مرّ سروال الجينز بتاريخ طويل تخلّلته محطّات عدّة، قبل أن يصبح من قطع الأزياء الأساسيّة في كلّ موسم، حيث يحرص المصمّمون على تقديمه دائمًا بما يتماشى مع الصيحات الرائجة. وقد اختلفت العوامل التي كانت سببًا وراء هذا النجاح الذي حقّقه بين الاجتماعيّة، السياسيّة والحضاريّة، وما زال محافظًا على صموده وتطوّره، في ظلّ اختفاء الكثير من الصيحات وعودتها. فكيف كانت رحلته منذ إطلاقه للمرّة الأولى حتّى اليوم؟
تمّ تصميمه لعمّال المناجم في البداية
في شهر مايو من العام 1873، ابتكر جايكوب دايفس ابن رجل الأعمال ليفايس ستروس، سروالًا مزج فيه بين الجينز والمعادن المستَخدَمة لصنع المسامير، للحصول على خامة تقاوم ما يمكن أن تسبّبه العوامل المرافقة للأعمال الشاقة في المناجم، وبالتالي لحماية العمّال من الإصابات الناتجة عنها. واستمرّ هذا السروال باعتباره زيًّا للعمل لسنوات طويلة، حيث بقي عمّال المناجم ورعاة المواشي وغيرهم، يرتدونه على هذا الأساس حتّى الفترة الزمنيّة التي تلَت العام 1930.
الجينز في عالم الموضة
أثبت الجينز أهميّته كتصميم عمليّ، وأوّل علامة وضعت رمزها عليه، هي Levi's التي ما زالت حتّى اليوم الأشهر بصناعة الأعلى جودة منه. وفي الخمسينات، تبنّاه عدد من المشاهير الرجال في عالم الـ Pop، وأبرزهما الممثّليْن جايمز دين ومارلون براندو، اللذيْن أديّا دورًا كبيرًا بانتشاره كصيحة في عالم الموضة، بعدما ظهرا وهما يرتديانه في أفلامهما. ولكن، بعدما حقّق رواجًا كبيرًا بين الشباب المراهقين، قرّرت المدارس إصدار قرار بمنع ارتدائه، بحجّة أنّه يعارض المعايير الأخلاقيّة.
في الستينات، عاد الجينز ليطلّ بهيئة الصيحة الملفتة والجميلة، حيث اعتبرته فئة الشباب آنذاك رمزًا للتحرّر من القيود، والتعبير عن الذات بطرق مبدعة، وراج تنسيقه مع القمصان القصيرة، وتزيّن برسومات وطبعات وتطريزات تحاكي مختلف الآراء. وفي السبعينات، تسلّل إلى عالم الموضة النسائيّة، وكانت أيضًا وراء رواجه نجمات أظهرن أنّه قطعة مثاليّة للنساء من كلّ الأعمار. ومن يينهنّ، عارضة الأزياء لورين هوتّن والممثّلة فرح فاوست، فبدأ يطلّ بتصاميم أكثر نعومة وأنثويّة، مثل القصّات الضيّقة وتلك المستقيمة، وبرزت أيضًا من القماشة نفسها تنانير وسترات من دون أكمام.
أم أم 6 ميزون مارغييلا- MM6 Maison Margiela
الولادة الحقيقية للجينز
في الثمانينات، كانت الولادة الحقيقيّة للجينز في عالم الموضة، بعدما شاركت النجمة بروك شيلدز في حملة إعلانيّة لعلامة Calvin Klein، وهي ترتديه، وكانت آنذاك في عمر الـ 15. وبدأت هذه العلامة بإطلاقه بتصاميم متنوّعة، وكذلك أسماء أخرى رائدة في عالم الموضة، فظهر بصيحات متنوّعة، مثل الممزّق والضيّق. ومع مرور السنوات، أصبح يطلّ في كلّ موسم في مجموعات مختلفة، ومنها التي قدّمتها دور فاخرة، ليكون اليوم قطعة من غير الممكن أن يتخلّى عنها الرجال والنساء والأطفال، من مختلف الفئات العمريّة، خصوصًا وأنّ تنسيقه بات ممكنًا لتحقيق الإطلالة المرغوبة، سواء كانت كاجوال، كلاسيكيّة، رياضيّة أو غير ذلك.