يا مال الشام. يا فنّ الشام. منذ أكثر من سنتين ونصف، ما عدنا نذهب إلى دمشق. فما رأيكنّ بزيارة جميلة إلى شام الفنّ، بعيداً عن أصوات المتفجّرات والمدافع، إلى فنّّانة تحمل دمشق في رموش عينيها بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته، وما زالت، لكي تبقى هي في خضم تلاوين المدينة وناسها. هيّا بنا نزور كِنانة الكود.
كِنانة الكود، رسّامة ونحّاتة، فقدت والدها منذ فترة قصيرة على أيدي مجرمي الحرب. استشهد محمد غازي الكود لأنه حرّّ الفكر والرأي، ولأنه يحبّ أهل الشام. لم تجفّ بعد دموع ابنته، ولكنّها تستقبلنا بابتسامتها الشامية.
"بيتي راح، شغلي راح، بابا راح. لكن، على الرغم من ذلك فأنا باقية. أسافر لأعود بسرعةٍ إلى الشام. أرسم، أنحت، أفكّر. وأحبّ. وهناك شامٌ ثانية أحبّها كثيراً وهي أمّي..."
عام 2003، تخرّجت كٍنانة من معهد الفنون التطبيقيّة الكائن في قلعة دمشق، ذلك المكان الرائع. وتابعت دراستها أيضاً في كليّة الفنون الجميلة، قسم التصوير الزيتي والتلوين. على الرغم من صغر عمرها، شاركت الفنانة السورية في معارض عدّة في دمشق، بيروت، روسيا، إسبانيا، الجزائر، القاهرة، شرم الشيخ، تركيا، إربيل... وهي تنوّع إبداعاتها حاليّاً ما بين النحت والرسم علماً انها عملت في مجال ترميم بيوت دمشق القديمة. ومن وحي عملها، تقوم بمشاريع تصوير فوتوغرافي مثل مشروع "اساطيح" الذي ينقل إلينا سطوح دمشق وحكاياتها، والذي كانت قد ابتدأت به قبيل الأحداث في العاصمة السورية. أمّا الآن فهي تبقيه معلّقاً، بانتظار عودة الأمان لتُكمله.
"في لوحاتي هناك حصّة كبيرة للفراغ. إنه الصمت العربيّ الذي يضغط علينا ونحن غير قادرين أن نتكلّم، أن نعبّر." من ينظر إلى لوحات كِنانة الكود يرى ناساً يعتقد أنّهم دمىً. إنهم أناساً حقيقيّون مربوطون بخيوط تحرّكهم وتتحكّم بهم. "هذه الخيوط تتواجد دائماً في لوحاتي. إنها ما يحرّك الناس ويقودهم مثل الإنتماء والمعتقد، الجهة السياسيّة، التقاليد إلخ.. وسؤالي هو كيف يمكن لي أن ألغي الخيوط ليصبح ناسي أكثر حريّة. بدأت بتحرير أولئك الناس في لوحاتي الأخيرة. إلى اين سيصل مشروعي، لا أدري. إنّه مثل بلدي سوريا."
على أمل أن تزول كلّ الخيوط وتصل كنانة ومعها سوريا، إلى برّ الحريّة والأمان.
انضمّوا إلى صفحة الفايسبوك الخاصّة بكنانة الكود: https://www.facebook.com/kinana.alkoud
أنطوان ضاهر