك. أما بالنسبة لطعام الإفطار، فقبل أن أسافر والدتي علمتني على بعض الطبخات المحلية والتي أفضل تناولها في رمضان، وهي " الباكورة، والبرياني، والسمبوسة" لذلك أعمل على طبخهم بمفردي، ولا أعتمد على الأكل الجاهز لأن رمضان لا يكتمل إلا باللقمة الطيبة، لذلك أصدقائي يفضلون تناول طعام الإفطار سوياً معي". 

 

 

أطباق متداخلة ووالدتي أكثر ما أفتقد

يقول حمدي مسعد أبو النجا، مصري، 38 سنة، أن رمضان لا يحلو إلا في الوطن و بصحبة الأهل والأولاد، يقول: " عشت خمس سنوات في الغربة، ولكن بفضل من الله قبل حوالي 3 سنوات، أحضرت أولادي وزوجتي للعيش معي هنا في الإمارات، ولله الحمد سعيد جداً بوجودهم في هذا البلد الطيب الذي لا يفرق بين أحد، ولكن أكثر ما أفتقده هو والدتي والصحبة الطيبة وتجمع الأهل والأصدقاء على المائدة الواحدة، فالآن العائلة باتت صغيرة في الغربة، بعكس رمضان بين العائلة والأصدقاء، فكانت المائدة تضم عدد لا محدود من الأشخاص، حيث الحميمة والكلام العذب". يشير حمدي أن سنوات غربته في الإمارات انعكست على مائدة الإفطار التي باتت تضم أطباق خليجية متنوعة بجانب الأطباق المصرية المعروفة.

 

 

في وطني المذاق مختلف

بين الغربة والوطن، خيط رفيع يجمع من الحزن والسعادة، تقول أسيل محمد ناصر، 21 سنة، فلسطينية وهي من مواليد دولة الإمارات: " قضيت رمضان لعدة سنوات في بلدي فلسطين، ورغم وجود الأجواء العائلية، إلا أن رمضان هنا في دولة الإمارات أكثر راحة بالنسبة لي، فالسائد في بلدي أن رمضان يعتمد على الزيارات العائلية، وهنا في الغربة الزيارات تقتصر على الأصدقاء المعدودين، من جهة أخرى حرارة الطقس في بلادي قاتلة لاسيما بسبب عدم وجود مكيفات التبريد، لذلك كنا نعاني كثيراً من الصيام، بعكس الصيام في دولة الإمارات، حيث المكيفات المتوافرة، والنوم لساعات طويلة، دون إزعاج جار أو ضيف، ومن ضمن الطقوس في فلسطين، انه يفرض علينا الصحو الساعة 8 صباحاً، حتى وإن كنا صيام".

 

رغم ذلك الحنين للوطن لا يفارق أسيل وتشجو لرمضان في موطنها حيث نكهة الطعام الفلسطيني الأصيل، تقول: " الأكل في فلسطين له مذاق خاص ونكهة مميزة، ورغم أن والدتي هي نفسها التي تطهو الطعام، إلا أن في بلادي يكون بمذاق مختلف".

 

 

الأزواج الغربة

إيمان مجدي، عروس جديدة وهذا هو أول رمضان تقضية في الغربة، تقول: " رمضان يعني لي العائلة والأصدقاء، وهذا هو أول رمضان في غربتني وأنا عروس فيه، ورغم ذلك إلا أن زوجي ساعدني وعوضني في غربتني، حيث أنه مقيماً في دولة الإمارات من أكثر من 7 سنوات، وبالتالي لديه أصدقاء وعلاقات اجتماعية عوضتني نوعاً ما عن العائلة". من جانبه يصف زوجها محمد الجندي، أيام العزوبية في رمضان، ويقول: " كنت أقضي رمضان مع أصدقائي وزملائي في العمل، كونه ليس لدي أهل هنا، والجميل أن في رمضان ليس لدينا التزامات سوى العمل، حيث كنت أتفرغ للعبادة وفي وقت الفراغ كنت أخرج برفقة أصدقائي، ولكن هذا العام تغيرت الأمور فزوجتي ومنزلي هما هدفي الرئيسي".

 

 

حصيلة 20 سنة غربة

منذ أكثر من 20 سنة، والحين إلى الوطن ما زال يشغل تفكير عامر حسين، 50 سنه، سوري الجنسية، يقول: " رغم طول سنوات غربتي والتي تزيد عن 20 سنة، إلا أن رمضان في الغربة قاتل، وما زلت أفتقد بهجة رمضان، وأحن إلى أجواء الألفة والمحبة بين الناس والأهل وصولاً إلى الجيران، كانوا الناس طيبون وكانت الأجواء الرمضانية مختلفة كثيراً، ورغم وجود بعض الأقارب هنا، ولكن الأجواء في الوطن مختلفة تماماً". يشير عامر إلى أشهر المأكولات السورية في رمضان، ويقول: " مازلنا متمسكين بالأطباق المحلية على مائدة الإفطار، لاسيما المنسف السوري والكبة اللبنية والدجاج المحشي".

 

 

رائحة الجو في بلدي مختلفة

تقول غالية موسى، وهي سورية: " الأجواء في سورية مختلفة ولمت العائلة والأصدقاء لهما نكهة خاصة، ومهما كان لدى الشخص علاقات اجتماعية في الغربة، فإنها لا تعوض عن أجواء رمضان في الوطن، ففي الغربة كل شخص همه الوحيد مصلحته، فلا توجد ألفه ولا اختلاط بين الناس، عدا عن ذلك رائحة الجو في بلدي مختلفة، فطعام الإفطار مرتبط بالأكل الشامي المحلي، أما اليوم المائدة اختلفت فأولادي يفضلون الأكل الصيني والعالمي بعيداً عن الأكل الشرقي".  

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

 

 

المزيد
back to top button