اعترافات تحت التخدير في غرف العمليات!

هلوسة وحب وكوابيس وشتيمة

اعترافات تحت التخدير في غرف العمليات

 

هلوسة وأحلام وكوابيس وشتيمة وعبارات ممزوجة بالحب والغزل، جميعها ردود فعل طبيعة يتعرض لها الجراح وطبيب التخدير من داخل غرف العمليات نتيجة المادة المخدرة التي يتعرض لها المريض قبل إجراء العلمية الجراحية.

قد يصاب بعض المرضى بالهلوسة تحت تأثير التخدير، حول أسباب الهلوسة يقول الدكتور جافير أوروك، رئيس طب التخدير، مستشفى الأكاديمية الأمريكية للجراحة التجميلية: " قد يصاب المرضى باضطرابات عقلية أثناء العملية الجراحية أو التخدير، مثل التأثير على الإدراك، والهلوسة والأحلام، وتوضح بعض المراجع المنشورة أن الهلوسة قد تحدث بنسبة أقل من 2 بالمائة للمرضى الذين تُجرى لهم جراحات بسيطة وهي بذلك تعتبر ضئيلة بالطبع، لكن لم يتم تحديدها حتى الآن بشكل واضح، وتمتزج الهلوسة عادة ًبالأحلام والكوابيس وقد يظن المريض أنها حقيقية، ولكن لا تستغرق هذا الحالة وقتاً طويلاً في العادة. ويضحك المرضى عادة على ما يحدث لهم أثناء العمليات الجراحية".

 

يضيف: " لا يعاني المرضى الصغار أو الأصحاء عادة من الهلوسة، بينما يعد المرضى الأكبر سناً الذين يعانون من أمراض مثل السكري أو ارتفاع الضغط وغيرها الأكثر عرضة للهلوسة. وهناك نظرية تقول بأن الجزيئات الالتهابية التي تخرج أثناء العملية الجراحية قد تمر بحاجز الدماغ وتتسبب في الهلوسة، أما المرضى صغار السن فلديهم حواجز دماغية وقائية، لذلك لا يعانون كثيراً من هذه الأعراض. وهناك بعض الأمثلة على ذلك وردت في مراجع منشورة، من بينها أن أحد المرضى كان يعتقد أن الممرض كان يحاول وضع السم له وأن جميع أقاربه شاركوا أيضاً في هذه الجريمة، بينما يرى البعض الآخر حيوانات ومخلوقات وسفن فضائية طائرة. ويعد المرضى الذين يتناولون مزيج من الأدوية أيضاً عرضة للهلوسة،وعادة ما تكون مضادات الهستامين والمنشطات والمسكنات الأفيونية سبباً في ذلك".

 

أحلام وكوابيس الواقع

متى تظهر الهلوسة على المريض؟ سؤال يجيب على السؤال الدكتور أوروك، ويقول: " عادة ما تحدث الهلوسة بعد الجراحات التي تحتاج إلى تخدير عام أثناء العمليات الكبيرة مثل عمليات القلب، بينما تشهد بعض عمليات تسكين الألم رؤية المريض للهلوسة بشكل نادر جداً وعادة ما تختلط بالأحلام والكوابيس، ولا توجد دراسات واضحة بشأن أسباب ظهور الهلوسة بصورة أكثر في بعض الحالات دون غيرها. وتحدث معظم حالات الهلوسة الشديدة عادة بعد جراحات القلب الكبيرة ويمكن أن تُزيد مدة العملية والتخدير من هذه التأثيرات".

 

يضيف: "إذا قمنا بتقييم حالة المريض بشكل جيد قبل إجراء الجراحة وتحديد عوامل الخطورة، يمكننا تقليل هذه التأثيرات. وتتمثل عوامل الخطورة عادة في: التوهان والجفاف والإمساك والضعف العقلي والعدوى والجمود وصعوبات التنفس والألم وتعاطي عقاقير متنوعة، وغيرها. تكون أجنحة المستشفيات عادة مشغولة وصاخبة جداً مما يساعد على زيادة توهان الأشخاص الأكثر عرضة لذلك".

 

لتفادي الهلوسة أثناء التخدير على المريض إتباع عدد من التوجيهات، يوضحها د. أوروك، ويقول: " ينبغي على المريض أن يحافظ على السوائل في جسمه بالشكل الملائم على مدار الساعة وأن يكون قادراً على النوم بشكل جيد لتجنب مثل هذه الاضطرابات العقلية. ويتمثل العامل الرئيسي لمنح المريض تخدير آمن في توفير خبراء متخصصين على قدر من الكفاءة والحرص لمتابعة المريض في كل لحظة من لحظات العملية ولديهم القدرة على الاستجابة السريعة لأي نوع من أنواع المضاعفات".

 

نقاش من داخل الغرف

يتحدث استشاري جراحة العمود الفقري الدكتور أسامة عطية، عن دور الجراح مع المريض داخل غرفة العمليات، ويقول: "بعض أنواع المرضي يتطلب مني كجراح الحديث معه طوال فترة العملية، وخاصة العمليات التي تتطلب تخدير موضعي بجانب المهدئ، لأني محتاج أن يكون المريض معي طوال العملية وخاصة في عمليات أسفل الظهر كونها عمليات حساسة وأحتاج تواصل المريض معي لمعرفة مواضع الألم، لذلك تواصل الطيب مع المريض مهم جداً في هذه الحالة، وفيما عدا ذلك ليس من الضروري أن يتواصل الطيب مع المريض داخل العملية، لأنه يكون في حالة تخدير كامل".

 

مواقف محرجة

عن المواقف المحرجة التي تعرض لها دكتور عطية، داخل العمليات، يقول:" أذكر موقف تعرضت له من امرأة وصلت لأعلى درجة من العصبية، وبدخولها غرفة العمليات بدأت بشتمي وشتم طاقم العملية، وبدأت بتهدئتها بالمهدئات، وشتمت ووصفت بأسوأ الصفات"... يضحك... ويتابع: " عادةً يتم تهدئة المريض داخل غرفة العمليات بالأدوية المهدئة والمنومة، وفي حال الرفض يتم تأجيل موعد العملية إلى وقت آخر".

 

لمهنة الطب ميثاق شرف عالمي، إذ يمنع الطيب الإفصاح عن أسرار المريض وهو في غرفة العمليات، يقول الدكتور عطية: " لا يؤخذ بكلام المريض داخل غرفة العمليات، ويوجد ميثاق شرف وقانون يلزمنا الاحتفاظ بأسرار المريض، ولكن ثمة أمور يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي؛ سن المريض، والمعومات التي تحدث بها داخل العمليات وما إذا سوف تشكل خطراً عليه وعلى الآخرين، ففي حال كان المريض قاصراً، كطبيب يجب عليه إخطار ولي أمره إذا كانت المعلومات تشكل خطراً عليه، وكذلك نخطر الجهات المسؤولة إذا كان المريض فوق السن القانوني، ولكنها في النهاية تعتمد على مدى خطورة كلام المريض على نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه".

 

كلمة " حبيبي" من غرفة العمليات

أخبرنا الطيب أسامة عطية أن أحدى السيدات وهي بداخل غرفة العمليات، صرحت له بعبارات الغزل والإعجاب والحب، وهي تحت تأثير المخدر، الأمر الذي لفت انتباه الطاقم الطبي، ولكن بعد العملية عادت المريضة لطبيعتها وكأن شيئاً لم يكن.

 

 

 

تحقيق رنا إبراهيم

 

 

 

 

المزيد
back to top button