في مجتمعاتنا العربية عادةً ينظر إلى الفتاة العازبة المتقدمة بالعمر على إنها فتاة قليلة الحظ وبائسة كونها لم تجد شريك العمر الذي سيكمل معها مسيرة الحياة، والأهم من ذلك لم تحظى بفرصة تكوين أسرة والحصول على لقب "ماما" .. ولكن من الناحية العلمية ووفقاً للبحوث الاجتماعية فإن الواقع يختلف، إذ تعد المرأة العازبة هي الأكثر سعادة من المتزوجة.
ركز بحث أميركي أجرته متخصصة علم النفس الاجتماعي بيلا دي باولو من جامعة كاليفورنيا في سانت باربرا على العازبات واعتمد على 814 دراسة شملت العزاب والمتزوجين، وتوصلت الباحثة إلى أن الشخص الأعزب يميل إلى الاعتماد على نفسه أكثر من المتزوج الذي يمكن أن يستعين بالشريك. لذلك فإن الأعزب يمتلك دوافع وقدرة أكثر من غيره للنمو والتطور عبر تقدمه في تحقيق أهدافه. كما أظهر البحث أن الأشخاص العزاب يبدون اهتماما أكثر بالتواصل مع أسرهم وأصدقائهم وزملائهم وجيرانهم. وأوضحت دي باولو ذلك بقولها إن "الإنسان عندما يتزوج يصبح أكثر انطواء"، كما أكدت دراسة أميركية أجريت لصالح المتقاعدين أن الأميركيات العازبات في الخامسة والأربعين من العمر وما فوق يشعرن بسعادة ورضا أكثر عن حياتهن مقارنة بنظيراتهن المتزوجات، لأن المرأة التي تظل عازبة لوقت طويل تفكر مليا في اختيار الزوج المناسب لها، لذا تجد سعادتها في وحدتها.
وبينت نفس الدراسة أن العازبات أكثر سعادة من المتزوجات، المطلقات والأرامل وأكثرهن قوة في الشخصية وتتمتعن بصحة نفسية ممتازة مقرنة بالمتزوجات، لأن العازبات اللاتي لم يتزوجن بعد كثيرة من خلال تحقيق ذاتها وتطوير نفسها وبناء نفسها مهنيا وعلميا وروحيا وشخصيا وفكريا، بالإضافة إلى بناء علاقتها الأسرية.
رأي العازبات
تقول سوزان محمد- 42 سنة- مهندسة كمبيوتر، "مازالت هناك نظرة سلبية اتجاه المرأة "العانس" كما يسمونها في مجتمعاتنا للاسف، إذ تواجه العديد من المضايقات من قبل الأسرة والأهل بصفه عامه، ولكن هذا الأمر لم يعد يضايقني كثيراً، لاسيما واني قطعت شوطاً طويلاً من الانجازات على المستوى التعليمي والمهني، ولم تعد مسألة الإرتباط تهمني كثيراً، فأنا أعيش لأجل نفسي أولاً وفخورة بكل ما حققت، ووجود رجل بجانبي لن يضيف لي شيئاً جديداً!".
أما حياة إبراهيم – 34 سنة- صحافية، ترى أن مهنتها هي التي تمنعها من الإرتباط نظراً لطبيعة عملها وما يتضمنه من إختلاط والعمل لساعات طويلة، وتقول: " كنت مخطوبة لفترة قصيرة وخلال تلك الفترة تراجع مستوى نشاطي الصحفي، بسبب تدخل خطيبي بشكل مباشر عدا عن الشكوك ومحاولتي لتبرير كل مهمة أقوم بها، وبمجرد انفصالي عن خطيبي شعرت بسعادة وحرية لا توصف، وقررت عندها التقاعس عن فكرة الزواج أو حتى الإرتباط بعلاقة عاطفية، وأنا حالياً سعيدة بعملي وبجميع انجازاتي، أما فكرة تكوين عائلة لم تعد تهني فلدي أسرتي المكونة من والداي واخوتي وابنائهم، وهم بمثابة أبناء لي، وبالتالي نجحت في اشباع غريزة الأمومة لدي، وأعيش براحة بال وهي الأهم".
من جهتها، ترى سوسن مراد- 29 سنة- موظفة، أن السعادة لا تقاس بين المرأة المتزوجة والفتاة العازبة، فقد تعيش المرأة المتزوجة بجحيم مع زوجها الذي يقيد حركتها ويمنعها من الانخراط بالمجتمع والاهتمام بنفسها، في حين تستطيع الفتاة العازبة صنع سعادتها بنفسها، فهي اليوم عضو فاعل في المجتمع وتستطيع العمل والاعتماد على نفسها، وبالنهاية مسألة السعادة تعتمد على المرأة نفسها سواء أكانت متزوجة أو عازبة.
أما إيمان محمد- 25 سنة- موظفة خدمة متعاملين، تصف حياتها قبل الزواج وبعد حصولها على الطلاق، وتقول: " كل فتاة تحلم بشريك العمر وتربط سعادتها بهذا الشريك، وكذلك كنت أعتقد، إلى أن تزوجت بمن أحببت حيث كانت لدينا طموحات وأحلام مشتركة، ولكن بعد فترة قصيرة من الزواج، صدمت بالواقع المرير الذي أعيش فيه، واكتشفت بأني أصبحت معزولة عن العالم، بمن فيهم صديقاتي وأهلي، الذين أذهب لزيارتهم على فترات متباعدة، عدا عن ذلك وبعد انجابي لطفلي، اصبحت حياتي بين العمل على ارضاء زوجي وخدمة طفلي، حتى أنني فقدت وظيفتي بسبب شكوك زوجي الدائمة.. وبعد حصولي على الطلاق من أربعة أشهر التحقت بعمل جديد، وطفلي برعاية والدتي واعيش بهدوء وسعادة".
تحقيق رنا إبراهيم