تعدّ آلام أسفل الظهر من أكثر المشكلات الصحية شيوعاً وإحدى الأسباب الرئيسية للتغيب عن العمل. ووفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، تقدّر نسبة انتشار آلام أسفل الظهر (الشائعة) غير محددة السبب بـ 60 إلى 70 % في البلدان الصناعية. وعادة ما تنتشر بين الأشخاص في المرحلة العمرية من 30 إلى 55 عاماً، ولكن يُعتقد أيضاً بأن نسبة انتشارها بين الأشخاص الأصغر سناً آخذة في الازدياد بصورة سنوية.
أسباب آلام أسفل الظهر
يقول الدكتور صبوح قسيس، اختصاصي الجراحة العصبية بمستشفى برجيل للجراحة المتطورة وأحد خبراء جراحة العمود الفقري بدولة الإمارات: "في معظم الحالات لا تكون آلام أسفل الظهر ناجمة عن مرض خطير أو مشكلات في العمود الفقري، ويمكن تصنيفها ضمن آلام أسفل الظهر غير محددة الأسباب. وقد تعود أسباب آلام أسفل الظهر إلى عدد من العوامل مثل إصابات الظهر، والشد العضلي، والوضعية الخاطئة في الجلوس، ونمط الحياة الخالي من النشاط، والسمنة. وتؤدي المشاكل النفسية الناشئة عن التوتر والقلق إلى تفاقم آلام الظهر. ويعدّ العاملون في البناء، ومن تضطرهم مهنتهم للوقوف ساعات طويلة أثناء عملهم، ومن يقتضي عملهم رفع أشياء ثقيلة، والنساء الحوامل أكثر عرضة لخطر الإصابة بآلام الظهر. وبالنسبة للنوع غير المحدد من آلام الظهر، فغالباً ما يكون من الصعب معرفة السبب الأساسي وراءها".
عوارض آلام أسفل الظهر
يشعر المصابون بهذه الحالة بآلام خفيفة إلى شديدة في أسفل الظهر وقد تنتشر إلى الإليتين أو أعلى الفخذين. ولا تنتشر آلام أسفل الظهر غير محددة السبب في اتجاه القدمين كما لا ترتبط بإحساس غير طبيعي فيهما مثل الخدر أو الوخز أو الحرارة. ويجري الطبيب فحصاً بدنياً للمريض لتحديد موضع الألم ومعرفة ما إذا كان هناك تشنج عضلي والتأكد من أن آلام الظهر هي من النوع غير المحدد السبب. ولكن قد تتطلب حالة المريض أحياناً إجراء تقييم أكثر تفصيلاً باستخدام الأشعة السينية والرنين المغناطيسي، حسب شدة الألم ومدى وجود أعراض أخرى وذلك لتحديد السبب. ففي حالة آلام الظهر غير محددة السبب، لا تظهر الفحوص الشعاعية أية نتائج غير طبيعية في العمود الفقري في معظم الأحيان.
وقد تحدث آلام الظهر غير محددة السبب نتيجة لرفع ثقل معين أو الالتواء بطريقة خاطئة. وأحياناً قد يستيقظ الشخص على آلام في ظهره بسبب وضعية نوم غير سليمة. كما يمكن للتوتر أن يفاقم أعراض آلام أسفل الظهر. وأضاف الدكتور صبوح: "يؤدي التوتر إلى إفراز هرمونات التوتر والتي تؤدي بدورها إلى حدوث تغيرات جسدية وعقلية ونفسية تعزز قدرة الجسم على التعامل مع الخطر الكامن، وتسمى أيضاً استجابة القتال أو الهروب. وتدفع هرمونات التوتر – في إطار هذه الاستجابة – عضلات الجسم إلى الانقباض أو التصلب، وغالباً ما يؤدي هذا الانقباض أو التصلب إلى ألم في مناطق معينة من الجسم مثل العنق، والكتفين، وأسفل الظهر لاسيما إذا استمر التوتر لفترات طويلة.
وغالباً ما يستغرق التحسن من آلام الظهر غير محددة السبب أسبوعاً أو أكثر في بعض الأحيان. ولكن من الشائع أن يشعر المصاب بنوبات من الألم في فترات متقطعة بعد المرة الأولى. وغالباً ما ينصح الطبيب المريض بأخذ قسط من الراحة أو يصف له بعض الأدوية التي تساعد على الشفاء.
طرق العلاج
وأضاف الدكتور صبوح: "قد يصف الطبيب للمريض مضادات التهاب لا سترويدية (NSAIDS) وأدوية مثل مرخيات العضلات. كما يمكن للمعالجة الحرارية أن تساعد على إرخاء العضلات. وقد يحتاج المريض أيضاً إلى جلسات علاج طبيعي تشمل المعالجة اليدوية، وتمارين تحسين المرونة ووضعية الجلوس وحركة الجسم.
وإذا استمر الألم لأكثر من أسبوعين، أو في حال تفاقمه أو انتشاره إلى الساقين، أو في حال أدى إلى الشعور بخدر أو تنميل أو ضعف في الساقين، فيجب مراجعة الطبيب على الفور حيث أن ذلك قد يكون مؤشراً على مشكلة أكثر خطورة مثل الانزلاق الغضروفي، أو التهاب، أو مرض عصبي.
واختتم الدكتور صبوح حديثه بالقول: "تعدّ الوقاية عاملاً أساسياً في تفادي الإصابة بآلام أسفل الظهر. ويُنصح بشدة بممارسة التمارين التي تعزز مرونة العضلات وقوتها. كما تعدّ حركة الجسم بصورة سليمة على الدرجة نفسها من الأهمية في الوقاية من إصابة أسفل الظهر، فوضعية الجلوس السليمة، والانحناء، ورفع الأشياء بطريقة صحيحة كل ذلك يقي من الآلام ويوفر على الشخص زيارة الطبيب. ومن الأهمية بمكان أيضاً توخي المزيد من الحرص قبل مزاولة أي نشاط بدني مكثف في حال كان الشخص قد أصيب سابقاً بآلام أسفل الظهر حيث أن ذلك يزيد من احتمال إصابته مجدداً".
إقرئي أيضاً علاج الاكتئاب مع الزعفران