الزواج دون علم الأهل... أقصر طريق إلى الطلاق

شباب مندفعين وراء غرائزهم، وفتيات غرتهن عواطفهن وأعمت أبصارهن لتجرهن نحو زواج "غير محمود"، تنقصه تزكيه الأهل والموافقة عليه، هي عقود زواج شرعية، بات الشباب يلجئون لها بغية الحصول على الزواج الحلال الذي يشبع غرائزهم، وبعيداً عن علم ذويهم يتقدمون طالبين يد الحسناء، التي تندفع بعاطفتها بقبول العرض، وأحياناً تكون بعلم وموافقة أهلها..

 

يقول جاسم محمد مكي رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم رأس الخيمة، أن الظاهرة تحتاج إلى تصدى وأن الدور الأكبر يقع على عاتق أولياء أمور الفتيات الذين سمحوا لأنفسهم بتزويج بناتهم لشباب دون علم ذويهم. كما يرى المكي أن الزواج دون علم الأهل هي خطوة غير محمودة، لأنها تعمل شرخ في ترابط الأسرة، و هذه الأسرة لم تجد الراحة مع زوج مستقل عن أسرته، وقد يدخل في عقوق والديه، ويحصل تنافر بين الأبناء والأحفاد في التواصل مع الأجداد، وبالتالي تنقطع صلة الأرحام في العائلة. تحدث المكي عن طبيعة عقود الزواج في الدولة، وقال: " بصفتي مأذون شرعي، وعندما يكون الخاطب بالغ لا يحق لي أن أصر على وجود ذويه أو أهله، أما الفتاة يختلف الوضع لأن من شروط العقد موافقة ولي الأمر، حتى نباشر بإجراءات الزواج، أما بالنسبة للعقود التي تتم خارج البلاد، تأتينا كعقد معتمد ونباشر بفتح الاستمارة، ولا نبحث في حال موافقة الولي أو غيرة". 

 

 

الحب مصيبة!

إن معظم قصص الزواج بدون علم الأهل، تكون نتيجة علاقة محرمة قبل الزواج، يعلق المكي، ويقول: " إذا كان الزواج دون علم الأهل مصيبة، فالعلاقة الزوجية هي المصيبة الأعظم، لأنها سوف تجعل الزوج يعيش في حالة شك دائم، وستحول حياته إلى هلاك، فالأوهام سوف تحتل قلبه وتفكيره، فدائماً سيتخيلها مع رجل آخر تتحدث معه كما كانت تكلمه، لذلك أنصح البنات اللاتي يوعدن بالزواج من قبل الشباب بعد علاقة ربما تدخلهم في نفق مظلم، ليتركها في منصف الطريق وتبقى في حسرتها، هنا يجب عليها التفكير كيف سيرتضيها زوجة وهي في السابق عشيقة؟ وكذلك الشاب كيف سترتضي امرأة كانت معك يوماً ما في طريق الحرام؟ إن باب الزواج واضح وبسيط فعلي الفتيات عدم الانجرار وراء عواطفهن، كما أنصح الشباب بتقوى الله وعدم ظلم بنات الناس لأنه كما تدين تدان".

 

 

أسباب الخفاء

يقدم المكي الأسباب التي تجعل بعض الشباب يقبلون على الزواج دون علم أهلهم، مؤكداً أن المسؤولية تقع على كاهل الولي الواجب عليه توخي الحذر قبل الموافقة على أي شاب يطرق بابه للزواج. وهي:

 

  • بعض الشباب يرون أن الزواج سيزيد من أعبائهم المادية، على أساس أنهم غير قادرين على تكاليف الزواج، ومن ناحية أخرى يرفضون الزواج من ابنة البلد التي تكلفهم الكثير من المال سواء من حيث المنزل والمهر وحفلة الخطوبة والزواج وغيرها..، في المقابل ينظرون للزواج الآخر على أنه لا يكلفهم الكثير، وغالباً من يلجأ لمثل هذا الزواج هم من فئة الشباب المواطنين الذين يتزوجون من غير المواطنات.

 

  • بعض الشباب يرفضون مبدأ زواج الأقارب، ويرون أن هذا الزواج بمثابة منفذ لهم للتهرب من ضغوط بعض الأسر، التي تفرض عليهم ابنة عمهم أو خالهم ونحو ذلك.

 

 

الأهالي مذنبون!

يرى المكي أن تعنت بعض الأهالي وتمسكهم بفكرة الزواج من ابنه العم وغيرها، هي أحد الأسباب التي تدفع الشاب للزواج دون علمهم، ويقول: " سابقاً كانت نسبة الإناث قليلة في الأسرة، وكان الشاب يحجز ابنه عمه، وكانت بعض العائلات تحجز بنات العائلة منذ ولادتهن، وتقول فلان سوف يأخذ ابنة فلان، من هنا يوافق الشاب حين يكبر ويكون متشوق لهذا الزواج، ويعتبر نفسه محظوظاً، بسبب عدم وجود الخيارات أمامه، ولكن الآن نسبة الإناث زادت، وأيضاً وسائل التثقيف والتوعية كثيرة كالمسجد ووسائل الإعلام والمجتمع وأيضاً والمدارس ووائل التثقيف كثيرة، ولا يوجد عذر لذلك في عدم وصول ثقافة الاختيار، لذلك على أولياء الأمور أن يتركوا مجال الاختيار لأولادهم ولا مانع من مشاركتهم في ذلك".

 

 

عقد باطل بأمر القانون

يوضح المحامي عبد الله دعيفس، الرأي القانون حول زواج المرأة و الرجل من دون علم الأهل، ويقول: " من شروط زواج الرجل أن يكون كامل الأهلية، ومنها العقل والبلوغ، وسن البلوغ في الدولة هو تمام الثامنة عشرة من العمر لمن لم يبلغ شرعاً قبل ذلك. وأيضاً لا يتزوج من بلغ ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره إلا بإذن القاضي وبعد التحقق من المصلحة. وإذا طلب من أكمل الثامنة عشرة من عمره الزواج وامتنع وليه عن تزويجه جاز له رفع الأمر إلى القاضي. وبالتالي فإن زواج الذكر من دون علم الأهل لا يشترط إلا أن يكون الذكر عاقلاً وبالغاً (أكمل الثامنة عشرة من عمره) وبالتالي يمكنه أن يزوج نفسه، أما بالنسبة لزواج المرأة، فقد كان القانون واضحاً بالمادة 39 منه التي تنص على " يتولى ولي المرأة البالغة عقد زواجها برضاها، ويوقعها المأذون على العقد. ويبطل العقد بغير ولي، فإن دخل بها فرق بينهما ويثبت نسب المولود" وبالتالي فإنه لزواج المرأة يشترط علم الأهل وموافقتهم حيث أن الولي هو الأب ثم العاصب بنفسه على ترتيب الإرث ابناً ثم أخاً ثم عماً". يرى دعيفس في حال عدم وجود ولي للأنثى، فإن القاضي يكون الولي سنداً للمادة 35 من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي.

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button