على الرغم من سن القوانين التشريعة التي تكفل حقوق المرأة وتضمن لها حياة اجتماعية كريمة، إلا أن وللأسف ثمة عدد من الأسر ترى أن الإفصاح عن مسألة العنف ضد المرأة وتعرضها للإهانة والمطالبة بحقوقها لاسيما بعد الطلاق هي بمثابة "فضيحة" يمنع الافصاح عنها أمام القضاء وفي المؤسسات الاجتماعية والإنسانية، من خلال حوار Elle Arabia مع المحامية والمستشارة القانونية جوسلين خير الله، نستعرض ملف تعنيف المرأة وأبرز القوانين التشريعة التي تصب في مصلحة وحقوق المرأة..
Elle Arabia: ما هي أشكال العنف ضد المرأة وأنواعها؟
مفهوم العنف يعني كل فعل يمارس من طرف فرد أو جماعة ضد فرد أو أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولا أو فعلا و هو فعل عنيف يجسد القوة المادية أو المعنوية.
ورجوعاً إلى أنواع العنف الذي قد تتعرض له المرأة بصورة عامة وأهمها على الاطلاق هو العنف المادي والإيذاء الجسدي الذي قد تتعرض له المرأة من الزوج أو الأخ أو الأب علما أن الصور المتداولة في قاعة المحاكم تغلب عليها صورة تعرض المرأة للعنف المادي من قبل الزوج، في المرتبة الثانية يأتي التعنيف المعنوي الذي لايقل أهمية من حيث التأثير على نفسية المرأة وبالطبع دورها الاجتماعي، وقد حدد المشرع الإماراتي العقوبات في حال تعرض المرأة للعنف المادي، وجعل من العنف المعنوي وسيلة للمرأة للمطالبة بالطلاق من زوجها للضرر في حال تم إثباته ومن دون صدور حكم جزائي طالما لاتزال عروة الزواج قائمة.
أما النوع الثالث من العنف الذي تتعرض له المرأة بصور متعددة فهو العنف المجتمعي وللأسف لم تحدد له عقوبات قانونية لأن بعده الاجتماعي خارج نطاق التجريم.
ولا توجد أي مبالغة في وصف العنف لأن الواقعة من خلال الصور تشكل مأسة حقيقة فما بالك بمشاعر واحاسيس الشخص المعنف الذي تعرض لإيذاء جسدي بصورة متكررة.
Elle Arabia: كيف يمكن للمرأة أن تحمي نفسها من أشكال العنف بالشكل القانوني؟
طبعا حصانة المرأة قانونياً وفي أي مجتمع تبدأ من معرفة المرأة بالحقوق التي كفلها لها القانون ويضاف إليها إطلاعها على كافة المعاهدات والاتفاقات التي دخلت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة وكانت طرف فيها أو وقعت عليها.
وهنا لابد من توضيح بأن المرأة في دولة الإمارات تعتبر الأولى عربياً بتمكينها من الحصول على حقوقها، وأود هنا توضيح دور مهم للأهل وخاصة الأباء والأمهات الذين يرغموا بناتهم التي تعرضن للعنف بأخفاء أثاره وعدم استخدام حقهم القانوني باللجوء لفتح بلاغ جزائي ضد المتسبب بالفعل رغم وجود الحماية القانونية، والذي يشكل عندما يكون العنف ماديا اعتداء على جسد المرأة والمعاقب عليه بقانون العقوبات الاتحادي وتحديداً الباب السابع من القانون، الاعتداء على الاشخاص، باب المساس بحياة النسان وسلامة جسدة، المادة 343 ( ﯾﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪة ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ وﺑﺎﻟﻐﺮاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﺎوز ﻋﺸﺮة آﻻف درھﻢ أو ﺑﺈﺣﺪى وﺗﻜﻮن اﻟﻌﻘ ، ﻣﻦ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﺨﻄﺌﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺴﻼﻣﺔ ﺟﺴﻢ ﻏﯿﺮه، ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺘﯿﻦ ﻮﺑﺔ اﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪة ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺘﯿﻦ واﻟﻐﺮاﻣﺔ). والمادة 339 (ﯾﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ وﺑﺎﻟﻐﺮاﻣﺔ ﻣﻦ اﻋﺘﺪى ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺟﺴﻢ ﻏﯿﺮه ﺑﺄﯾﺔ وﺳﯿﻠﺔ وأﻓﻀﻰ اﻻﻋﺘﺪاء إﻟﻰ ﻣﺮﺿﮫ أو ﻋﺠﺰه ﻋﻦ أﻋﻤﺎﻟﮫ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻣﺪة ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣﺎً. وﺗﻜﻮن اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪة ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ واﻟﻐﺮاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﺎوز ﻋﺸﺮ ة آﻻف درھﻢ إذا ﻟﻢ ﺗﺼﻞ ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻻﻋﺘﺪاء إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺠﺴﺎﻣﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. وإذا ﻧﺸﺄ ﻋﻦ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻠﻰ إﺟﮭﺎض والاجراءات المتبعة في هذا المجال تتلخص بشكوى تقدم الى مركز الشرطة المختص وعرض المراة المعنفة على الطب الشرعي لتقرير يحدد جسامة الاعتداء الذي وقع عليها أو افضى إلى عاهة مؤقتة أو مستديمة تمنعها من ممارسة حياتها الطبيعية.
ومن ثم تحال أوراق الشكوى إلى نيابة الأسرة لتسجيل بلاغ جزائي ضد المتسبب بالاعتداء تمهيداً لاحالتها للمحكمة والحكم بالعقوبة المنصوص عليها حسب القانون على المتهم. ويحق هنا للمرأة التنازل عن البلاغ في مرحلة من مراحل القضية في حال الصلح بين الطرفين.
Elle Arabia: ما مدى انتشار العنف في مجتمعنا؟
لا أملك احصاءات على مستوى الدولة ولكن من خلال القضايا التي اترافع بها أمام المحاكم، لدينا نساء معنفات، ومع الاسف عدد كبير منهن يرفضن اللجوء للقضاء، إما بحجة المحافظة على الحياة العائلية من التفكك، أو بحجة العيب والخجل الإجتماعي، أو حتى الخوف نتيجة وقوع المرأة تحت تأثير تهديد من الزوج بعد اللجوء للقضاء، وهذا فيه استهانة كبيرة لشخص المرأة المعنفة والمعتدى عليها مادياً.
كما وأضيف شيء مهم وهو الخوف الذي يتملك المرأة المعنفة بمعنى أن المرأة المعنفة وخاصة إذا كان الإعتداء عليها يتم بصورة متكررة تحتاج إلى مساندة الأشخاص الذين حولها للبوح بهذا الأذى الذي تتعرض له ومساعدتها لإثبات و توثيق هذا الإعتداء.
Elle Arabia: إذا أردنا ترتيب أشكال العنف، ماهي المرتبة الأولى؟
ترتيب أشكال العنف على درجات حسب نظرة القانون له، هو كالتالي: تعرض المرأة للضرب والايذاء أشد أنواع العنف وبالطبع الإثارة الجسدية والنفسية يصعب تجاوزها بسهولة، والمرتبة الثانية على التوالي يكون التعنيف المعنوي والعنف الكلامي الذي لا يقل أذاه عن التعنيف الجسدي ولكن القانون جعل منه وسيلة لإثبات ضرر وقعه على المرأة ويحق لها الطلاق أو التفريق إذا اثبت بشهادة الشهود.
Elle Arabia: حتى نكون منصفين أكثر ما هي الأسباب المؤدية إلى تعنيف المرأة وكيف يمكن تفاديها؟
من خلال الحالات التي تعرض علي كمحامية يصعب تحديد الأسباب، فأحيانا يكون السبب الفارق الإجتماعي بين الرجل والمرأة في مستوى التعليم أو حتى النجاح الإجتماعي وهنا أذكر على سبيل المثال أن احدى موكلاتي تعرضت للعنف يوم زفافها، وهناك حالات يتطور فيها الشجار بين الرجل والمرأة الى الضرب أو بمعنى أن عنصر التفهم والتوافق بين الزوجين ينعدم بحيث تصبح الوسائل غير مشروع، و بالطبع التصرف يكون غير إنساني .
إن الحياة العائلية مدرسة مستقلة ودور المرأة فيها إيجابي وفعال بمعنى أن نحرص دوماً على تربية جيل سليم نفسياً وفي منزل خالي من المشاجرات، ومع الاسف الكثير منا يهتم اليوم بالصحة العامة والهيئة الخارجية ويهمل موضوع الصحة النفسية ، فالبناء النفسي مهم جدا للجيل القادم، وعلى مستوى القانون يجب أن أنوه أن هناك مراكز للمرأة والطفل يمكن اللجوء لها في حال تعرضت المرأة للعنف ورفضت اللجوء للشرطة.
حوار رنا إبراهيم