في اكتشاف جديد ونادر يظهر مدى تقدم حضارات بلاد ما بين النهرين ويعكس معالمها الحقيقية لجهة مدى تطور التنظيم الاجتماعي والعمارة الفنية والهندسية، أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية، عن أن بعثة تنقيبية أميركية في موقع لكش الأثري بمحافظة ذي قار جنوبي البلاد، عثرت على مكان عام لإعداد الطعام والشراب وتقديمه للناس.
وبحسب خبراء ، فما تم اكتشافه هو بمثابة بمطعم يعود لآلاف السنين على غرار مطاعم عصرنا الحالي، وقد لاقى الإعلان عن كشفه ردود فعل واسعة داخل العراق وخارجه، نظرا لاهميته مع حث للبعثات التنقيبية المحلية على أخذ زمام المبادرة أكثر، وتكثيف وبالتنسيق مع المؤسسات والبعثات العالمية المعنية، من جهودها للكشف عن المزيد من ما تكنزه بلاد الرافدين من مواقع ومعالم أثرية وتراثية تعكس عمقها الحضاري.
تصوير Skynews
وفي هذا السياق، أوضح مدير إعلام الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية حاكم الشمري، أن بعثة جامعة بنسلفانيا الأميركية نجحت ، أثناء تنقيبها في موقع لكش، باكتشاف مكان عام أثري لإعداد الطعام والشراب وتقديمه للناس على دكات طينية أشبه بالمقاعد المزدوجة، معتبرا أن هذا الاكتشاف الحديث قد يكون من بين أهم مكتشفات هذه البعثة خلال مواسم عملها الأربع في العراق.
كما تمكنت البعثة من اكتشاف مجموعة من الأواني الفخارية و6 أفران والعديد من الدمى الطينية ومسالك وممرات صغيرة بين الأبنية التي تم كشفها، ومواقد للطبخ وأواني تخزين وحفظ الطعام والشراب، علاوة على جرار كبيرة لحفظ المياه باردة وأدوات للطحن كأحجار الرحى، وعظام وحراشف أسماك وبقايا طعام. وشدد خبراء على أهمية هذه المكتشفات باعتبار أنها تشكل علامة أخرى على مدى غنى العراق بالآثار والمعالم الحضارية السحيقة، التي تؤكد حقيقة أن بلاد الرافدين لطالما شكلت مهدا لأعظم الحضارات من سومرية وبابلية وآشورية وأكدية وصولا للعصر الإسلامي.
يٌشار الى أن هذا الاكتشاف يأتي في سياق أعمال التنقيب المتواصلة منذ عام 2019 كجزء من مشروع مشترك بين متحف الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة بنسلفانيا، وجامعة كامبريدج، ومجلس الدولة للآثار والتراث العراقي، وباستخدام تقنيات حديثة كالتصوير الفوتوغرافي عبر الطائرات المسيرة والتحليل الجيني.
كما يذكر أن ذي قار تعتبر من أغنى المحافظات العراقية بالمواقع الأثرية السحيقة حيث تضم المئات منها والتي تقدر بأكثر من 1200 موقع متوزعة على مختلف مدن المحافظة ومناطقها، مثل أور ولكش ولارسا، فضلاِ عن أن العديد من تلك المواقع والمعالم لا زالت غير مكتشفة كلياً أو جزئياً.