أمنيات المرأة ما بعد الطلاق

الطلاق هو نهاية علاقة اجتماعية وعاطفية ونفسية كان من المفترض أن تكون دائمة، وإذا بقرار الطلاق الفاصل تتغير الحياة،  لتمر في منعطفات مهمة تترك أثر على نفسية المرأة وعاطفتها، فبعض النساء يتعاملن مع الموقف بضعف وكسر وينظرن إلى المستقبل بمنظور ضيق ومحصور، والبعض منهن يستفدن من الموقف في تعزيز الثقة بأنفسهن وإثبات ذاتهن. إذا كيف تستطيع المرأة التأقلم مع حياتها الجديد؟ كيف تستطيع استرجاع ثقتها بنفسها وإعادة بناء ذاتها من جديد؟

 

على الرغم من صعوبة الفراق إلا أن بعض النساء استطعن أن يثبتن ذاتهن بعد الطلاق، بالاستفادة من الموقف الذي مررن به، ليتحول واقع طلاقهن إلى خطوة ايجابية نحو الحياة الباسمة. من بين أبرز النساء اللاتي كسرن حاجز الطلاق، تأتي السيدة وضحة علي (موظفة)، إذا تروي لنا قصة اختيار شريك حياتها، الذي تزوجت به بعد قصة حب دامت لمدة سنه، لكن حياتها الزوجية لم تستمر سوى شهرين، من هنا صنعة لنفسها شعار يقول: "ليس كل رجل تحبه امرأة يصلح لأن يكون زوج".

وحول تفاصيل الطلاق، تقول وضحة: " في بداية الطلاق عام 2001، كنت مدمرة للغاية، وبدأت أعيش في حياة كئيبة لأكثر من 4 سنوات، لكن والحمد لله تجاوزت تلك المرحلة ، والفضل يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، بعدها أفراد عائلتي والأقارب والأصدقاء الذين منحوني طاقة إيجابية وخاصة في فترة المحكمة، حيث تم تطليقي بشكل غيابي، من هنا الجميع قالوا لي بأن زوجك السابق سوف يندم، وأنا كنت أنتظر تلك اللحظة التي سيأتي بها ويخبرني أنه ندمان، والحمد لله تحققت أمنيتي".

تميزت وضحة بشخصيتها القوية الأمر الذي ساعدها على تجاوز المحنه النفسية التي كانت تعيش فيها، وتقول: "الحمد لله لم يكن هنا ضحايا، وأقصد هنا أطفال، ومنذ عام 2005 وعدت نفسي أن لا أنظر للخلف ولا أخبر أحد بأني مطلقة وأن أبدأ حياتي الجديدة بدون ماضي، والحمد لله أنا سعيدة بما حدث، حيث  اكتشفت في شخصيتي، أمور إيجابية لو كنت مرتبطة قد لا أتعرف عليها، ومنها قدرتي على التعليم والتدريس، كما رأيت بأنني شخصية اجتماعية ومخلصة في العلاقات الاجتماعية والأهم من هذا ثقتي الكبيرة بنفسي".

 

المراحل النفسية

لاشك ان نبأ وقرار الطلاق مهما كانت أسبابه هو خبر صعب يشعر المرأة بالصدمة، والاضطراب والدخول في حالة نفسية تختلف من سيدة إلى أخرى. يوضح الدكتور رعد الخياط، استشاري ورئيس قسم الطب النفسي، في مستشفى الأمل، في إمارة دبي،  المراحل النفسية التي تمر بها المرأة المطلقة، قائلاً: "  إن المرأة المطلقة تشعر بالصدمة وخاصة إذا كان قرار ونبأ الطلاق مفاجئ من قبل الزوج، مما قد يجعلها في حالة ارتباك واضطراب وتبدأ في إعادة النظر في حالها مع مراجعة لجميع مناحي حياتها. وبمرور الوقت تبدأ أعراض الاكتئاب وانطفاء بهجة الحياة مع الشعور بالإحباط  قد يصل إلى اليأس وتبدأ بلوم نفسها على كل ما حصل وتسترجع شريط حياتها الزوجية وتركز على مراحل مهمة منه وكيف أنها أخطأت ولم تحسب حسابها بشكل جيد وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك الجانب الاجتماعي وما يتركه من آثار سلبية على المرأة تصل إلى حد الوصمة مما يؤثر على سمعتها ونظرة الناس إليها من أقرباء وأصدقاء وزملاء عمل أو دراسة. ومع مرور الوقت يضاف إلى ذلك صعوبة التكيف Adjustment problem  مع الواقع الجديد وما يستلزم من ضوابط اجتماعية  وسلوكية والحاجة إلى إعادة تشكيل سلوكياتها وعلاقاتها وفق ذلك التكيف ووفق ما تمليه عليها ظروفها وأحوالها الجديدة".

الأمراض النفسية بعد الطلاق

يشير الدكتور رعد الخياط، إلى الأمراض النفسية التي قد تعاني منها المرأة المطلقة، ويقول: " إن أهم ما تعاني منه المرأة المطلقة هي حالة الشد النفسي والتوتر والقلق يضاف إليه بعد ذلك حالة الاكتئاب النفسي والتي قد تصل  في بعض الحالات  إلى درجة الاضطراب النفسي كحالة مرضية  بوجود علاماته من فقدان الرغبة في الأشياء من حولها مع التشاؤم واليأس والشعور بالذنب ولوم النفس والذي قد يصل من الشدة إلى الحاجة إلى التداخل الطبي النفسي بل وحتى إلى العلاج الدوائي والمتابعة النفسية المستمرة.  يضاف إلى ذلك اضطراب التكيف وما يرافقه من صعوبات حياتية و نفسية واجتماعية".

يرى الدكتور الخياط، إن حالة الاكتئاب التي تعاني منها المطلقة قد تصل إلى درجة المرض النفسي مما يتطلب علاجا ومتابعة من قبل الطبيب النفسي، كما أنها تحتاج إلى تقوية الدعم النفسي و الاجتماعي لها من قبل الأهل والأصحاب والأخذ بالأسباب التي تخفف معاناتها النفسية و الاجتماعية مع التواصل المستمر معها والعناية والرعاية اللازمة التي تحتاجها وعدم النظر إلى المطلقة وكأنها قد ارتكبت عملاً مخلاَ أو غير مقبول.

 

الطلاق بحذر

من جانيه يقول الباحث التنموي الإماراتي، المتخصص بالتدريب والتنمية الذاتية، عبدالله العطر:"قبل الحديث عن الطلاق يجب أن نفهم وندرك ما هو الزواج بالتحديد، لأن الزواج ليس بحياة أخرى، بل هو اتفاق بين زوجين يمارسان حياتهما دون أن يسلب أحداهما معطيات حياة الآخر، أما الطلاق هو انفصال حياتين عن بعضهما، ربما يكون الانفصال نحو الأفضل، ولهذا السبب على المرأة عدم التنازل عن حقوقها وتحمل سوء معاملة الزوج وضغوط الحياة بحجة الخوف على الأبناء، على العكس تماماً الأبناء هم مسؤولية الزوج أيضاً، ولهذا عليها أن لاتخاف من قرار الطلاق، لكن قبل الطلاق يجب ان تكون مقتنعة وباحثة في الموضوع بواقع 100% قبل اتخاذ القرار".

نصائح للمطلقات

يقدم الباحث التنموي عبدالله العطر، بعض من النصائح التي يجب على المرأة المطلقة الالتزام بها ، من أجل تحقيق السعادة والرضا في حياتها:

على المرأة المطلقة أن تعلم بأن الطلاق ليس بحياة جديدة بل هو استمرار للحياة بطريقة مختلفة.
عليها بالتقرب والإكثار من العلم، سواء من حيث الدورات التدريبية أو قراءة الكتب، لان العلم هو أعلى مراتب الطاقة.
الابتعاد عن الأشخاص السلبيين، لان طاقة المرأة المطلقة تكون منخفضة، وبوجود السلبيين حولها سوف يؤثر أكثر على نفسيتها.

 

تحقيق رنا إبراهيم

المزيد
back to top button