دقّت ساعة استيقاظ الحواس وحان موعد اللّقاء مع الحرارة والنور والشمس. لكن هل من رابط بين العلاقات العاطفية والحساسية للضوء؟
حين يخيّم الدفء على الأجواء، يتبدّل المزاج وترتاح الحواس وتطول الأيام فنشعر بالهناء. ننسى طبقات الثياب اللامتناهية، ونسترخي في الأمسيات على الشرفة، ونمتلئ نشاطاً وحيويةً. أخيراً، حتى تكتمل الحكاية وتكلّل بالسعادة، نلحظ ازدياداً في الرغبة الجنسية. إنّ الصيف بمثابة "اليد اليمنى" للحبّ، وهذا أمر معروف! لكن ما يبقى مجهولاً هو السبب في ذلك.
أشرقت الأنوار
إنّ الإشراقة القوية التي تطبع فصل الصيف تحفّز بعض التركيبات المهمة في الدماغ مثل غدّة hypothalamus، الغدّة النخامية (hypophysis)، والغدة الصنوبرية (pineal gland). وتتفاعل كلّ هذه الغدد على انتظام الهرمونات.
إنّ استرجاع الطاقة المفعمة بالرغبة تساعد على سهولة التواصل مع الآخرين وعلى ارتفاع الشهوة الجنسية. إنّها ظاهرة نلحظها أيضاً لدى الأرانب التي تتزاوج بوتيرة عالية حين توضع في مكانٍ مضاء جداً. يشرح لوسي فينسان الذي نشر "La formule du désir" لدى دار Albin Michel: "إنّ الشمس هي بمثابة مؤشّر قوي للدماغ. واليوم يعيش المرء في مكانٍ محمي جداً مضاء وغارق في الأنوار الاصطناعية. فيشعر بنقص النور الأبيض الذي تبعثه الشمس، في نهاية فصل الصيف الطويل وأيامه القصيرة. بواسطة شبكة العين يبعث النور مرسلات إلى الدماغ، فيقوم هذا الأخير بدور قائد الأوركسترا لفرقة كبيرة من الهرمونات والهرمونات العصبية (neurotransmitters) في الجسم". مع قدوم فصل الصيف، توجّه هذه الهرمونات العصبية ناقلات إلى الغدد التناسلية (الخصية لدى الرجل والمبيض لدى المرأة). بعدئذٍ، تنتقل الناقلة التي على شكل هرمون ذكوري يوقظ الرغبة. إنّ إفراز هذا الهرمون، ولو بكميات قليلة، فعّال جداً للرجل وللمرأة على حدٍّ سواء. كلّ ذلك يشرح لمَ يكون الإنسان بكامل نشاطه خلال شهر آب/ أغسطس، فهرمون التستوستيرون يكون في أوجه. عندئذٍ يصرّف المرء هذا الفيض من الحيوية في النشاط الجنسي أو من خلال الرياضة والعمل.
المزاج والتعرّي
تقول العالمة في الشؤون الجنسية وكاتبة "Psy, Sex & Fun"، كاترين سولانو: "يساعد الضوء على التحلّي بمزاج أفضل. حين نشعر بالإحباط نفقد كلّ شعور بالرغبة. حتى لدى الأشخاص الذين يتحلّون بمعنويات عالية يتفاعل الضوء إيجاباً على نفسيّاتهم ورغباتهم". يكفي أن يكون الطقس جميلاً حتى تخفّ الملابس وتبين الأجسام، ما يمهّد تلقائياً للاستنتاج أنّ الانجذاب الجنسي في الصيف يختلف عنه في الشتاء. ويضيف لوسي فينسان: "حين نبدأ بخلع الملابس يزداد عندنا الإحساس بالدفء. في هذا الموسم، يفرز الجسم روائح أكثر وتقوم الغدد الإبطية بإفراز العرق بكميات أكبر. ليس لهذا تأثير مباشر على الحياة الجنسية لكن قد يوفّر بعض الأحاسيس التي تدعو إلى التقارب. كلّ هذه المؤشرات التي تدلّ على وجود الشريك الجنسي وجهوزيّته، لها تأثير على مستوى "الدوبامين" في أجسامنا المسؤول عن لفت انتباهنا إلى الأهداف الجنسية المحتملة".
لقد فهمت الأرانب الدرس جيداً: إنّ الأمر قائمٌ على الوحدات الضوئية!
د. أنصوان ضاهر
أولاد الصيف
مؤشّر مهم: تصل حالات الولادة إلى أوجها في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو. يُترجم هذا الواقع بارتفاع ملحوظ للعلاقات الجنسية في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس. إنّ الصيف أرض خصبة للمرح العاطفي.