كيف تتخطى المرأة أزمة وفاة زوجها؟

كيف تستطيع الأم الأرملة أن تتصرف وأن تعيش ما تبقى لها من حياتها دون السند والمعيل الرئيسي لها ولأولادها، وكيف تحسن تربية أبناءها، من أين وكيف ستنفق على الأسرة، وكيف ستواجه المجتمع من دونه، وكيف تتعامل مع احساس ابناءها باليتم وكيف تساعدهم على التعايش مع الوضع الجديد؟ وغيرها الكثير والكثير من الاسئلة التي تدور في ذهن الأرملة حينما تفقد سندها في الحياة.

 

والأكثر إيلاماً من تلك الاسئلة هو الشعور بالضياع والاحساس باللاأمان واللاطمأنينة التي تستشعرها الزوجة عقب وفاة شريك العمر، ومن خلال الدراسات والبحوث التي أجرتها مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي، تم التوصل إلى أن المحرك الرئيسي لأغلب السيدات في تلك الظروف هي مشاعرهن وليس العقل. ففي تلك الفترة تنصرف المرأة لأحزانها ومأساتها وهو ما يفيد في إفراغ شحنة المشاعر السلبية والحزن الذي يعتصر قلبها، فتعبيرها عما يعتريها في تلك الأوقات يسهم في غسيل القلب مما ألّم به، وبالتالي السماح للعقل أيضاً أن يتدخل ليقوم بدوره في التخطيط لما يلي الوفاة.

 

ولتجاوز محنة فقدان الزوج، تقدم الاخصائية الاجتماعية في المؤسسة، أميرة رشدي، 7 خطوات لتجاوز أزمة فقدان الزوج، وهي كالتالي:

 

الخطوة الأولى: وما الصبر إلا عند الصدمة الأولى.

إن إلتماس الزوجة المكلومة الصبر والسلوان من خلال استعانتها بالله تعالى له عظيم الأثر في تقبلها لقضائه وقدره، ومن ثم تهدئة النفس وتخفيف الحزن وانقشاع غشاوة الخوف والرعب من المستقبل، فالأمر بيد الله تعالى، ولولا قدرتها على التحمل ما ابتلاها الله تعالى بذلك.

 

وتكون الأرملة في هذه الفترة في أمس الحاجة إلى التركيز وصفاء الذهن واستحضار العقل كي تستطيع تحديد الخطة الواجب اتباعها حتى تعبر هي وابنائها تلك المرحلة بسلام ودون تصدع في جدران البيت، والذي قد يكون في بعض الأسر يعاني من شروخ في جدار تماسكه.

 

فكلما تقبلت الأرملة الأمر ولو على مضض، كلما ساهمت في إفراغ مساحة من العقل للتفكير في كيفية التصرف خلال الفترة التالية لمحنة الترمل، فقليل من صفاء الذهن في تلك المرحلة والوقوف مع النفس والتفكير المنطقي والعقلاني يسمح لها بإستبصار الأوضاع المحيطة بها. فماذا لو انهارت عقب وفاة الزوج؟ ماذا سيحدث للابناء؟ كيف سيتصرفون؟ من الأكثر احتياجاَ للدعم النفسي هي أم الأبناء؟

 

 

الخطوة الثانية: حسن التعامل مع الذات.

تحتاج الزوجة عقب سنوات الألفة والود والسكن مع زوجها الراحل أن تجد متنفساً لها ولمشاعرها واحزانها وآلامها، وتحتاج لأن تعبر عن كم المرارة والأسى والخسارة التي منيت بها بوفاة زوجها لذا فهي في حاجة إلى التعبير عن تلك المشاعر بالطريقة التي تتوافق معها.

 

 

الخطوة الثالثة: تفعيل القوانين.

تحتاج الأرملة (خاصة الأم لصغار ومراهقين ) إلى الإجتهاد في استمرار تفعيل نفس القرارات والقوانين التي كانت متبعة في حياة الأب والتي من شأنها تنظيم سلوك الأبناء ودراستهم واخلاقياتهمـ إذ أنها من ثوابت التنشأة الاجتماعية للأبناء والتي وضعت كي لا تتأثر بغياب أب أو أم. فمواصلة التعليم والإجتهاد في الاستذكار والالتزام بمواعيد الخروج والدخول في البيت والإصرار على عدم الاستذكار أو المبيت في بيوت الأهل والأصدقاء، جميعها أمور من الثوابت التي لا ينبغي أن تتأثر بوفاة الأب، والتي بالحفاظ عليها تكون الأم قد تخطت أكثر العقبات إيلاما عقب الترمل، ألا وهي انفراط عقد الأبناء. وقد تكون الأم في حاجه إلى سن قوانين جديدة في البيت ( وذلك إن لم تكن موجودة ) فتقليص المصروفات أحيانا والاعتماد على النفس أو المشاركة في تحمل المسؤولية كلها من الأمور التي يجب أن يتم الاتفاق عليها والالتزام بها خلال الفترة الأولى من الترمل.

 

 

الخطوة الرابعة: تحديد مواطن القوة.

ينبغي من الأرملة سرعة التفكير في مواطن القوة في أفراد أسرتها، والعمل على استغلالها بأقصى سرعة، فوجود إبن قادر على الاستذكار لإخوته، وأخرى تستطيع إدارة شؤون المنزل، وثالث يمكنه قضاء احتياجات الأسرة الخارجية، ورابع كلمته مسموعه بين إخوته ولديه من الهيبة ما يجعلهم يخشونه، كلها نقاط قوة يجب الاعتماد عليها واستغلالها.

 

 

الخطوة الخامسة: البحث عن جهات رعاية متخصصة.

على الأرملة البحث عن جهات تستطيع سد الفجوة التي نشأت بفعل وفاة الزوج ، فالبحث عن جهات تقدم الدعم المادي للأسرة في حال حاجتها إليه تعد خطوة هامة جداً، ولكنها ليست الوجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتجه إليها، فحاجة الأم والأبناء إلى الدعم النفسي من خلال برامج متخصصة وإلى إعادة الإنخراط في الحياة الاجتماعية وإلى التوجيه السلوكي والدعم التعليمي والرعاية الصحية وغيرها من الاحتياجات كلها ينبغي أن تضعها المرأة في الاعتبار وتبدأ في البحث عمن يعينها في ذلك سواء كانت جهات أو أفراد.

 

 

الخطوة السادسة: تكثيف التواصل مع الجهات المساعدة.

على الأرملة تكثيف التواصل مع الجهات التي ينتمي إليها الأبناء، فالمدرسة والنادي ودور العبادة والمستشفى وغيرها من المؤسسات التي يتعامل معها الأبناء بشكل دوري تحتاج الأرملة إلى تكثيف التواصل معهم، وذلك من خلال الأخصائيين الاجتماعيين أو المشرفين لما لذلك من شأن كبير في احتواء الأبناء ودعمهم ودفعهم نحو المستقبل.

 

 

الخطوة السابعة: تطوير المهارات.

حان الأوان لمن تدللت أو لم تتدلل في عهد زوجها الراحل أن تبدأ في تطوير مهاراتها ومهارات أسرتها سعياً نحو الاعتماد على النفس، ففي بداية الأزمة يكون كم الزخم من المتعاونين كبيراً، سواء كانوا أفراد من العائلة أو من خارجها وكذلك الجهات، ولكن بفعل الاعتياد تبدأ تلك اليد الممتدة مع الوقت بالتراجع، لذا على الأرملة البحث عما يمكنها تطويره في ذاتها، فقيادة السيارة لمن لا تستطيع أمر مهم والأخذ بقسط من التعليم لمن توقفت عنه أمر يخفف من معاناتها اليومية بل ويغطي جزء من احساسها بانتهاء الحياة، فخطوات كتلك وأكثر تجعلها تشعر بقيمتها وتحقق ذاتها.

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button