لا يخلو مجتمع في العالم من الجريمة، وتتنوع أشكال وأنواع الجرائم في كل مجتمع، إلا أن قضايا الأحداث تعتبر من أكثر القضايا المليئة بالمأسي كون مرتكبيها هم تحت السن القانوني، ويرتكبون عادة قضايا وجرائم تحت وطأت الاجبار أو التقليد أو ربما التورط بسبب رفقاء السوء.
أوضح المستشار محمد علي رستم بوعبدالله ، المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث في النيابة العامة بدبي ، أن قضايا الأحداث تحت السيطرة ولا توجد قضايا مقلقة ولا نستطيع تصنيف قضايا وجرائم الأحداث كظاهرة في المجتمع ، ويقول : " تولي نيابة الأسرة والأحداث اهتماماً كبيراً بفئة الأحداث سواء من الناحية التوعوية ، أو حل مشكلات وقضايا الأحداث ، فمعظم قضايا الأحداث التي وردتنا تتمركز نحو قضايا الاعتداء والسرقات فضلا عن القضايا المرورية ، ومشكلات الأحداث شائعة في الأعمار من 14 إلى 17 سنة، ويمثل فيها الذكور نسبة 90 %، أما قضايا الفتيات فهي معدودة وتتعلق بارتكاب بعض السلوكيات اللااخلاقية ".
ويشير بوعبدالله إلى أن الأسرة هي المسؤول الأول عن سلوكيات الأبناء وقضايا الأحداث ، حيث أن غياب القائد وهو الأب وانشغاله في أمور الحياة بعيداً عن اهتمامه بسلوكيات وشؤون أولاده له دور كبير في جنوح الأبناء ، عدا عن رفقاء السوء ، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تؤدي إلى جنوح الأبناء وانحرافهم .
آلية التعامل مع القضايا
حول تعامل نيابة الأسرة والأحداث مع قضايا الأحداث يوضح : " يتم التعامل مع كل حالة على حده ، فلكل حدث طريقته الخاصة في التعامل ، ونعمل على إجراء دراسة حالة منفصله لكل قضية تردنا، تتضمن دراسة وضع الحدث من الناحية المادية والاجتماعية ودرجه ادراكه والبيئة التي نشأ فيها ، بهدف الوقوف على أسباب الجنوح ، ومنها تعمل الباحثة المختصة على تقديم التوصية وإتخاذ التدابير اللازمة للقاضي المختص لاصدار الحكم المناسب وفقا للسلطة التقديرية الممنوحه له قانونا ".
ويضيف " في بعض الحالات نعمل على متابعة وضع الحالة ، وفي حالات أخرى نتعاون مع الشركاء ومنهم شرطة دبي ، وهيئة تنمية المجتمع بدبي ، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بما يحقق التكامل بين الجهات المختلفة ، وهنا لابد من الاشاده بدور جميع الجهات في التعاون المستمر في سبيل تحقيق مصلحة الأحداث والمجتمع ".
من جهة أخرى، أوضح المستشار محمد بوعبدالله أن القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 1976 بشأن الأحداث الجانحين والمشردين ، هو قانون قديم يحتاج إلى بعض التعديلات في مسألة العقوبات وإصلاح الأحداث وإيجاد دور رعاية مناسبة لهم وبعد صدور قانون الطفل أصبح من المهم تعديل قانون الأحداث بما يتناسب مع تطور جرائمهم وسبل تقويمهم ، وأردف مسترسلا : " أن القانون فرق في العقوبه بين الحدث الذي أتم 16 سنة من عمره وقت ارتكابه الجريمه أو وجوده في احدى حالات التشرد والحدث لم يتم هذا السن ، بحيث أعطى القانون الحق للقاضي أن يعاقب الحدث الذي أتم 16 سنة من عمره وقت ارتكابه الجريمه بعقوبة الحبس مدة لا تزيد عن 10 سنوات طبقا لحجم الجريمه المرتكبه ، اضافة الى امكانيه تطبيقه لتدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في الماده 15 من القانون وهي: التوبيخ ، التسليم ، الاختبار القضائي ، منع ارتياد أماكن معينة ، حظر ممارسة عمل معين ، الالتزام بالتدريب المهني ، الإيداع في مأوى علاجي أو معهد تأهيل أو دار للتربية أو معهد للإصلاح حسب الأحوال ، أو الإبعاد عن الدولة" في حالة عدم ايقاع عقوبة الحبس عليه ، بينما نجد أن القانون خص التدابير المذكورة للحدث الذي لم يتم 16 من عمره وقت ارتكابه الجريمه ليختار منها القاضي احد تلك التدابير أوأكثر لتنفيذها على الحدث دون عقوبة الحبس .
برامج توعوية
أطلقت نيابة الأسرة والأحداث عدداً من المبادرات وورش العمل والمحاضرات التوعوية للأسر والأحداث، يوضح بو عبدالله : " في نيابة الأسرة والأحداث لدينا قسم من اختصاصهم تنفيذ برامج لتوعية الأحداث وطلبة المدارس، ومن أهم المبادرات التي أطلقناها، يأتي في مقدمتها مبادرة " نبراس" التي نستهدف بها طلبة المدارس وبدأنا بها في العام 2011، وحتى الآن مستمرين بها، حيث بدأنا على مستوى المدارس الحكومية، وبعد نجاحها بامتياز تم تطبيقها على المدارس الخاصة، وفزنا بجائزة " المبادرة الإدارية المتميزة على مستوى جائزة دبي للتميز في العام 2013".وهذه المبادرة عبارة عن برنامج توعوي اجتماعي استهدفنا بها أكثر من 6 آلاف طالب وطالبة حتى الآن ، وتتضمن زيارات غير تقليدية ، بحيث نستقبل الطلبة في مبنى النيابة العامه ونقدم لهم محاضرة تعريفية عن النيابة العامة، وما تم ملاحظته أن أغلب الطلبة معلوماتهم لا تذكر عن النيابة ، وبعدها نذهب بهم لزيارة قاعات المحكمة وجلساتها الجنائية ويشاهدون ما يجري فيها من وقائع اضافة الى التعرف عن قرب بوضع المتهمين في التوقيف والحالة التي بكون عليها أهالي وعائلات المتهمين ، وبعض من الطلبه يصدمون عندما يرون مثل هذه المشاهد ، ويرجعون بعدها إلى النيابة العامة ونقدم لهم محاضرة قانونية مبسطة، ويوجد لدينا أخصائيين نفسين يقدمون لهم محاضرة اجتماعية نفسية ، بحيث يحولون الأحداث والوقائع السلبية التي شاهدوها في المحكمة إلى أمور ايجابية". كذلك أطلقت نيابة الأسرة والأحداث مبادرة " استشارتي حياة لأسرتي" وهي تعني بأولياء الأمور والطالبات ، اضافة الى مبادرة نجوم لامعه التي تستهدف الطلبة الصغار ( أقل من 14 سنه ) ، ناهيك عن الدورات التوعوية المكثفة التي تقدم للمدارس كلا حسب حاجته .
نصائح عامة
يقدم المستشار محمد علي رستم بوعبدالله مجموعة من النصائح لأولياء الأمور والمدارس والمؤسسات التربوية والمعنية بالأحداث ، بهدف وقاية الأبناء من الانحراف، وهي كالتالي :
- ينصح أولياء الأمور متابعة ومراقبة أولادهم وعدم الإعتماد على المدرسة فقط ، فالأسرة هي المسؤول الأول عن سلوكيات الأبناء.
- يجب على المدارس تفعيل دور الاخصائي الاجتماعي، وكذلك على الأندية ومراكز الشباب وجميع الجهات المسؤولة عن فئة الشباب مراقبة سلوكيات الأحداث وتعزيز دورهم المجتمعي والتوعوي والتواصل مع أولياء الأمور.
تحقيق رنا إبراهيم