تستعد منطقة شاطئ السعديات لاستقبال ضيوفها من السلاحف "صقرية المنقار" (الهوكسبيل) التي تفد إلى الشاطئ بنهاية شهر مارس وحتى بداية شهر سبتمبر من كل عام لتضع بيوضها كما اعتادت منذ آلاف السنين.
وأكدت شركة التطوير والاستثمار السياحي، المطور الرئيسي لأبرز الوجهات السياحية الثقافية والسكنية في أبوظبي، أن فريق الخدمات البيئية لديها قام بتهيئة المكان للمراقبة ورصد أي نشاط لتعشيش السلاحف "صقرية المنقار" للعام الجاري على شاطئ السعديات، حيث أظهرت الاستطلاعات نجاح الكثير من عمليات تفقيس للسلاحف على الشاطئ الشمالي لجزيرة السعديات بالقرب من نادي شاطئ السعديات.
وتخضع أعشاش السلاحف صقرية المنقار المهددة بالانقراض إلى مراقبة وإشراف دقيق من قبل فريق الخدمات البيئية في الشركة ضمن برنامج "حماية سلاحف الهوكسبيل" الذي يعد الوحيد من نوعه في منطقة الخليج العربي. ولتحقيق هذا الغرض، يتم وضع لافتات إرشادية واضحة على مناطق التعشيش بالإضافة إلى القيام بحملة توعوية لضمان عدم إلحاق الضرر بها من قبل الزوار أو السكان أو العاملين إلى حين تفقيس البيوض التي تستغرق عادة ما بين 50 إلى 70 يوماً، حيث يمكن أن تضم مناطق التعشيش ما بين 90 إلى 100 بيضة.
وتم إدراج هذا النوع من السلاحف على قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض ضمن "اللائحة الحمراء" لـ"الاتحاد الدولي لحماية البيئة"، حيث تشهد أعدادها تراجعاً حاداً على مستوى العالم، إذ تناقصت بنسب عالية بلغت أكثر من 80% خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة نظراً لتدمير الموائل الطبيعية والصيد الجائر الذي تتعرض له.
ومنذ إطلاقها العمليات التطويرية على شاطئ السعديات، اتخذت شركة التطوير والاستثمار السياحي مجموعة من الإجراءات لحماية الكثبان الرملية على طول الخط الساحلي للسعديات، حيث تشكل الكثبان الرملية العميقة على شاطئ السعديات موطناً مثالياً لتعشيش السلاحف صقرية المنقار. كما وضعت الشركة شروطاً صارمة لضمان نجاح "برنامج حماية سلاحف الهوكسبيل" والتي تمنع بموجبها عمليات التطوير لمسافة تصل إلى 60 متراً بعيداً عن الشاطئ، وذلك لإقامة منطقة عازلة من الكثبان الرملية بين العمليات الإنشائية وبين مواقع التعشيش المسماة "محمية الكثبان الرملية" في شاطئ السعديات، بما يضمن عودة السلاحف للتعشيش في أي وقت دون التعرض لمضايقة أو إزعاج.
وقال سفيان حسن المرزوقي، الرئيس التنفيذي لشركة التطوير والاستثمار السياحي: "لقد وضعنا في صدارة أولوياتنا مراعاة أن تبقى السعديات موطناً طبيعياً للحياة البحرية. ويسرنا أن نشهد عودة السلاحف البحرية إلى الشاطئ عاماً بعد آخر لتضع بيوضها، مما يعكس نجاح برنامج الحماية البيئي الذي لم يكن ليتحقق لولا تعاون شركائنا والمقاولين والمقيمين، حيث أبدوا على الدوام رغبتهم واستعدادهم الالتزام بالمبادئ التوجيهية التي وضعها الفريق البيئي للشركة".
وشهدت جزيرة السعديات، منذ إطلاق برنامج الحماية مطلع العام 2010، نجاحاً واسعاً في تفقيس الآلاف من البيوض. وتشمل التوجيهات الإرشادية المتعلقة بالتشغيل تعزيز الحماية لمواقع التعشيش من خلال منع الوصول إلى الشاطئ إلا باستخدام ممرات خشبية مرتفعة عن سطح الأرض مخصصة للمشاة للمحافظة على النظام البيئي للكثبان الرملية وعدم إلحاق أي ضرر بأعشاش السلاحف.
وقالت بثينة القبيسي، مدير الخدمات البيئية في شركة التطوير والاستثمار السياحي: "عندما يبدأ موسم التعشيش، فإن اهتمامنا الرئيسي ينصب على ألا تتعرض السلاحف البحرية لأي إزعاج أو عرقلة عند قدومها إلى الشاطئ لحفر أعشاشها، ووضع بيوضها ومن ثم العودة مجدداً إلى البحر. وعندما تبدأ صغار السلاحف بالظهور، نعمل على ضمان عودتها بأمان إلى البحر من خلال تجنب وجود أي عوائق تضلل طريقها وتشوشها".
وجدير بالذكر، أن عوامل كالضجيج والإضاءة العالية تتسبب بتضليل السلاحف الصغيرة، مما يدفعها للاتجاه بعيداً عن البحر، وهذا ما دفع شركة التطوير والاستثمار السياحي لاتخاذ المزيد من التدابير بما في ذلك المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإضاءة وتقييم العمليات التشغيلية، والموارد البيئية الدقيقة التي ترصد وتدقق بسير العمليات في جزيرة السعديات. فعلى سبيل المثال، يتم تخفيف درجة الإضاءة الليلية خلال فترة التفقيس حتى لا تضل السلاحف الصغيرة طريقها باتجاه البحر، كما يجري تحديد أماكن التعشيش بلافتات إرشادية، بالإضافة إلى الطلب من طاقم عمل المنتجعات والمرافق الترفيهية الابتعاد عن المنطقة ونقل المفروشات الشاطئية بعيداً عن الشاطىء خلال المساء.
بالإضافة إلى ذلك، تطلب شركة التطوير والاستثمار السياحي من المقيمين على جزيرة السعديات المساعدة في توفير أفضل الفرص الممكنة والآمنة لكي تستمر هذه السلاحف بالعودة إلى السعديات، من خلال إطفاء الإضاءة في المرافق الخارجية وإغلاق الستائر في الليل لتقليل تسرّب الضوء إلى الخارج، وعدم ارتياد البحر في المساء، والابتعاد عن مسارات السلاحف لكي يتسنى لفريق المراقبين من الشركة دراستها وتقصي المعلومات عنها.
ومن المعروف فأن السلاحف "صقرية المنقار" تضع بيوضها في عدد من الجزر الإماراتية من بينها السعديات التي تتميز بشواطئها الرملية العميقة والنظام البيئي الطبيعي لكثبانها الرملية التي تقع بعيداً عن خط المد العالي، مما يجعلها موطناً مثالياً لتعشيش السلاحف. ولا يُعرف تحديداً تاريخ بدء بناء السلاحف أعشاشها في السعديات، ولكن من المعروف عن إناث السلاحف أنها تعود بعد مرور 30 عاماً إلى نفس مكان ولادتها لتضع بيوضها فيه.