L'Oréal ومستقبل العطور

في قلب باريس، استضافت مجموعة L’Oréal مؤخّراً حدثًا حصرياً بعنوان "فنّ وعلم العطور"، لتسليط الضوء على المزيج المعقّد من الخبرة الفنّية والعلمية التي تحدّد عملية صنع العطور المميّزة.

 

على مرّ العقود، ابتكرت لوريال عطوراً لا تُنسى والتي أصبحت تشكّل جوهر صناعة العطور. احتفالاً بمرور ٦٠ عاماً من التميّز في العطور، قدّم هذا الحدث لمحة نادرة عن العالم الداخلي المغلق لصناعة العطور، بدءاً من الاختيار الأولي للمكوّنات وصولاً إلى التصميم الدقيق للزجاجة. كانت الرحلة عبر "فنّ وعلم العطور" بمثابة اكتشاف ثقافي، حيث زوّدتنا بنظرة من وراء الكواليس على عملية صياغة العطر. وتبادل الحرفيون والخبراء رؤاهم حول التوازن الدقيق في صناعة الروائح، مع التركيز على الاستدامة والابتكار في تشكيل مستقبل العطور. كما سلّط المعرض الضوء على تراث لوريال الغني في "صناعة العطور الراقية"، وكشف النقاب عن مجموعات جديدة (ترقّبوها!) تلخّص فخامة وأناقة إبداعات العلامة التجارية العطرية. بينما تستمرّ العلامة التجارية في استكشاف مستقبل العطور، فإنّها تظلّ ملتزمة بصياغة الروائح التي يتردّد صداها مع الأحاسيس، مدعومة بخبرة الحرفيين والاستخدام المبتكر للتكنولوجيا.

 

نهجٌ ثوري

التقينا مع باربرا لافيرنوس، نائبة الرئيس التنفيذية لشركة لوريال، التي أكّدت على أهمية دمج التكنولوجيا والعلوم للارتقاء بفنّ صناعة العطور. وكانت فخورة جداً بآلة استخلاص الروائح، الجديدة والحصرية، والتي تمّ تصميمها بالتعاون مع شركة Cosmo International France. تقول: "لطالما كان حلم كلّ صانع عطر، الحلم الأسمى، هو استخلاص نفس الرائحة التي توفّرها الزهرة في الطبيعة. وعملية الاستخراج هذه تسمح بذلك الآن". توضح باربرا أنّه يمكنهم الآن استخلاص جوهر "الزهور الصامتة" سابقاً. "في الطبيعة، يمكننا شمّها، ولكن بمجرّد أن نقطعها فإنّها تفقد رائحتها. وباستخدام هذه الآلة، يمكننا استخلاص هذه الروائح الصعبة المنال ـ على سبيل المثال باستخدام زنبق الوادي، الأمر الذي لم يكن ممكناً في السابق". وتوضح أنّ آلة الاستخراج تعتمد على العلوم الخضراء، وتتطلّب القليل جداً من الطاقة ـ "كلّ ما عليك فعله هو توصيلها (بالكهرباء) مثل المصباح" ـ وهي لطيفة جداً على الزهور بحيث يمكن استعادتها بعد عملية الاستخراج واستخدامها مرة أخرى في عمليات أخرى. وعندما سُئلت عن سبب هذا الحدث ولماذا الآن، قالت باربرا: "نحن روّاد العالم في مجال العطور ونشعر أنّه من المهم أن نشيد بالخبرة الفنّية، والتكنولوجيا والأشخاص الذين يقفون وراء هذه العطور. أردنا أن نوضح أنّ Libre by Saint Laurent، على سبيل المثال، استغرق ٧ سنوات لتصنيعه. أردنا أن نسلّط الضوء على الخبراء في مجالاتهم ـ في تصميم الزجاجات، والتصنيع، وابتكار العطور". في الواقع، عندما سُئلَتْ عن أكثر حقيقتين قد تُفاجئ الناس، أدرجت أولاً عدد التجارب ومقدار الوقت الذي يستغرقه صنع العطر، "يستغرق الأمر سنوات لتحديد شيءٍ فريد وجديد ومميّز. إنّه علم عميق". حقيقة أخرى مثيرة للاهتمام هي أهمية المكوّنات، "مكوّن يحمل نفس الاسم ولكن يتمّ حصاده بشكلٍ مختلف ومعالجته بشكلٍ مختلف يمثّل عملية ضخمة. هذا فنّ قائم على المكوّنات. ولصنع رائحة متعدّدة الأوجه وتدوم طويلاً، يُعتبر تحديد مصادر المكوّنات أمراً حيوياً".

الزجاجة...

بمعزل عن "العصير" الفاخر، يبرز العطر أيضاً في الزجاجة التي تأتي نتيجة التعاون بين خبرات مختلفة، بدءاً من فِرَق التسويق ووصولاً إلى مهندسي المواد والمصمّمين والموردين. ولتكون قابلة لإعادة التعبئة، تمّ تجهيز زجاجات العطور الجديدة بغطاءٍ قابلٍ للفتح.

بالنسبة لنا، كان نجم الحدث هو آلة استخلاص العطور المتطوّرة والحصرية التي تمّ الكشف عنها مؤخّراً. هي نتيجة شراكة حصرية بين مجموعة لوريال وكوزمو إنترناشيونال فرنسا، ومن ميزاتها إنّها تستخدم عملية استخلاص جديدة بدون ماء مما يقلّل بشكلٍ كبير من استهلاك الطاقة، وعلى عكس الطرق التقليدية التي تتطلّب كميات كبيرة من الماء والحرارة، فإنّها تستخدم تقنيّة خالية من المذيبات لالتقاط أنقى خلاصة للمكوّنات الطبيعية. لا تحافظ هذه الطريقة على سلامة ونقاء المركّبات العطرية فحسب، بل تقلّل أيضاً من البصمة البيئية التي تتركها عملية الاستخراج. فهي تتيح استخلاص روائح عطرية لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقاً، مما يوسّع نطاق الروائح المتاحة لصانعي العطور. فلم يعد يسعنا الانتظار لتجربة مجموعة متنوّعة من الروائح والعطور الجديدة!

التقليد والتكنولوجيا المتطوّرة

وكانت الزيارة إلى مصنع تعبئة الزجاجات، La Manufacture du Parfum ـ Aulnay-sous-Bois، مفيدة بنفس القدر، حيث أظهرت براعة لوريال الصناعية والتزامها برفاهية شعار "صنع في فرنسا". بعد ارتدائنا معدّات الحماية الشخصية ـ النظّارات الخاصة والأحذية والمعطف وغطاء الشعر ـ عُرضت علينا نظرة عن قرب لعملية التعبئة والتغليف ذات التقنية العالية حيث تقوم الفرق بمراقبة الروبوتات والروبوتات التعاونية والتأكّد من أنّ الإنتاج يسير على النحو الصحيح وبالوتيرة اللازمة.

 
المزيد
back to top button