ظاهرة رقص الرجال في الشوارع .. إلى أين؟

هم شباب يتمايلون ويرقصون في الشوارع على ألحان أغاني غربية، مستخدمين إيحاءات وحركات دخيلة، فتارة تجدهم في المهرجانات والشوارع يلفتون انتباه المارة وتارة أخرى تجدهم في سيارتهم يرفعون أصوات الأغاني ويرقصون بشكل ملفت للانتباه، معتقدين أن سلوكهم يعكس مدى تحضرهم ولكنهم في الحقيقة يشهون صورتهم ويدخلون أنفسهم في دائرة الشبه والشذوذ الأخلاقي.

 

 

على مر العصور ارتبطت ثقافة كل شعب برقصة معينة، تترجم معاني الرجولة والأخلاق والشيم والمبادئ التي تمثل كل بيئة، وعن تطور فن رقص الرجال على وجه التحديد، يوضح  عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أن الإنسان منذ نشأته تربي على فنون الرقص، وتسمى " فنون الترقيص"، المرتبطة بالعادات والتقاليد والثقافة المحيطة لصاحبها، وإن اتجاه الشباب للرقص الغريب ما هي إلا مظاهر تعود إلى ابتعاد الشباب عن تراثهم الأصيل، وتقليدهم الأعمى للغرب.

 

يشير المسلم أن رقصة اليولة لم تكن ضمن التراث الإماراتي ولكن تم اختلاق هذه الرقصة وأصبح الشباب يمارسونها كرقصة شعبية ومن ضمن التراث الإماراتي، ويقول: " ارتبط الرقص بملامح البيئة المحيطة، وعلى غرار أهل والبحر والبر يتم تمثيل التراث والرقم المرتبط به، أما الشباب الذين يقلدون الغرب ويؤدون رقصات دخيلة والغريبة علينا، يدل على سطحيتهم وانقيادهم الأعمى للغرب بدون وعي، وللأسف نحن منمنمين وغير فخورين بتراثنا ولغتنا وهو ما يجعلنا في أسفل الحضيض".

 

ترهلات وتفاهات

من جانبه، أكد الكاتب الإماراتي محمد شعيب الحمادي، أن الإبحار في المزج بين الثقافات المختلفة يثري العقول وينير لنا الطرقات حتى نتعايش مع الآخر، ومن المفروض علينا أخذ الصالح وترك ما هو لا يتماشى مع ثقافتنا، ولا نكون طرفاً في طمس الإرث الثقافي العربي والإسلامي، والعادات والتقاليد التي لا تزيدنا إلا عز ووقار، ويجب أن يكون هناك توازن بين ثقافة الآخر والحفاظ على ثقافتنا، وتجنب كل ما ينافي سلوكيات مجتمعنا المحافظ. ويشدد الحمادي على أن مستقبل أجيالنا أمانة في أعناقنا، فعلينا أن نحافظ على هذه الأمانة بإصرار، وأن نعمل على تفعيل مبادئ ثقافتنا في حياتنا اليومية وأن يعكس ذلك على سلوكيات المجتمع لأنه أساس كل الحضارات. ويقول: "أصبحنا نشاهد في الآونة الأخيرة ما يندى له الجبين وأحداث قد نفرت منها الأخلاق، قضايا أخلاقية هنا، وعقوق الوالدين هناك، ورقص يستحي منه النساء قبل الرجال، سلوك لم نعهده من قبل وتصرفات غير لائقة في مجتمعنا الإسلامي والعربي، هذا التقليد الأعمى للغرب والمشاهير في الجوهر و المظهر. نحن بأيدينا دمرنا مجتمعنا وليس بأيدي الآخرين، بأيدينا أنتجنا البرامج الهابطة وأنشأنا قنوات فضائية فاضحة خارجة عن النص والعرف، فزادت لدينا القنوات بالتخصيص، فالغناء والرقص لها قناة والأفلام والمسلسلات لها قناة أخرى".

 

يضيف: " لقد أصبحنا وللأسف، مجتمع أجوف الفكر، فاقد المبادئ، يسعى خلف الترهات والتفاهات، فأصبحت عقولنا هباء وآذاننا رقصا وغناء، وأعيننا لا ترى إلا شبابا مائلين في الطرقات. لقد اندثرت الرقصات الفلكلورية التي خرجت من أعمام الصحراء ومن شعاب البحار كالعيالة والحربية واليولة والنهام والفجري وأهازيج أصيلة ذو الشجون والتي فيها معاني العمل والصبر والشجاعة وحل محلها التقليد الأعمى لحركات لا تمت بالرجولة بصلة".

ويشير الحمادي أننا وصلنا إلى تضييق فكر الفرد العربي، وتغيير المسار من الإبداع والابتكار، إلى الكسل والخمول الفكري، لأننا قابلين للتغيير ونريد التقليد الأعمى والحداثة، ولكننا غلونا في مفهوم الحداثة.  لذلك نكرر ما ذكرناه للأهمية بمكان أن نفعّل دور الرقابة الذاتية والأسرية والمؤسسية، يجب أن نضع حداً لما يمس تراثنا وتقاليدنا المقدسة، يجب أن نمنع الاستهزاء بعقولنا واستغلال الحداثة المبطنة فإن الحداثة لها مفهوم مغاير تماماً عندما يتم تداوله لدى البعض.

 

 

تصرفات ممنوعة

يقول المحامي والمستشار القانوني، عبد الله حاجي، عن ظاهرة رقص الرجال في مجتمعاتنا: " هي عادات غريبة على مجتمعنا وهي رقص الرجال عبر قنوات التواصل الاجتماعي، كالواتساب والفيسبوك والسناب والانستغرام ما جعلتنا نقف قليلاً عند تلك التصرفات التي ابتعدت كل البعد عن العادات والتقاليد، وعن الشريعة الإسلامية التي تتنافى معها تلك الأفعال التي يتشبه فيها الرجال بالنساء من خلال القيام برقصات قد تخدش رجولتهم".

يشير حاجي أن القانون يجرم من يقوم بتصرفات مخالفة للقانون كالتشبه بالنساء أو لبس لبسهن ووضع الماكياج وقد تصل إلى الرقصات المخلة بالحياء كحركة الإصبع والعبارات البذيئة مثلاًً إن كان خادشة فهي تأتي بالتجريم. أو تلك الحركات والرقصات التي تجعل الرجل يهز خصره وطوله وعرضه أليس هناك فقدان لرجولته وكذلك ما نراه من الرقصات للبنات أثناء الخروج من نوافذ السيارات وفتحة السيارة فهي مرفوضة ومؤثمة وقد تدخل من باب التحريض على الفاحشة في مكان عام وعلناً كالفعل الفاضح.

ويقول حاجي: " لا بد من تشديد الرقابة حول تلك التصرفات من قبل الأسر والجهات المعنية ووقف تلك التصرفات لأنها تسيء إلى الشخص وتسيء إلى الأسرة و المجتمع وتكون نقل لثقافات مرفوضة. فالرجل عرف برجولته وشجاعته والمرأة عرفت بأنوثتها وعفتها".

 

 

إيحاءات وشذوذ جنسي

يشير دكتور علم النفس نادر ياغي، أن بعض الشباب يتبعون بعض الرقصات المدرجة والمنتشرة لفترة زمنية معينة وبعدها ينتهي هذا النوع من الرقص، ويقول: " في السابق كانت رقصة "البريك دانس" وحركات رقصة مايكل جاكسون التي تسمى "جاستن بيبر"، منتشرة بشكل واسع في المجتمعات العربية، وبعد فترة تلاشت هذه الحركات، لذلك تعتبر هذه المظاهر هي فردية وبعد فترة زمنية وعلى حسب موضة الموسم سوف تتلاشى". ويشير ياغي أن هذه الفئة التي تقلد الرقصات الغربية لا تمثل الخطر الكبير على المجتمع إنما الخطر الأكبر من الفئة التي تمارس الرقص وبنفس الوقت يؤدون حركات وإيحاءات تنقص من رجولتهم، أو يؤدون الحركات وهم يرتدون الزي الوطني أو العسكري، وهنا تتحول الرقصات إلى أهانه للباس وللرجولة. 

ويقول ياغي إذا ارتبطت رقصة الرجل باهانه جسدية عبر إيحاءات وحركات شاذة من الممكن أن تقود صاحبها مع الوقت إلى الشذوذ الجنسي.

 

3 شخصيات

يشير الدكتور نادر ياغي أن الأشخاص الذين يلجؤون إلى إتباع هذا النوع من الرقص، هم في الغالب ينتمون إلى هذه الشخصيات الثلاثة، وهي:

  1. المراهقين المصابين بهوس تقليد الغرب.
  2. بعض الشباب الذي يعملون على مواكبة الصيحات.
  3. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الشخصية ومنها الاكتئاب والملل.

 

تحقيق رنا إبراهيم

 

 

 

 

المزيد
back to top button