لا يوجد ما يسمّى بالاسمرار الصحّي. الاسمرار هو رد فعل يحدث بعد تعرض الجسم لأشعة الشمس كنوع من الوقاية الطبيعة حيث ينتج الجسم المزيد من الميلانين، وهي المادة التي تعطي بشرتنا لونها، وذلك لحماية الجلد من آثار الأشعة فوق البنفسجية.
هذا الأشعّة التي تعرف بإما UVB أو UVA ، لها العديد من الآثار على الجلد والجسم على المستوى النووي. يعد اختراق ال UVA أعمق من ال UVB ويمكن أن يؤدّي إلى انهيار الحمض النووي وبالتالي التسبّب في تلف الخلايا ولأضرار كثيرة، خاصةً إذا تمّ التعرّض لفترة طويلة من الزمن، وقد يؤدي إلى أنواع معينة من سرطانات الجلد.
على الجسم العمل على:
- إصلاح الضرر. يستطيع الجسم القيام بذلك ولديه القدرة على إصلاح نفسه ولكن بنسبة معيّنة. في حالة تكرار التلف، قد تتأثّر عملية الإصلاح وتظهر العديد من المشاكل الجلدية.
- على الجسم حماية نفسه من آثار الشمس عن طريق إنتاج الميلانين. الميلانين لديه القدرة على امتصاص آثار الإشعاع بحيث لا يصل إلى عمق. يعتبر البعض هذا التغيير في لون البشرة بمثابة إسمرار.
على المرء أن يسأل نفسه عن سلامةوصحّة هذه العملية الدفاعية.
في أوائل القرن التاسع عشر، كان العكس صحيح، حيث يُعتبر الأشخاص ذوي البشرة المسمّرة من العمال أو عامة الشعب. وتحرص الطبقة الراقية من المجتمع على عدم تعرض البشرة لأشعة الشمس وحمل دائمًا مظّلة للحماية من الشمس. كانت بشرتهم دائمًا فاتحة وكانوا حريصون على بقائها على هذا النحو. تعود صيحة التشمّس والإسمرار المتعمّد إلى منتصف القرن العشرين عندما كانت كوكو شانيل تقضي عطلتها في جنوب فرنسا وقد نسيت الجلوس تحت مظلة. عند عودتها إلى باريس، كان بشرتها سمراء. خلال ذلك الوقت، كانت تعتبر كوكو شانيل من الأشخاص المؤثّرة اجتماعياً. اعتبرها الناس اطلالة جديدة وأرادوا تقليدها. ومن هنا بدأت موضة التشميس.
على المرء أن يفهم أن التشمّس غير صحي على الإطلاق. أنه يشبه فكرة تدخين سيجارة للبقاء مستيقظة. بالتأكيد، أنه مفعول النيكوتين الفوري، ولكن مع الوقت يؤدّي إلى تأثيرات سلبية وضارة على رئتيك. يمكننا تشبيه ذلك بعمليّة التعرض لأشعة الشمس. يحاول الجسم بشدة حماية نفسه من الضرر الذي يحدثه هذا التعرّض وهو السبب الأساسي وراء تغيير لون البشرة التي تصبح داكنة اللون. نحن لا نتحدث هنا فقط عن تأثيرات أشعّة الشمس، بل أيضًا عن أسرّة التشميس وباقي أجهزة التسمير غير الطبيعية.
في الواقع ، أصدرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان في يوليو 2009 تقريراً سريراً حيث صنّفت الدباغة في أعلى فآت مخاطر الإصابة بالسرطان للبشر. أجريت العديدمن الدراسات والبحوث، أكثر من 20 دراسة وبائية، تشير إلى أن الأشخاص الذين بدأوا في استخدام أجهزة التسمير قبل سن ال 30 عاماً هم أكثر عرضة بنسبة 75 ٪ لتطوير الميلونوما melanoma وهو من أخطر أنواع سرطان الجلد.
ذكرت وكالة أسوشيتيد برس (AP) في ذلك الوقت أن أسرة التشميس وغيرها من مصادر الأشعة فوق البنفسجية تحتل المرتبة الأولى في فئة مخاطر الإصابة بالسرطان، وتعتبر قاتلة مثل غاز الزرنيخ وغاز الخردل.
بمعنى آخر ، الأسمرار أو التشميس، لم يكن ولن يكون صحياً. على الجميع الحد من التعرض للشمس والتأكّد من التعرّض الآمن لأشعة الشمس وتجنّب ضغط الاجتماعي والبدع الشائعة حول هذا النمط. كوني ممقتنعة ببشرتك وبلونها. بهذه الطريقة سوف تتأكدي التمتّع بحياة صحّية وطويلة.
بقلم د. حسن كلداري