يعتقد بعض الأزواج أن حصولهم على الطلاق سينهي مشاكلهم النفسية والمادية التي عانوا منها سابقاً تأملاً منهم بأن الطلاق قد يكون نهاية سعيدة لحياة شقية ومرهقة، لكنهم في النهاية يتفاجأون بأن حصولهم على الطلاق سيفتح امامهم بركاناً من المشاكل والصراعات، لعل أولها المشاكل النفسية وصولاً إلى المشاكل القضائية وما يتبعها في النهاية من آثار سلبية تتمثل في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال بالدرجة الأولى.
ثمة مشاكل عدة تواجهها المرأة المطلقة، يوضحها المحامي والمستشار القانوني يوسف البحر ويقول: " المطلقة إن كانت أم حاضنة لأطفالها فتتحمل وحدها عبء حضانة الأطفال وتوفير نفقتهم وذلك إلى حيث أن تحصل على حكم قضائي بالنفقة وأجر الحضانة، وذلك لأن القانون وإن كان قرر إلزام الأب بتوفير مسكن الحاضنة وإلزامة بالنفقة إلا أنه لا توجد آلية تلزم الأب بهذه الالتزامات فور الطلاق، وإما يجب على الأم أن تلجأ للقضاء للحصول على حكم بهذه النفقات والالتزامات، وما يستلزمه ذلك من وقت وجهد لا يخفى علينا، وخاصة مع تعدد درجات التقاضي لحين الحصول على الحكم النهائي. وعلى ذلك فالمشكلة التي تواجه المطلقة هي كيفية الحصول على النفقة والحضانة في أسرع وقت، كما تتمثل المشاكل التي تواجه المطلقة في الحصول على الحضانة والنفقة في الحصول على الحضانة والنفقة في إجراءات التقاضي وما تشمل عليه من معاندة الطرف الثاني ومماطلة واستغلال لإجراءات التقاضي في إطالة أمد التقاضي والطعن في الأحكام وما يتبعه ذلك من وقت وجهد ومال تبذله المطلقة حتى تصل على حكم سواء بالنفقة أو بالحضانة".
المشاكل والآثار السلبية لا تصيب المطلقة فحسب بل قد تطال الرجل المطلق، يوضح البحر: " ليس في جميع الأحوال أن يكون الطلاق بسبب تعنت أوظلم الرجل بل قد يكون بسبب تعنت المرأة وهنا يكون المتضرر هو الرجل وخاصة وإن كانت المرأة لا تقدر الحياة الزوجية ولا الأطفال وتتركهم في حضانة الرجل وتتنازل عنهم له، وتذهب لتبحث عن زوج آخر، فهنا يضطر الرجل إلى رعاية الصغار وقد يعجز عن ذلك فيضطر إلى البحث عن زوجة أخرى ترعى هؤلاء الصغار، وقد تسيء معاملتهم أو تتضرر من وجودهم وحينها تتحول حياة الرجل إلى جحيم ويصاب بالاكتئات والأمراض النفسية والعضوية أيضاً.
يرى البحر أن الطفل هو ضحية انفصال والديه من خلال الواقع والقضايا التي تشهدها المحاكم وتتعلق بالحضانة، يوضح: " ثمة قضايا نجد بها الأب يرفع العديد من القضايا على الأم بدعوى طلب حضانة الصغير وتحت مزاعم الحرص على مصلحته، لا لشيء إلا للكيد لها والانتقام منها، في المقابل نجد الأم لا تألو جهداً في الرد على الأب الكيل بمكيالين ويكون ضحيتها الطفل، وذلك كما حدث في قضية الطفلتان المواطنتان "وديمة" وشقيقتها "ميرة"، على يد والدهما وعشيقتة، وكذلك قيام بعض الأمهات الحاضنات بترك الأطفال في رعاية الخادمات لمدد طويل تصل إلى عدة شهور".
السمعة السيئة والرجل نقطة انتهت من حياتي!
مشاكل ما بعد الطلاق لا تقتصر على المتزوجين فحسب، ولكن تطال المرأة التي فسخت خطبتها لعدة مرات، هذا ما تواجهه زينة نبيل- 29 سنة- التي خاضت تجربتي الخطوبة لمرتين متتابعتين، لكن لم يكتب لها النصيب الزواج، تروي معاناتها النفسية: " بعد ان فشل مشروع زاوجي الاول عانيت كثيراً، لاسيما وأنا أعتبر ذلك الشخص هو الحب الأول في حياتي الذي بنيت عليه أحلامي، لكن القدر لم يكتب لي الزواج، وكررت بعد ذلك الارتباط بشخص آخر وحصلت الخطوبة وتم عقد القران، لكن ايضاً لم يكتب لي الزواج به، من هنا قررت عدم الزواج أو الارتباط لاسيما وأنا مازلت أعاني من كسر وفراغ عاطفي كبير، كما واصبحت أخاف الرجال كثيراً، واعتبرهم غير صادقين، لكن المشكلة التي تواجهني نظرة المجتمع لي كمطلقة، كما وأن بعض صديقاتي المتزوجات بدأن ينفرن مني خوفاً على أزواجهم، من هنا أخذت عهداً على نفسي منذ خمس سنوات أن امحو فكرة الارتباط من حياتي، وأحياناً اشعر بالغيرة من اختى حين أرى أطفالها يلعبون حولها، فإحساس الأمومة جزء مني كأنثى ولكن الرجل نقطة وانتهي من حياتي.
طفلي محروم من رؤية والده وأنا المذنبه
خلعته اعتقاداُ منها بأنها ستخرج من باب الشقاء والتعب بعد المعاناة الطويلة التي واجهتها (ج،ة) في حياتها الزوجية والتي لم تخلوا يوماُ واحداً من التعب وتعكير المزاج، لم تأخذ معها شيء سوى طفلها البالغ من العمر ثمان سنوات، لكن بعد حصولها على الطلاق باتت (ج،ة) تواجه مشكلة أخرى مع طفلها، تروي معاناتها، وتقول: " قررت خلع زوجي والتنازل عن كامل حقوقي لم ابالي بشيء سوي طفلي، ولكن للأسف بت أعاني مشكلة تعلق طفلي بوالده، فسؤال الطفل عن والده يؤلمني دائماً، وخاصة حين يقول لي: أين بابا؟ هنا أشعر بأني المذنبه بحرمان طفلي من والده، وما زاد المشكلة بلاء، اهمال والد للطفل له، حيث من المفترض وبحسب بنود عقد الخلع، ان يبيت الطفل مع والدة في أيام الاجازة، ولكن للاسف الأب أهمله طفلي ولايهتم برؤيته فهو متزوج بأخرى وبانتظار طفل آخر، وهذا بحد ذاته يشكل أزمة نفسية لي وللطفل".
طليقتي تشوه صورتي أمام أولادي
"اعتبرتني خائن عندما اكتشفت زواجي عليها بأخرى، فقررت تدمير حياتي، طالبه الطلاق وبدأت بمكائدها المدمرة"، هكذا عبر ( ج، ف) عن معاناته بعد الطلاق، حيث باتت طليقته تشوه صورته أمام أولادة الخمسة، لتصف والدهم بأنه خائن، وأنها الأم الحنونه التي ضحت في سبيل اسعاد أولادها، حتى بات الإبن الأكبر لهما، يعاير والده ويتهمه بأنه سبب تعاسة والدته ودمار العائلة وتشتتها، يقول: " لم تكن في نيتي الطلاق، وحاولت معها طرق عده من أجل الاصلاح لكن دون فائدة، وبناءً على رغبتها طلقتها، لعلها تهدأ لكنها للأسف ضاعفت في كيدها، والمتضرر الأكبر هم الأطفال الذين باتوا يتهمونني بالخيانة وينفرون مني، حتى في اجازة نهاية الاسبوع والتي من المفترض أن يقضوها معي، باتوا يتهربون، واذكر ان ابني الأكبر قال لي " لا أريدك في حياتي، والدي الحقيقي هو جدي والد أمي وليس أنت، اذهب لزوجتك واولادك منها". هذه الكلمات دمرتني كثيراً، وأنا أحاول جاهداً، لأن اعيدهم إلي لكن دون فائدة".
تحقيق رنا إبراهيم