في فلسطين نشأت الفنانة روان عناني، وترعرعت في أجواء خلقت بداخلها إرادة الحياة والصمود. طفولتها في أحياء هذا البلد المناضل، عزّزت جرأتها في التعبير عن مشاعرها وأفكارها، مدعومة بخبرة والدٍ حفر تاريخاً عريقاً في مجال الرسم، وأدى دوراً كبيراً في تثبيت خطاها على درب الإبداع.
إلى هذا العالم الخيالي الذي تعيش فيه، تأخذنا الفنانة الفلسطينية روان عناني في هذا الحوار الخاص.
من هي روان عناني؟
أنا فنانة فلسطينية من مواليد القدس، عشت وترعرعت في مدينة البيرة في رام الله، متزوجّة ولديّ ابنتان وأقيم حالياً في كندا. أعشق الحياة وألتمس التفاؤل والبسمة، وأسعى إلى إبعاد نفسي عن الأمور السلبية. فلسطين حاضرة دائماً في أعمالي التي تجسّد عشقي لها، وتعكس شخصيتي المتفائلة من خلال لوحة الألوان المرحة التي أستخدمها. شاركت في معارض كثيرة، منها في مدينة رام الله ومنها في أميركا.
متى ولد شغفك بالرسم وكيف تمكّنت من تطويره؟
رافقني هذا الشغف منذ طفولتي فأنا ابنة بيت فني. أبي هو الفنان المعروف نبيل عناني والذي كان له الأثر الأكبر في تكوين شخصيتي الفنيّة. كنت أمضي وقتاً طويلاً إلى جانبه في المرسم، أراقب تفاصيل عمله وكيف يستخدم خامات فنيّة متنوّعة. وكان يشجّعني وأخوتي على الرسم ويوفّر لنا ما نحتاج إليه من الألوان والورق لذلك. وعلى الرغم من أن دراستي الجامعية كانت بعيد كل البعد عن مجال الفن، إذ تخصّصت في إدارة الأعمال، فإن شغفي للرسم عاد بعد زواجي وانتقالي للعيش في السعودية. حينها قرّرت أن أنمّي موهبتي من جديد، فوجدت نفسي غارقة في حب الألوان المائية على الورق.
هل تشعرين بأن الرسم قادر على التعبير عن مشاعرك؟
الفنان بشكل عام هو إنسان حساس جداً ومشاعره تختلف عن مشاعر من حوله. من جهتي، أسعى إلى تجسيد حبي لوطني فلسطين من خلال رسوماتي التي تعكس المدن والأحياء الفلسطينية بلوحة ألوان زاهية، لكي أعرّف العالم على هذا البلد الجميل وثقافته وعاداته وطبيعته. ورغم الواقع الصعب، أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن كل ما هو سلبي وحزين.
كيف عزّز انتماؤك الوطني جرأتك في التعبير؟
مرحلة الطفولة برأيي هي مرحلة مهمة في بناء شخصية الإنسان. وطفولتي التي عشتها في مدينة البيرة في رام الله طبعت الكثير من الصور الجميلة في ذاكرتي، يستحيل نسيانها. عشت الانتفاضة الأولى والثانية في فلسطين وهذه التجربة عزّزت انتمائي لوطني وانعكس تأثيرها بشكل واضح على رسوماتي.
ما هي أهم رسالة ترغبين بإيصالها من خلال لوحاتك؟
فنّي هو وسيلتي لنشر ثقافة فلسطين وتراثها. ولوحاتي تركّز بشكل خاص على المرأة الفلسطينية التي أعتبرها رمز الصمود والتضحية، كما أن الثوب الفلسطيني الذي ترتديه بتطريزاته وأشكاله الهندسية يعكس تراثنا الغني. أرغب بأن يتعرّف الجميع على المدن الفلسطينية بأحيائها وبيوتها القديمة وهندساتها الفريدة.
كيف تصفين أسلوبك وما الذي يميّزك عن غيرك من الفنانين؟
في لوحاتي أستخدم درجات من الألوان الزاهية والحيويّة التي تجذب الأنظار إليها، كما أعمد إلى إخفاء معالم الوجه لأبسّط الأسلوب الفني، وهذا ما يمنحني هوية فنيّة خاصة.
"نسمة الربيع"
ما هي أحب لوحة على قلبك ولماذا؟
جميع لوحاتي لها مكانة في قلبي، ولكن هناك لوحة مميّزة رسمتها على قماش الكانفس، اكتشفت من خلالها أني أملك القدرة على الرسم بألوان الأكريليك. هي لوحة طبيعة صامتة، تصوّر الساحل الشمالي لمدينة فلسطين ومشهد الجبال والتلال والبحر فيه. ركّزت فيها على الأشجار، لا سيّما شجر اللوز وأزهاره البيضاء الربيعية وأطلقت على هذه اللوحة اسم "نسمة الربيع".
ما هو الحلم الذي ترغبين بتحقيقه؟
أحلم بأن أفتتح معرضي الخاص أو أن أشارك في معرض عربي جماعي خارج فلسطين، أعرض فيه رسوماتي وأعرّف العالم بأسره على ثقافة بلدي وتراثه الغنيّ، وأن أرفع علم فلسطين بين مختلف الرسامين العرب.