السحر والشعوذة تلاعب بعقول الناس.. والنساء أول الضحايا

حين يقبض على رجل بتهمة القيام بأعمال السحر واستغلال النساء في أعمال الدجل والشعوذة، يستغرب المجتمع من سلوكه اللا أخلاقي وخاصة وأنه يستغل المرأة ويحتال عليها بأعماله. لكن ما هو مثير وأشد غرابة عندما تحترف المرأة دور "الزعيمة" في مهنة الشعوذة والدجل، وتدعي قدرتها على معرفة الغيب وحل المشاكل وتزويج العانس وعبودية الرجل للمرأة وجعل العاقر قادرة على الإنجاب، وتحويل الدراهم إلى ملايين الدولارات وكأن خرافات المارد السحري باتت واقعية وبهيئة نساء متقيات وملتزمات ولكنهن يتسلحن بأدوات وطلاسم غريبة وكأنهن طبيبات خارقات بيدهن كل شيء. 

قبضت شرطة دبي خلال الأعوام الماضية على أبرز مشعوذتين، الأولى مشعوذة هندية تدعى (س)  قبض عليها متلبسة بأعمال السحر والشعوذة، حيث وردت شكوى من سيدة مواطنة لإدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية مفادها بأن سيدة من الجنسية الهندية تدعى (س) تقوم بأعمال سحر وشعوذة من خلال ادعائها المقدرة على علاج الأمراض المستعصية وعلاج المس والسحر، وقد تعرفت عليها عندما كانت في رحلة علاج بالهند، وهناك أقنعت المشتكية بأن لديها المقدرة على علاجها من المس التي ادعت لها بأنها تعاني منه، وقد أحضرت لها جلد غزال وتراب من مقبرة هندوسية وكفن وخروف، وقامت ببعض الطقوس، وأخذت تستفزها بين الفترة والأخرى، وبعد عودتها إلى الدولة صارت تتصل بها من الهند وترسل لها العلاج مقابل أن تقوم بتحويل الأموال لها، وبعدها حضرت المتهمة إلى الدولة وقامت بالاتصال بالمشتكية وطلبت منها زيارتها في منزلها، ثم أعطتهاعأعطتها بعض العلاجات الأخرى،  وكذلك بعض مخالب الطيور ومناقيرها وجلود حيوانات حتى بلغ إجمالي المبالغ التي تحصلت عليها المتهمة من الشاكية 88 ألف درهم دون فائدة تذكر للعلاج.

وعندما أيقنت المشتكية بأنها تعرضت لعملية احتيال أبلغت الشرطة، وبالتنسيق مع المشتكية تم إعداد كمين للقبض على المتهمة، حيث أخذ أفراد الكمين أماكنهم بالقرب من المكان المتفق عليه للمقابلة، وعند حضور المتهمة أعطيت الإشارة المتفق عليها لأفراد الكمين فتم القبض عليها، وبتفتيش مقر سكنها تم العثور على الأشياء التي تستخدمها في عمليات السحر والشعوذة فوجهت لها تهمة الاحتيال عن طريق السحر والشعوذة وقيد البلاغ لدى مركز شرطة المرقبات، وأحيلت مع المضبوطات إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.

والقضية الأخرى لسودانية تدعى (م، م) تم القبض عليها متلبسة بأعمال السحر والشعوذة ايضاً، حيث قامت بابتزاز سيدة  واحتالت عليها بمبلغ 200 ألف درهم، تم القبض عليها وعلى مضبوطاتها المكونة من كتب متنوعة خاصة بأعمال السحر والشعوذة وبعض من الطلاسم والأدوات كالشعر والمسابح وغيرها، وكانت تدعى علاج الأمراض، وحل المشاكل والأزمات المستعصية مثل الأزمات النفسية أو المالية وكذلك مشاكل الزواج والطلاق والعنوسة.

نصابين لكن أذكياء!
تقدم دكتورة علم النفس التربوي  ناديا بو هناد، شرحاً تفصيلياً عن شخصية المشعوذ والضحية، وتقول: " المرأة هي ضحية أوهام وأكاذيب السحرة والمشعوذين،  فمهما كانت المرأة على قدر من الثقافة والذكاء لا يمكنها التمييز بين منطق الواقع والخيال، وأكثر ما يدفعها للذهاب إلى السحرة هي أمور تتعلق بالحب والزواج، لأنها لا تدرك أن تلك الأمور متعلقة بالنصيب، بالإضافة إلى هذا فإن بعض النساء يتصفن بضعف الشخصية والإحساس بعدم الأمان وغير متصالحات مع أنفسهن، بمعني أنهن لا يحببن أنفسهن، وإذا فقدت المرأة هذا الشعور مع غياب الثقة بالنفس وعدم الشعور بالأمان، عندها تلجأ للمشعوذين، ويمكن أن تتظاهر المرأة بالذكاء لكن الإنسان السوي لديه ذكاء ويستخدمه بالشكل الصحيح، بينما الإنسان غير السوي يستخدم ذكائه بشكل خاطئ ".

الفرق بين السحر والشعوذة
يوضح صفوان وحيد شعبان، ماجستير في الفقه الإسلامي وأصوله، الفرق اللغوي بين مصطلحات السحر والشعوذة والدجل، ويقول: السِّحْرُ في اللغة: كلُّ ما لَطُفَ مَأْخَذُه وَدَقَّ فهو سِحْرٌ، والـجَمْعُ أَسْحَارٌ وسُحُورٌ. ولذا تقول العرب في الشيء الشديد الخفاء : أخفى من  السحر. وفي الاصطلاح : السحر في الاصطلاح الشرعي: هو عمل يقوم على الخفاء من خلال قدرة تؤثر في الأعين والقلوب والأبدان. قال ابن قدامة: "السحر عُقَدٌ وَرُقَى وكلامٌ يتكلمُ به الساحر أو يكتبه أو يعمل شيئاً، فيؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له.

والشَّعْوَذَةُ تعني: خِفَّةٌ في اليد وأَخْذٌ كالسحر يُرَى الشيءَ بغير ما علـيه أَصله فـي رأْي العين؛ ورجل مُشَعْوِذٌ و مُشَعْوَذٌ. والشَّعْوَذَةُ: السُّرْعَةُ.

الدجل: أَصل الدَّجلِ الخَلْطُ يقال دَجَل إِذا لَبَّس ومَوَّه وزيَّن، وسُمِّي دَجَّالاً لتمويهه على الناس وتلبيسه وتزيينه الباطل.   

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button