قبل الخوض في تفاصيل الموضوع، دعونا نستذكر قصة السفينة المنكوبة " آر إم إس تايتنك " التي غرقت في 14 إبريل 1912، بالقرب من الساحل الشرقي لكندا في منطقة متجمدة، وكان على متنها 2227 راكباً، فبعض الركاب تم إخلائهم بواسطة قوارب النجاة، لكن الأغلبية لم يتمكنوا من الفرار بسبب عدم تمكن قوارب النجاة من استيعابهم، ولم يبقى أمامهم سوى خيارين إما قدر الموت غرقا مع السفينة وإما القفز إلى المياه الجليدية. وأمام شبح الموت، برزت بعض المواقف الإنسانية الجميلة التي عبرت عن الوفاء في أسمى صوره، وأخرى تعبر عن حب الأنا والفرار بالنفس. فمن ضمن هذه المواقف الإنسانية الجميلة، تشبث بعض الزوجات بأزواجهن ورفضهم مغادرة السفينة عند مجيء دورهن في الانتقال إلى قوارب النجاة .وبرزت قصة جسدها فيلم " التايتنك" لشخصية تدعى " جاك" وصديقتة " روز" التي رفضت الأخيرة الفرار بقارب النجاة والبقاء بقرب جاك، الذي تعرفت عليه وأحبته أثناء الرحلة، فإنتهي بهما المطاف، ليفارق جاك صديقتة رزو وهما متمسكان بلوح خشبي وسط المياه الجليدية.
استعرضت Elle Arabia آراء عدد من الأزواج وجعلتهم يتخيلون أنفسهم بنفس الموقف، وسألت: كيف تتصرف مع زوجتك إذا كنت على متن السفينة المنكوبة؟ ماهي مشاعرك؟ هل الوقت المناسب لإفشاء الأسرار؟
كانت البداية مع أسامة الرنة، الذي وصف لحظة الموت بالوقت المناسب لاتذكار الإنسان اللحظات التي كان يغافل زوجته بها، ويشعر كم كان عليه أن لا يقوم بكثير من الأشياء، التي بدأ يشعر بالندم عليها، ولكن قد فات الأوان. ويقول: " سأعترف لزوجتي كم كنت أحبها، وأنها كانت تضحي كثيراً من أجلنا، وأنها قدمت ما بوسعها لتحافظ على سعادتي وسعادة أولادنا، وبعد أن أطمئن إلى أنها شعرت بالاسترخاء والراحة من كلامي الجميل بحقها، يأتي دور الاعترافات سأخبرها كم كنت أنانياً أحياناً عندما تركتها مع الأولاد وسافرت بإجازة بمفردي، لأتسلى وأخبرتها أنني في رحلة عمل، وسأخبرها كم كنت جشعاً عندما كانت تتعب وتشقى في أعمال البيت وتدريس الأولاد والاعتناء بهم وبي أيضاً، بينما كنت أذهب لأمارس إحدى هواياتي، تاركاً كافة الحمل عليها، لأخبرها أنني في عمل إضافي. هناك الكثير والكثير الذي يمكن للإنسان أن يعترف به لزوجته، ولكن من الأفضل أن تأتي هذه الاعترافات قبل فوات الأوان".
*الصمت سيد الموقف
أبو راغب الغندور، موقف صعب للغاية، لا يمكنني تخيل أني في ذلك المكان وماذا سوف يحدث، وإن حدث وأنا الآن أتخيل، أقول " خلي الطابق مستور" لن أفصح عن ما في داخلي أمام الملأ، ولن أخبرها عما في داخلي، ممكن أن أموت دونها، وتبقى في مخيلتها صورتي الأخيرة، لذلك أتمنى أن تكون صورتي الأخيرة إيجابية".
" الصمت هو أجمل اعتراف" هكذا عبر هشام أبو ظريفة عن موقفة، وقال: " ما أجمل الستر في الدنيا والآخرة، ومن غير المعقول أن أفضح نفسي في نهاية العمر، علي أن أتستر حتى آخر رمق في حياتي، وسوف أعمل جاهداً على حمايتها".
سامر البحيصي، يعقب على الموضوع بجملة مختصرة ، ويقول: " يا له من يوم سيء حين خرجت معك وركبت السفينة، أنا الغلطان وهذا عقاب من الله".
*كارثة
عبدالله عصام، وصف الموقف بالصعب، وما سوف يفصح عنه بالكارثة، وقال: " هناك أسرار خاصة بالمرء، تبقى معه مدى الحياة، وتدفن دون أن يتم فضحها، لذلك إذا غرقت السفينة لن أهتم بأحد سوى محاولة النجاة من الموقف الفظيع، والكلام لا أعتقد انه الوقت المناسب للإفصاح عن المشاعر، أعتقد سوف أنسى أني متزوج، لكن أهتم شيء النجاة من الموت".
" مستحيل" هكذا وصف منير محمد الموقف، وقال: " هذا شيء مستحيل، لأنه من المستحيلات أن أركب أنا وزوجتي سفينة، إذا أرادت التجربة عليها الذهاب لوحدها، أعاني من دوار البحر، وأيضاً التايتنك غير موجودة لقد غرقت مره واحد فقط، لكن إذا حدث وكنت معها في نفس السفينة، أنا متأكد أني لن أكون بجوارها، وبهذا لها الله في حمايتها".
*الدعاء والإستغفار
سامر داود: " بالتأكيد لن أخبرها شيء سوف نلتزم الصمت والدعاء والاستغفار لرب العالمين، وإذا سألتني عن ذنب ارتكبته في الماضي، سوف أطلب منها السماح والعفو".
إسماعيل آدم: "أكيد لن أخبرها بشيء لأن الموقف صعب جداً، ومن شدة هذا الموقف، احتمال أن افقد الذاكرة، وربما أنساها أيضاً، أعتقد انه موقف حرج سوف أفكر كيف استطيع التخلص من هذا المأزق، وبالطبع مساعدة زوجتي".
من جهته، قال محمد عباس: " سوف أقبلها، لربما تكون آخر قبله في حياتنا، سوف أستمر في حبها، وأخبرها بأن ما زال في قلبي الكثير من الحب والحنان لها، لا يهمني الموت مادمت سأكون معها، ولا يوجد ما أخفيه عنها، لانها مطلعة على جميع أسراري، وسأدعو الله ان يكتب لنا الله الحياة سويا، وأن لا يفرقنا الموت".
ويقول المخرج الفلسطيني سعود مهنا، ضاحكاً: " إنه لموقف صعب، بالتأكيد لن أخبرها بشيء فكل ما أفكر به في تلك الأثناء، كيف سوف أنجو أنا وزوجتي من هذه الكارثة، أعتقد في تلك الأثناء سوف تتجمد أفكاري، ولن أستطيع الكلام أو التعبير عن شعوري، لكن لا يوجد ما أخفيه على زوجتي، ولا يوجد ما أعتذر منه، فإذا أذنبت بحقها في السابق، بالتأكيد كنت قد اعتذرت منها، ولا يوجد مبرر لإعادة الاعتذار مرة أخرى، وتذكر المواجع".
رنا إبراهيم