على الرغم من ارتباطِ اضطرابِ المشي أثناء النوم بالأطفال الذين يذهبون إلى المدارسِ بشكل واسع، إلا أنهم ليسوا وحدهم الذين يعانون منه. يُطلقُ على اضطرابات النوم مجتمعةً "الخطل النومي"، ويشير إلى كل سلوك غير عادي قد يقوم بعض الأشخاص المصابون به أثناء استغراقهم في النوم. ويعد هلع النوم والمشي أثناء النوم بمثابة استيقاظٍ جزئي من النوم العميق، ويمكن أن يجتمع الاضطرابان معاً ويصيبان شخصاً في نفس الوقت، وعلى الرغم من أن كلاهما يمثل سلوكاً عرضياً يتداخل أثناء النوم، إلا أنه من المهم أن نفهم خصائصه السريرية وأساليبه التشخيصية. يحدث الأمران أحياناً بشكل منفرد وفي عزلة عن أيةِ عواملٍ أخرى، بينما في كثير من الأحيان تكون مرتبطةً بوجود اضطراباتٍ نفسية وعصبية وطبية. ومن أجل فك تلك القضية المعقدة، يشرحُ لنا الدكتور إرشاد إبراهيم من مركز لندن لعلاج الأرق واضطرابات النوم ما يفسر انتشار تلك الاضطرابات وطرق علاجها سريرياً.
اهتم بنومك:
في الغالب يميل الكبار إلى نسيان أو التخلي عن ساعتين أو أكثر من ساعات نومهم بسبب تعرضهم إلى ضغوطات بشأن الوقت. من جانبٍ آخر أصبح الأطفال أيضاً هذه الأيام يميلون إلى نمطِ الحياة العصرية وسط زخم من الأجهزة والأدوات الإلكترونية، ويفضلون قضاء ساعات طويلة أمام مختلفِ أنواع الشاشات، بدءاً من التلفاز وانتهاءً بالأجهزة المحمولة. ولكن يقول الدكتور إبراهيم: "إذا كان هناك شيئٌ واحدٌ يجب أن نهتم به، فسيكون هو النوم الجيد خلال الليل. وعلى الرغم من أن تلك الاضطرابات هي وراثية في الطبيعة وتنتقل من خلال أفراد العائلة، إلا أنه من المهم اعتياد جسمك على روتين منتظم ودورة كاملة من النوم كل ليلة لمنع حدوث الآثار السلبية لتلك الاضطرابات".
ما هي تلك الاضطرابات؟
يحدث المشي أثناء النوم في حالةِ اليقظة بشكل جزئي من النوم العميق. أما عند الأطفال، من المحتمل أن يحدث بشكل متكرر أكثر بسببِ أن قدرة العقل على تنظيم دورات النوم بينما اليقظة لا تزال غير ناضجة، ومع ذلك، فمن الممكن أيضاً أن يستمر حدوث تلك الحالة حتى مرحلة البلوغ. وعادةً يحدث المشي أثناء النوم بسبب الإجهاد والحرمان من النوم أو اضطرابات النوم الأساسية مثل الشخير أو توقف التنفس أثناء النوم أو اضطراب حركة الأطراف الدورية غير المستقرة.
لا يتسبب هلع النوم في أي ضرر تنفسي على المدى الطويل، وعادة ما يحدث للأطفال خلال النوم العميق. وعادة ما يفزع الأطفال الذين يعانون من هلع النوم وسط صراخ ويبدون مضطربين للغاية، وغالباً ما تكون أعينهم مفتوحة. كما أن الأطفال الذين يعانون من هلع النوم المتكرر في فترة الطفولة المبكرة، هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب المشي أثناء النوم بعد عمر 5 سنوات. لا تتسرع وتقوم بتشخيص أنماط عشوائية من هلع النوم على أنها اضطراب في النوم، إلا في حالة تكرارها في كثير من الأحيان.
التعامل مع المشي أثناء النوم وحالات هلع النوم؟
المشي أثناء النوم وهلع النوم غير مضران بشكل عام أو على المدى الطويل، ولكن في بعض الظروف يقتضي الأمر التدخل. فبينما يتميز المشي أثناء النوم بالتجول أثناء مرحلة الاستيقاظ الجزئي وينطوي على تنفيذ سلوكيات لاإرادية ومعقدة في بعض الأحيان، يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان ألا تؤدي تلك السلوكيات أو الأفعال إلى حدوث حوداث. فعلى سبيل المثال، في كثير من الحالات يميل الأشخاص المصابون إلى فتح الأبواب والابتعاد إلى خارج نطاق المنزل أو الغرفة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حوادث مثل السقوط أسفل الدرج والتسبب في حدوث إصابات، من المهم تأمين البيئة المحيطة بقدر الإمكان عن طريق التأكد من إقفال النوافذ والأبواب بإحكام، وكذلك استخدام بوابات غلق للدرج لحماية الأطفال. من المفضل اقتياد واصطحاب الأشخاص الذين يمشون أثناء النوم بهدوء والعودة بهم إلى السرير من دون إزعاج نومهم إن أمكن.
يعد هلع النوم أكثر فزعاً وإيلاماً للمراقب له بشكل أكبر من الشخص أو الطفل الذي يعاني من الاضطراب نفسه. بعيداً عن الاعتقاد الشائع والمعتاد، فإن هلع النوم لا يعبر عن الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس التي تحدث في مرحلة معينة من النوم تسمى "نوم حركة العين السريعة" ويمكن أن يتسبب في ضيق شديد. إن الأشخاص أو الأطفال الذين يعانون هلع النوم من الممكن أن يصرخوا أو يصيحوا أو يصابوا بهياج وذعر شديد، وربما أيضاً أن يقفزوا من السرير. ستكون عيونهم مفتوحة، ولكنهم لن يكونوا مستيقظين تماماً. من الممكن أيضاً للأطفال أن يبدؤون بالبكاء. وعادة لا يتذكر الأشخاص المصابون ماذا حدث لهم في صباح اليوم التالي. ينبغي تجنب اللمس أو التحدث مع الشخص الذي يعاني من هلع النوم، إذ من الممكن أن يتسبب ذلك في إطالة وتعقيد الحالة. بدلاً من ذلك، ينبغي أن نبقى هادئين وننتظر حتى تمر الأزمة بسلام. تحدث تلك الحالات عادة خلال الساعات القليلة من النوم، وتستمر نحو 15 دقيقة.
بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة لهذه الحالات، فإن أخذ قسط كافٍ من النوم واتخاذ أنماط جيدة للنوم، من شأنه أن يحد من حدوث تلك الحالات. من الواضح أن الأشخاص الذين تحدث لهم نوبات منتظمة من حالات المشي أثناء النوم وهلع النوم، سيتسبب لهم ذلك في تعطيل واضطراب النوم بشكل كبير. ونتيجة لذلك، فإن العواقب على المدى الطويل سوف تتمثل في ضعف التركيز وانخفاض القدرة على التعلم. تعد تلك الاضطرابات مزعجة جداً لأفراد العائلة والمحطين بشكل عام، كما أن ملاحظة ومراقبة حدوث مثل تلك الحالات يولد شعوراً سيئاً ومؤلما للغاية.
من أجل أخذ قرارٍ حول ما إذا كانت تلك الحالات تمثل بالفعل المشي أثناء النوم وهلع النوم والتحقق من اندراج تلك الحالات ضمن قائمة اضطرابات النوم الرئيسية ولها تأثير ضار على صحة الأفراد، فمن الأفضل أن تسعى إلى استشارة أخصائي في طب النوم لتشخيص الحالة بشكل جيد، ومن ثم رسم خطة واضحة للعلاج.