لم تكن الفروسية هواية أو حلم الطفولة كما يقول بعض الفرسان، لكنه حلم الشباب كما وصفته الفارسة الإماراتية ريم الشرجي، التي بدأت أول خطواتها في عالم الفروسية، والتحقت بنادي " الحليفي" الكائن في إمارة رأس الخيمة لمدة السنة والنصف، تعلمت في تلك الفترة على أساسيات ركوب الخيل والقفز، وكانت آنذاك فارسة قفز بالحواجز قبل أن تصبح فارسة ماراتون.
تحديات وأحلام كبيرة ولحظات من الفرح والابتسامة عاشتها ريم الشرجي، في عالم الفروسية، ترويها لنا وتقول: " في تلك الأثناء تعرضت لحادث أثناء قفز الحواجز ما أدى إلى كسر في الذراع، وتوقفت عن الفروسية لمدة 6 أشهر.. وبعدها انتقلت لمرحلة مهمة في حياتي وكانت في ( مربط السويدي) حيث تعلمت أسس العناية بالخيل من حيث تنظيف الخيل وتجميله و تسريجه (لباس الخيل) وبدأت أول خطوة نحو الهدف المتمثلة في الدخول للماراتون، والحمد لله حققت نجاحات كبيرة. وبعد حصولي على الفرس "سمر" والتحاق الأخير بإسطبل " راشد بن تميم" قررت هذا الموسم الدخول في فريق يؤهلنا للدخول في سباقات القدرة، وأحلم أحلم بتأسيس إسطبل خاص، لتربية الخيول وترويضها، ومن خلالها آمل الدخول في سباقات عالمية باسم الإمارات".
Elle Arabia: تميزت بعباءتك التي ترفرف فوق ظهر الفرس خلال سباقات القدرة، ما السر في ذلك؟
ريم الشرجي: نعم هذا صحيح، وليس فقط في سباقات القدرة إنما العباءة لازمتني في تدريباتي اليومية، وأشعر بالسعادة والفخر وأنا ملتزمة بلباس الوطني على ظهر الخيل، فالعباءة تعني الالتزام والحشمة والعزة والكرامة وهذه هي الصفات الأساسية للفرسان، كما أريد تشجيع بنات الإمارات على الالتزام والتمسك بالعباءة وأوضح بأنها لا تشكل عائق أمام المرأة في ممارسة رياضة ركوب الخيل.
Elle Arabia: كيف تقبل أهلك دخولك هذا المجال؟
ريم الشرجي: من الطبيعي ونحن ننتمي لمجتمع محافظ ولاسيما مجتمع إمارة رأس الخيمة القبلي، أن أواجه بعض الاعتراضات والتحديات من قبل الأهل، في البداية الجميع دهش حين قررت دخول عالم الفروسية، وخاصة وأنا الشخص الوحيد في العائلة الذي اتجه لهذا المجال، ولكن والحمد لله استطعت إقناعهم وتغيير نظرتهم، والحمد لله زوجي تفهم الوضع وكان أول المشجعين لي وخاصة بعد النجاحات التي حققتها".
*ولادة " سمر"
هي نقطة تحول كبيرة في حياة الشرجي، حين قررت شراء فرس خاصة بها، تصف تلك اللحظات، وتقول: " بمساعدة سالم السويدي حصلت على فرس جميلة أسميتها " سمر" كوني أفضل أسماء البنات المكونة من ثلاثة أحرف، وهذا الاسم ينطبق عليها ويعكس جمالها. "سمر" ذاك الأحد عشر عام، تنتمي إلى نوع X breed المخلط بين العربي والإنجليزي، سحرتني بجمال عيونها وشعرها الجذاب، بالإضافة إلى رشاقة هيكلها ، هي باختصار صغيرتي المدللة، التي أدلعها كما أتعامل مع ابنتي "شما".
Elle Arabia: كيف استطعتِ تكوين علاقة حميمة مع الفرس " سمر"؟
ريم الشرجي: هي فرس مطيعة ومروضة في نفس الوقت، في البداية كانت سمر تشعر بالخوف والتوتر ولكن سرعان ما زال ذلك الشعور، بالتدريب والتقرب منها، دائماً أتحدث وأجلس معها كإنسان وأرافقها وهي تتمشى، وبدأت أتقرب منها واعتبرتها مثل بناتي، عندها قررت اصطحابها معي إلى البيت، حيث بنيت لها إسطبل خاص بها، وهنا قوية العلاقة أكثر، ولاسيما وأني كنت أقدم الرعاية الكاملة لها، المتمثلة في إطعامها وتنظيفها وتدريبها، أما بالنسبة للرعاية الطبية، كان هناك طبيب بيطري مختص يأتي لمعالجتها ومتابعة صحتها بشكل دوري.
Elle Arabia: تربية فرس في البيت وظيفة متعبة ومهلكة كيف تصرفتِ؟
ريم الشرجي: لا أعتبرها وظيفة متعبة، تربية "سمر" كانت ممتعة ومسلية، على العكس تماماً أطفالي كانوا فرحين حين جئت بالفرس إلى البيت، الحمد لله زرعت في بناتي الثلاثة الشجاعة منذ الصغر، وجميعهن أتوقع لهن أن يكن فارسات متميزات، وخاصة ابنتي الصغير متعلقة جداً بالفرس، وكانت كل يوم تركب عليها وهي مستمتعة جداً، لكن ابني الوحيد بعيد عن الفروسية مثل والده. وخلال تلك الفترة دخلت أول ماراتون على مستوى الدولة بمجهودي الشخصي 40 كيلو متر، وتأهلت للمرحلة الأولى والثانية، وبعدها كان من المفترض أن أتأهل لمرحلة 80 كيلومتر، ولكني انسحبت من السباق نتيجة إصابة تعرضت لها "سمر" حينها قررت الانسحاب من السباق وأيضاً البحث عن إسطبل خاص يقدم الرعاية والعناية للفرس.
Elle Arabia: كيف كان قرار رحيل "سمر" عن المنزل ؟
ريم الشرجي: بالتأكيد هو قرار صعب أن تنتقل " سمر" إلى مكان آخر غير الذي اعتادت عليه، لكن من أجل الحفاظ على صحتها وسلامتها اتخذت هذا القرار، لأنها حين كانت بالمنزل كنا آنذاك نيام، ويبدو أن "سمر" وقعت على قدميها، ولم أكن أعلم وفي اليوم التالي قدمت لها الطعام ورفضت، ولاحظت وجود جرح متوسط على قدمها، وطلبت الطبيب المعالج وخاط قدمها، من هنا قررت البحث عن إسطبل يقدم الرعاية والعناية لها، وكان إسطبل " راشد بن تميم" الخيار الموفق لصحة وسلامة " سمر" حيث يقدم لها الرعاية والعناية الصحية والتدريب، وأنا مطمئنة نفسياً على وجودها هناك.
*لحظة اللقاء
تشعر الشرجي بالشوق والحنين لرؤية " سمر" وخاصة حين تنظر إلى فناء المنزل وترى الإسطبل الصغير الذي كانت تلعب وتلهو به " سمر"، ما دفعها إلى زيارتها يومياً في إسطبل "راشد بن تميم" الكائن بإمارة دبي، وعلى الرغم من طول المسافة التي كانت تقطعها إلا أن شوقها لفرسها المدللة هون عليها كل المصاعب، إلى أن اطمأنت الشرجي لسلامة سمر بعد أن تعودت على بيئة الإسطبل أصبحت تتردد عليها 3 مرات في الأسبوع، تصف الشرجي لحظة لقائها بفرسها، وتقول: " أول ما أضع قدمي على الرمال تلتف "سمر" ويصدر منها صوت غريب، عندها أتقدم نحوها وأسألها عن أحوالها وأتحسس شعرها وأدلعها وأقدم لها بعض من البسكويت الخاص بالخيول بالإضافة إلى الجزر وحلاوة البولو".
Elle Arabia: هل تفكرين بشراء فرس آخر؟
ريم الشرجي: أنا مقتنعة بـ " سمر" ولكني أفكر الإنتاج منها، وأبحث عن (فحل) مناسب لتزويجها، لتنجب فرس صغير، عندها سأسميها " سماره".
Elle Arabia: ماذا تعلمت من عالم الفروسية؟
ريم الشرجي: أولها خصلة الصبر التي تأصلت بي ولاسيما بعد سباق 40 كم، كما تعلمت الشجاعة والجرأة، وأصبحت أكثر ثقة بنفسي.
Elle Arabia: هل تعتبرين رياضة ركوب الخيل ملائمة للمرأة؟
ريم الشرجي: نعم لأنها تحرك العضلات، وخاصة ونحن نعيش في عصر قلت به الحركة، لذلك أنصح النساء بممارسة ركوب الخيل، ليس فقط من أجل تحريك العضلات وحرق السعرات الحرارية فحسب، إنما من أجل تحقيق الفائدة المعنوية وبناء الشخصية، ولا يوجد ما يمنع المرأة دخول هذا المجال وخاصة وأن دولة الإمارات وفرت للسيدات نوادي خاصة لتعلم الفروسية وإسطبلات خاصة بهن.
حاورتها رنا إبراهيم