لا تقتصر فرحة شهر رمضان على العائلة فحسب، بل قد تكون فرصة لعودة أجواء الدفء والحميمة بين الجيران، فحق الجار عظيم، كما وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار وقال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".. وقال: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه». ما هي علاقتك بجارك في رمضان؟
يقول حسن المعلم- إعلامي إماراتي- " أن العلاقات الاجتماعية بما فيها علاقتنا بالجيران تزداد وتتداخل في شهر الخير، وتبدأ هذه العلاقات من المسجد فأبناء الحي يدخلون المسجد قبل الآذان بنصف ساعة لقراءة القرآن ويخرجون من المسجد بعد الصلاة بفترة، حيث يتبادلون التحيات والمباركات بشهر رمضان، فإذا تغيب أحدنا عن الصلاة يسأل الجميع عنه، بعكس باقي أشهر السنة، ومن ضمن المظاهر الاجتماعية تسابق الجيران والأهل على الصلاة في المساجد العامرة بما فيهم النساء، أما بالنسبة للجيران، قبل المغرب بنصف ساعة نسمع طرق الأجراس، في كل دقيقة صحن بصنف ورائحة مختلفة، وما يلفت الانتباه هذا العام، أن الأطباق عليها نقطة ملونة، ولكل طبق لون مختلف، ما دفعني لسؤال زوجتي عن السبب، وقالت: حتى لا تختلط الأطباق مع بعضهم".
أبرز ما يميز رمضان هذا العام، كما يقول المعلم " تضاعف عدد الوجبات التي تقدمها العائلات، فمن قبل وعلى سبيل المثال كانوا يعدون أطباقاً تكفي لسبع عائلات أما هذا العام تضاعفت الكمية من أجل إطعام المحتاجين والعمال وأصحاب المحلات. ومن أبرز المأكولات الشعبية التي يتم تبادلها اللقيمات، والفرني " الكاستر" والساقو، والفريد والهريس وكافة أطباق الأرز كالبرياني والمكبوس والعيش ولحم وغيرها... والآن ظهر شيء جديد يسمى الكاب كيك الذي تصنعه الفتيات ويقدموه في رمضان".
حنين الماضي
يصف فادي نبيل – أردني- يقيم في دولة الإمارات برفقة زوجته وطفلته الصغيرة ذات الثلاث سنوات، العلاقات الاجتماعية مع الجيران بأنها باتت تندثر مع الوقت، ويقول: " في سنوات ما قبل الزواج كنت أقيم في مبني سكني يجمع كل زملائي في العمل، وكانت هناك علاقات اجتماعية طيبة تجمعنا ولاسيما في رمضان حيث نعد ونتناول وجبة الإفطار سوياً، لكن الآن وبعد الزواج حيث أقيم مع عائلتي الصغيرة في برج سكني، يجمع مختلف الجنسيات. لم أعد أشاهد أي علاقات أو تواصل اجتماعي، سوى إلقاء السلام في حال صادفت جاري في المصعد، منهم من يرد السلام ومنهم من يخشى التداخل مع جاره، ويذهب مسرعاً وكأنه لم يراه".
ويعود نبيل محمد من فلسطين ومقيم في الإمارات من حوالي ثلاثين عاماً إلى ذكريات أيام وليالي رمضان في وطنه الأم وأكثر ما يشدوا له " المسحراتي" ويقول: " أقيم في برج سكني لعدد من المستأجرين المختلفين في العادات والتقاليد والديانات، خلال رمضان لم أشهد أي علاقة اجتماعية بين الجيران أو حتى تبادل في المأكولات، على عكس مدينة رام الله التي أنتمي إليها، رمضان مختلف كثيراً، قبل الإفطار يتم التجمع بين الجيران في المساجد وتتبادل النساء الأطباق والحلويات، ومن أبرز الأطباق الرمضانية المشهورة في فلسطين، القطايف والكنافة النابلسية والمفتول والملوخية والمقلوبة وهي عبارة عن أرز وبطاطس وقرنبيط أو باذنجان تقدم مع المكسرات، والمسخن وفطائر الزعتر الأخضر ، وعلى الرغم من سيطرة إسرائيل إلا أن زيارة المسجد الأقصى لأداء صلاة التراويح مهمة وخاصة في أول يوم رمضان".
عادات عربية
التقينا مازن هاشم – محامي سوداني- أثناء زيارته إلى دبي، وتحدث عن العادات والتقاليد القائمة بين الجيران في رمضان وقال: " في كل حي يوجد مساحة مخصصة يجتمعون فيها أبناء الحي وكل شخص يأتي بطبق وطبخة مختلفة ويأكلون سوياً، بعد أداء صلاة المغرب، وعلى الرغم من أن هذه العادة بدأت بالاندثار إلا أنها مازالت قائمة في بعض الأحياء الشعبية، ومن أبرز المأكولات الشعبية طبخة "الويكة" وهي عبارة عن بامية ناشفة مضاف إليها معجون الطماطم وتؤكل مع "العصيدة" المكونة من دقيق الذرة، بالإضافة إلى " الباستا" وهي البقلاوة التركية والكنافة، ويعتبر الفول والطعمية والبيض من الأطباق الأساسية الحاضرة في كل وجبة"
من جانبه يتحدث يزيد محمد عن العادات والتقليد الرمضانية في السعودية، ويقول: " تبادل الأطباق بين الجيران في رمضان، مازلت موجودة في بعض المناطق السعودية ولكن بشكل محدود وفي بعض المناطق الشعبية والقديمة، حيث يتبادلون الأطباق الشعبية كالجريش والمطازيز، بالإضافة إلى السمبوسة، كما ونلاحظ تبادل الأطباق بين السعوديين والمقيمين والعكس، فضلاً عن تجمعات أبناء الحي بعد الصلاة".
دعوة الجيران في رمضان
دعوة الجيران في رمضان لها أسس وقواعد تختلف على حسب علاقة الجار بالجار، يقدم طارق عبد العزيز الشميري، خبير الآتيكيت، فن دعوة الجيران للإفطار في رمضان، وهي:
- إذا كانت علاقتك بجارك ودية وحميمة تستطيع دعوته للإفطار قبل موعد العزيمة بيوم.
- إذا كانت علاقتك بجارك رسمية توجه له الدعوة قبل الموعد بفترة وقد تصل إلى أسبوع.
- لا مانع أن تشارك جارك الطبخ ويفضل أن يطبخ في منزل الشخص المقدم للعزيمة.
- تجنب الحضور مبكراً لأن سيدة المنزل ستكون مشغولة في إعداد الفطور، لذلك يفضل الحضور قبل موعد الإفطار بربع ساعة.
- إذا كانت علاقتك بجارتك ودية لا مانع مشاركتها ترتيب المنزل وغسيل الأواني.
- يجب مراعاة العادات بعد الفطور، البعض يخرج للصلاة ومنهم من ينام قليلاً يجب التأقلم مع عادات أهل البيت.
فن تبادل الأطباق
إذا أرسل لك جارك طبقاً في رمضان ثمة قواعد وأسس يجب الالتزام بها في تبادل الأطباق الرمضانية، يقدمها خبير الآتيكيت:
- احرص على إرجاع الطبق مرة أخرى بصنف آخر من الطعام.
- يفضل إرسال الطبق في وقت لاحق، حتى لا يعتبر رداً للجميل.
- يفضل إرجاع الطبق بكمية أكبر من الطعام.
- إذا كان متلقي الهدية ظروفه لا تسمح بردها، قد يكتفي بإرجاع الطبق فارغاً.
تحقيق رنا إبراهيم