رغم صدمة الطفل وانقطاع الرباط العاطفي والمشاكل الصحية والنفسية، ومضاعفات التخدير والجراحة التي قد تعاني منها الأم، إلا أن الولادة القيصرية، أصبحت مطلب وخيار الكثير من الأمهات، لأسباب متعددة جميعها تتفق على مبدأ الراحة والصحة النفسية والحفاظ على القوام الممشوق.
يؤكد الدكتور رامي محافظة، أخصائي نساء وتوليد، وجراحة السلس البولي والتهبيطات والجراحات النسائية الترميمية التجميلية في المستشفى الكندي التخصصي بدبي، أن الولادات القصيرية بدأت تزداد في الفترة الأخيرة لعدت أسباب، من منها؛ تجنب الملاحقة القانونية وتحمل الطبيب لمخاطر الولادة الطبيعية ذات الأبعاد الصحية الكثيرة، في المقابل تفضيل أغلبية النساء ومطالبتهن للولادة القيصرية لتجنب مضاعفات مشاكل المهبل وسلس البول وغيرها، ويقول موضحاً: " 15% من الولادات في العالم، هي ولادات قيصرية بناءً على رغبة الأم، بداعي حماية الأم أولاً وبعدها الجنين، لسهولة الولادة القيصرية، التي غالبيتها تعتمد على التخدير النصفي ومن غير مشاكل أو ألم، إضافة إلى جرح العملية ذو المساحة الصغيرة، وعملية الولادة السريعة التي لا تتجاوز النصف ساعة، وقدرة الأم على مغادرة المستشفى بعد الولادة بيوم دون مشاكل، وبالتالي تعتبر الولادة القيصرية الخيار الأسهل للأم".
من أكثر النساء اللاتي يلجأن إلى خيار الولادة القصرية هن الأمهات اللاتي حملن عن طريق التلقيح الصناعي ومن بين أبرز الأسباب التي تدفعهن لهذا الخيار بحسب أخصائي النساء والتوليد، أن الولادة القيصرية تعتبر آمنه على الطفل، فاحتمال اختناق الطفل أو نقص الأكسجين يكون معدوماً بالمقارنة مع الولادة الطبيعية واحتمال الخطر، لذلك معظم الأمهات اللاتي عانين كثيراً من أجل الحمل، ومنهن من حملن عن طريق التلقيح الصناعي " أطفال الأنابيب" يرفضن المغامرة بصحة طفلهن.
المضاعفات الآنية والقريبة والطويلة المدى
رغم أن الولادة القيصرية تعتبر ولادة آمنه نوعاً ما وسهلة وبسيطة على الأم في الشكل الظاهر، لكن ثمة أضرار ومضاعفات سلبية تؤثر على صحة الأم بالدرجة الأولى، يقسم الدكتور رامي محافظة الآثار السلبية للولادة:
* أولاً: مضاعفات آنية " أثناء الولادة": العملية القيصرية هي جراحة كبرى، ولديها مضاعفات التخدير والجراحة العادية، فالنزيف في القيصرية أكبر من العادية، و معدل الدم في الولادة العادية حوالي 300 مل، وفي الولادة القيصرية 800 مل.
* ثانياً: مضاعفات قريبة المدى: الألم بعد الولادة، واستعادة العافية والصحة، واحتمال التهاب الجرح بعد أسبوع من الولادة، إضافة إلى التهاب البول أكثر في الولادة القيصرية.
* ثالثاً: مضاعفات طويلة المدى: الولادة القيصرية هي عبارة عن جرح في البطن، وهذه الجروح التي أخذت مجرى الالتصاقات، قد تؤثر على قدرة المرأة على الإنجاب في المستقبل، وقد تحدث هذه الالتصاقات ألم، وممكن أن تؤثر على الأمعاء.
آثارها على الطفل
بحسب الدكتور شعيب شهزاد خان، رئيس وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة في المستشفى الكندي التخصصي، الذي يظهر تأثير الولادة القيصرية على الطفل، استناداً إلى دراسات أظهرت أن الولادات القيصرية تزيد كثيراً من فرص إصابة الأطفال بالحساسية. يقول: " الأطفال الذين يولدون بالعمليات القيصرية هم أكثر عرضة بخمس مرات للإصابة بالحساسية تجاه الغبار والحيوانات الأليفة مقارنة مع الأطفال الذين يولدون بشكل طبيعي، كما أن الأطفال الذين يولدون بالعمليات القيصرية عندما يصبحون في مرحلة الطفولة المتقدمة والمراهقة، هم أكثر عرضة للسمنة المفرطة بمقدار مرتين مقارنة مع الأطفال الذين يولدون طبيعياً. حيث وجد الباحثون بعد فحص سجلات أكثر من 10000 طفل بريطاني، أن الأطفال المولودون بواسطة عمليات قيصرية تزيد لديهم نسبة إصابتهم بالسمنة بمقدار 83% عندما يصبحون في سن 11 سنة مقارنة مع الأطفال المولودون بطريقة طبيعية. ولقد وجد الباحثون أن الأطفال يتعرضون لبكتيريا أثناء مرورهم في قناة الولادة مما يساعدهم على تنظيم عملية التمثيل الغذائي في وقت لاحق. وفي هذا السياق تشير النتائج إلى حد أن زيادة انتشار السمنة تعود بجزء كبير منها إلى زيادة نسبة العمليات القيصرية حيث تبلغ نسبة الولادات الجراحية في بريطانيا 1 من 4 أي بما مجموعه 160000 ولادة سنوياً. وبسبب تأثير التخدير وطريقة الولادة يواجه هؤلاء الأطفال البداية، صعوبات في التنفس ويحتاجون إلى مساعدة إضافية، ومن جهة أخرى، الطفل المولود بالطريقة القيصرية في أسبوعه الأربعين معرض بنسبة 1.5% لخطر الإصابة بمشاكل في الجهاز التنفسي، بينما يزداد هذا الخطر إلى 2.1% إذا ولد في الأسبوع التاسع والثلاثين وإلى 5.1% في الأسبوع الثامن والثلاثين وإلى 10% إذا تمت الولادة في الأسبوع السابع والثلاثين".
تحقيق رنا إبراهيم