الشيخ محمد بن راشد يتوج "صانع الأمل" العربي

السينما الجوالة الفلسطينية، مبادرة أطلقها المخرج يوسف الديك ومجموعة من الشباب في العام 2007 بهدف نشر ثقافة السينما وتقديم عروض سينمائية ترفيهية مجانية للمجتمع من خلال رحلاتها اليومية إلى القرى والمخيمات والريف الفلسطيني والتجمعات البدوية في الضفة الغربية ومدنها الواقعة شمالاً من جنين وطولكرم وقلقيلية مروراً بنابلس ورام الله وأريحا، وصولاً إلى قرى القدس وبيت لحم والخليل، وخصوصاً تلك البلدات التي تعاني من التضييق اليومي للاحتلال الإسرائيلي. وخلال السنوات الخمس الأولى من انطلاقها، استطاعت السينما الجوالة الفلسطينية أن تقدم أكثر من 300 عرض سينمائي لجمهور يتخطى 100 ألف مشاهد في مختلف المناطق الفلسطينية

 

لم يكن الديك وأيٌّ من أصدقائه يتوقعون قبل عشر سنوات نجاح مبادرة أسهمت في تعزيز ثقافة المجتمع الفلسطيني وإدخال البهجة في قلوب جمهور عريض من الصغار والكبار، من الأطفال والشباب والشيوخ، عبر تجربة فريدة يخوضها البعض للمرة الأولى في حياته.

 

تعكس المبادرة إيمان الديك ورفاقه بأهمية الترفيه الهادف إلى نشر الوعي والمعرفة في أوساط الجمهور الفلسطيني واطلاعه على تجارب الشعوب في مختلف مناحي الحياة من خلال السينما، خاصة وأن أكثر من 80% من هذا الجمهور لم يكن قد دخل داراً للسينما قبل ذلك بسبب عدم توفرها منذ عام 1987.

 

كانت العروض السينمائية تمنح الناس فرصةً فريدة للاطلاع على الفن السينمائي الذي منعتهم الظروف من الوصول إليه في المسارح وقاعات السينما التي يرتادها سكان المدن من أجل التعرف على ثقافات الآخرين.

 

ولعل الشغف والحب الذي قابل به الجمهور هذه المبادرة هو ما شجع القائمين عليها للاستمرار فيها سنوات عدّة معتمدين على إمكانيات ذاتية متواضعة إلى جانب الدعم المالي المحدود الذي كانت تتلقاه من حين لآخر من قطاعات المجتمع المحلي، إلى أن توقفت المبادرة في العام 2014 بسبب شحّ الموارد المالية إلى جانب الصعوبات والعراقيل التي فرضتها سلطات الاحتلال.

 

يمكن القول إن السينما الجوالة الفلسطينية كانت أكبر من مجرد مبادرة عابرة؛ فقد عزّزت حضور الفن السابع في أنحاء الأرض المحتلّة، كما ساهمت في صوغ ثقافة سينمائية لدى الجمهور الفلسطيني، حيث يمثّل هذا النوع من الفن أحد أهم مقومات المواجهة ضد الاحتلال وسياساته التعسفية، بدليل أن العديد من الأفلام الفلسطينية والعربية التي تتحدث عن قضية الاحتلال باتت اليوم أكثر تأثيراً على الرأي العام العالمي من أي أدوات سياسية أو دبلوماسية أخرى.

 

على الرغم من توقفها، الذي يأمل يوسف الديك ومن معه أن يكون مؤقتاً، فإن السينما الجوالة الفلسطينية كانت متنفساً لمئات الأسر وآلاف الأطفال والشباب. بالنسبة ليوسف، فإن السينما تسهم بلا شك في بناء منظومة فكرية وقيمية إيجابية، وتعزز التفاؤل في ذهنية شعب يعاني ظروفاً استثنائية. كما أن ساعات المتعة القليلة التي توفرها السينما تشكّل بارقة أمل يتشبث به الشباب الحالمون بغد أفضل، شباب يحمل بوطن مستقر ومستقبل مزدهر.

 

القصة الثالثة:

30 طبيبا متطوعا ينقذون حياة 3000 طفل

"القلوب الصغيرة".. فريق تطوعي يجوب العالم لينقذ قلوب الأطفال الصغيرة

 

يعاني مئات الآلاف من الأطفال في العالم من أمراض قلبية مختلفة، عدد كبير منهم يذوون في مقتبل العمر أو قد يقضون نتيجة لعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة، أو لعدم مقدرة الأسر الفقيرة على تأمين نفقات العمليات الباهظة. هذه الحالات الإنسانية دفعت الدكتور لؤي عبد الصمد، استشاري العناية المركزة لأمراض القلب في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة بالمملكة العربية السعودية، إلى جانب مجموعة من زملائه لتأسيس فريق تطوعي في العام 2007 حمل اسم "القلوب الصغيرة".

 

يقوم الدكتور لؤي مع فريق عالمي من أمهر الأطباء في جراحة الأطفال بإجراء عمليات جراحية للأطفال المولودين بتشوهات خلقية في القلب. في كل حملة لـ"القلوب الصغيرة"، يتألف الفريق من أكثر من 30 طبيباً مختصاً مدعومين بأخصائيين في العناية المركزة والتخدير وفنيين وممرضين من مختلف الجنسيات.

 

منذ انطلاقها، نظمت حملة "القلوب الصغيرة" أكثر من أربعين رحلة إنسانية شملت العديد من دول المنطقة والعالم من بينها؛ مصر والسودان والسعودية والمغرب وبنغلاديش وتنزانيا، حيث عالج فريق الحملة أكثر من 3000 طفل خلال السنوات العشر الماضية مجاناً.

 

في السنوات الماضية، شهدت "القلوب الصغيرة" توسعاً كبيراً في عملياتها ولقيت تفاعلاً شعبياً وتعاوناً من جهات عدة في مختلف البلدان التي تُقام فيها. وبما أن متوسط كلفة العملية الجراحية الواحدة للطفل تقدر بنحو 15 ألف دولار أمريكي وقد تزيد عن ذلك، فقد سعى الفريق الطبي إلى تكريس مبدأ التكافل المجتمعي من خلال التعاون مع الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية في الدول التي تُنفَّذ فيها الحملة لضمان تغطية نفقات علاج الأطفال تدون تحميل أسرهم أعباء مالية مرهقة.

 

يحظى فريق حملة "القلوب الصغيرة" اليوم بسمعة مرموقة في الأوساط الطبية حيث فاز بجائزة العمل الخيري البريطاني. ونال العديد من شهادات التكريم والثناء من الجهات الرسمية والأهلية في الدول التي أجرى فيها عشرات العمليات الجراحية التي أسهمت في إنقاذ حياة الأطفال وكفكفت دموع أمهات وآباء وأدخلت السرور في قلوب كادت أن تفقد الأمل بحياة أبنائها.

 

لم ينجح فريق "القلوب الصغيرة" في إنقاذ حياة آلاف الأطفال فحسب، بل غرسوا بذار الخير والعطاء في صدور الأطفال الذين عالجوهم، ليكبر هؤلاء الأطفال ويتذكروا بأن هذه المبادرة كانت طوق نجاة لهم، وليكونوا بدورهم جزءاً فاعلاً في مبادرات إنسانية وتطوعية قد تسهم في إنقاذ حياة الناس في المستقبل كما تم إنقاذهم من قبل في الماضي.

 

اصنع أملاً... اصنع فرقاً 

المزيد
back to top button