افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة صباح اليوم في متحف الشارقة للآثار معرض "40 عامًا من التعاون الآثاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا".
وتجول سموه في أروقة المعرض واستمع إلى شرح حول المعروضات الأثرية المكتشفة في دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن التعاون الآثاري مع جمهورية فرنسا.
وينظم المعرض بالتعاون مع المعهد الفرنسي في دولة الإمارات العربية المتحدة / القسم الثقافي في السفارة الفرنسية، وبدعم من اليونسكو، وذلك احتفاءً بمرور 40 عامًا على انطلاق التعاون بين الإمارات وفرنسا في مجال الآثار.
ويتضمن المعرض الفريد الذي انطلق تحت اسم "40 عامًا من التعاون الآثاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا" أكثر من 100 قطعة أثرية فريدة كانت البعثة الآثارية الفرنسية قد اكتشفتها منذ انطلاق أعمالها عام 1977 في الإمارات وذلك بالتعاون مع المختصين في الدولة.
وتساهم مجموعة الآثار المتنوعة المعروضة والتي تشمل الحلي والفخاريات والمباخر والأسلحة وغير ذلك من الآثار المكتشفة في توسيع فهم تاريخ الإمارات، كما تلقي نظرة عميقة عبر تاريخ الإمارات باعتبارها مركز الطرق التجارية والمنطقة عبر التاريخ الذي يمتد لقرابة 7500 سنة.
وكانت فرق العمل التي تديرها البعثة الفرنسية قد باشرت عمليات التنقيب عام 1977 في مناطق جبل حفيت، والهيلي، والرميلة ضمن المنطقة الغربية في إمارة أبوظبي وفي عام 1985، توسع العمل ليشمل مواقع أخرى في الشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة، فيما وصل إلى الفجيرة عام 1999.
ومن خلال العمل المتواصل كل عام دون توقف، تمكنت فرق العمل من إنجاز عمليات تنقيب عديدة أفضت إلى اكتشافات بالغة الأهمية، والتي تعود بالتاريخ إلى العصر الحجري الحديث وتتضمن القطع الأثرية المعروضة مجموعة من رؤوس السهام المصنوعة من حجر الصوان، وتجهيزات مستخدمة لصيد أم اللآلئ، وأعمال فخارية مزخرفة، ومجموعة من الحلي المصنوعة من الأصداف.
أما القطع المكتشفة من العصر البرونزي في المعرض، فتتضمن قطعًا أثرية فخارية مصنوعة محليًا وفي أماكن أخرى من المنطقة، والتي تكشف أهمية الإمارات باعتبارها مركزًا تجاريًا. أما الآثار المكتشفة من العصر الحديدي، فتتضمن مجموعة من الأسلحة مثل رؤوس سهام مصنوعة من النحاس وخنجر من البرونز. كما تبين الآثار المكتشفة مدى التطور في صناعة الفخاريات من خلال المباخر والتماثيل ذات التفاصيل المعقدة.
أما أبرز المعروضات من أواخر فترة ما قبل الإسلام، فتتضمن عملات فضية، ورأس ثور من البرونز، ولوحة برونزية منقوشة باللغة الآرامية. فيما تتضمن القطع المكتشفة من العصر الإسلامي مجموعة هائلة من الفخاريات والخزف المصنوعة محليًا، أو جلبت إلى الإمارات من إيران والصين وتايلند.
ويحتفي المعرض الذي تستمر فعالياته حتى 31 يناير 2018، بالشراكة التاريخية الوثيقة التي جمعت ما بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا على مدار 40 عامًا وخلال هذه المدة كانت فرق التنقيب التي قادتها البعثة الآثارية الفرنسية قد باشرت أعمالها في عدة أجزاء من الدولة في كل من أبوظبي والشارقة والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين.
وفي تصريح لها قالت سعادة منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف: "يحظى التعاون ما بين فرنسا والإمارات في مجال الآثار بأهمية بالغة ضمن المساعي الرامية لاكتشاف التاريخ القديم في الإمارات والمنطقة بأكملها. وقد كشفت أعمال التنقيب الكثير من الكنوز التي وفرت لنا المعرفة والمعلومات الغنية عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكان هذه المنطقة في الماضي، بدءًا من العصر الحجري الحديث وانتهاءً بفترة الحكم الإسلامي".
وأضافت "تمثل هذه الاكتشافات، بالنسبة للزائرين، فرصة مذهلة للتعرف على تاريخ الإمارات وإرثها الحضاري، إضافة إلى التعرف على الدور الهام للآثار المكتشفة والتي كانت صنع الإنسان، والمواقع التاريخية، والتي تضفي مزيدًا من الثراء على هوية الدولة ".
وفي تصريح له، قال سعادة لودوفيك بوي، السفير الفرنسي في دولة الإمارات العربية المتحدة: "إنه لفخر كبير بالنسبة لنا أن تشارك فرنسا في تنظيم هذا الحدث مع متحف الشارقة للآثار، وبالتعاون مع الهيئات في خمس إمارات كانت البعثة الفرنسية قد نفذت فيها عمليات البحث، والتي أتوجه لها بالشكر الجزيل. كما أننا حظينا بشرف الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي أتقدم له بالعرفان والتقدير. كما أعرب عن شكري للدكتورة صوفي ميري، مديرة البعثة الآثارية الفرنسية، والتي وضعت على عاتقها أمانة هذا المعرض بكل تفانٍ وشغف. ولا يمكننا الاحتفال بهذه المناسبة الهامة من دون عرض المقتنيات الأثرية التي اكتشفت بفضل التعاون الوثيق ما بين البلدين".
وأضاف "أنا مسرور لكون هذا المشروع الثقافي والعلمي الطموح والذي يغطي معظم أجزاء دولة الإمارات، سيكتمل بتنظيم هذا المعرض الذي يكشف بدوره عن حجم العمل الهائل الذي نفذه المتخصصون الإماراتيون والفرنسيون في مجال الآثار، والذين عملوا بكل حماسة لفهم التاريخ الإماراتي وما يتميز به من ثراء وأصالة وتنوع، وتسليط الضوء على تفاصيله. لا شك أننا سنحظى بدعم أكبر في مساعينا المشتركة لمواجهة التطرف والقضاء عليه بالاعتماد على الثقافة والتعليم، وكل ما آمله هو أن يساهم هذا المعرض في تحفيز الشباب على المشاركة في اكتشاف التاريخ الإماراتي الغني، وحثهم على مواصلة مسيرتهم المهنية في هذا المجال".
وتتولى مهمة القيم الضيف على أعمال المعرض الدكتورة صوفي ميري، عالمة الآثار والفخاريات والمتخصصة بالتاريخ الحديث في المنطقة العربية، وكانت الدكتورة ميري قد قادت البعثة الآثارية الفرنسية إلى أبوظبي ما بين 1995 و1999، ومنذ ذلك الوقت وهي ترأس البعثة الآثارية الفرنسية في الإمارات.
وتتضمن قائمة الهيئات والمؤسسات الشريكة بتنظيم الحدث كل من المعهد الفرنسي في الإمارات، وهيئة الشارقة للآثار، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وهيئة الفجيرة للسياحة والآثار، ودائرة الآثار والتراث في أم القيوين، ودائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة.
حضر حفل افتتاح المعرض إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة كل من سعادة خولة الملا رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وسعادة عبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وسعادة خالد جاسم المدفع رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي، وسعادة محمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وسعادة الدكتور خالد عمر المدفع رئيس مدينة الشارقة للإعلام، وسعادة علي ابراهيم المري رئيس دارة الدكتور سلطان القاسمي، وسعادة علي حسين المزروع مدير عام دائرة الرقابة المالية، وسعادة محمد خلف مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، وعدد من المسؤولين وممثلي الهيئات الثقافية المعنية بالآثار.