رحلةٌ تأمّلية في العقل المُبتكِر لمؤسّس منصّة The Business of Fashion.
بالعودة إلى رحلتك المهنية، هل يمكنك تحديد المحطّات والتجارب المهمّة التي أثّرت بشكلٍ مهم على حياتك المهنية؟
أعتقد أنّه في الجزء الأول من مسيرتي المهنية، كنت أركّز حقّاً على سمات النجاح التي قد ينبهر بها الآخرون وكان تركيزي على متابعة شغفي أقلّ بكثير. لقد التحقت بمدارس مرموقة وانضممت إلى شركات مشهورة ورفيعة المستوى ولكن، في مرحلة معيّنة، أدركت أنّ ذلك لم يجلب لي السعادة أو الشعور بالهدف. لذا، ربما كانت اللحظة الأهمّ التي ساعدت في تشكيل وتحديد مسيرتي المهنية هي ترك وظيفتي في "ماكنزي" وتخصيص بعض الوقت للإبتعاد والتفكير في ما أريد فعله حقاً. لقد قمت بالتأمّل الصامت لمدّة ١٠ أيام في جنوب أفريقيا ـ لا قراءة، ولا كتابة، ولا تكالم، ولا تواصل بالعيون مع أيّ شخصٍ آخر. أشعر بهذه التجربة، التي لم تكن تجربة احترافية فعليّة، لكنّها في النهاية شكّلتني على المستويين الشخصي والمهني، وجعلتني أسترشد بعواطفي واهتماماتي وأهدافي وأهتمّ أقلّ بآراء الآخرين وما قد يفكّرونه.
باعتباركَ شخصية بارزة في عالم الموضة، كيف تعتقد أنّ النقاشات والاتجاهات التي أبرزتها The Business of Fashion قد أثّرت على صناعة الأزياء؟
أعتقد أنّها كلّها مزيج من الفضول والفضول يتجلّى في طرح الأسئلة. باعتباري شخصاً جاء من خارج عالم الموضة، لم أكن أعرف القواعد، ولا أفهم بعض الممارسات أو أتفق معها بالضرورة. ولم أتمكّن فعلاً من فهم سبب انغلاق عالم الموضة وصعوبة الوصول إليه. ولم أفهم لماذا كان الجزء الأكبر من الموضة يعتمد على نظرة غربية، وعدسات ووجهة نظر غربية حول ما هو رائع وما هو مثير للاهتمام وما هو ذي صلة، ولذا أعتقد أنّ فضولي كوني غريباً ساعدني ودفعني فقط إلى طرح الأسئلة. والآن بعد أن دخلت المعترك وصرت "من أهل الدار"، نحاول الحفاظ على ذلك الفضول، لأنّ الكثير مما نقوم به يعتمد على الاستماع للآخر وأنا محظوظ جدّاً بوظيفتي التي تدفعني للسفر إلى جميع أنحاء العالم والالتقاء بالمحترفين العاملين في الصناعة الذين لديهم أفكار وآراء حول الوضع الحالي وما يحدث على الساحة.
ما هي الإنجازات المحدّدة التي جعلتك تدرك أنّ The Business of Fashion لم تكتسب قوّة جذب فحسب، بل أثبتت أيضاً أنّها منصّة ناجحة ومؤثّرة في صناعة الأزياء؟
لم يكن لدي خطة عمل، فقد بدأت الكتابة فقط لا غير، ولم يكن من الممكن أبداً كسب المال منها خلال السنوات الست الأولى ـ ولم أفكّر في ذلك حتى كمشروع لكسب المال، بل كنت أعتقد أنّها وسيلة للتعبير عن نفسي، عن ذاتي الكاملة، عن جانبي الإبداعي وجانبي التحليلي حول الصناعة التي كنت مفتوناً بها، ولكن لم أكن أعرف عنها سوى القليل جدّاً. في وقتٍ لاحق فقط، وبعد أن بدأ المستثمرون يقتربون منّي ويسألونني عما سأفعله بهذه المدوّنة الصغيرة، أدركت أنّ هناك فرصة لبناء شيءٍ أكبر وأهمّ. لم يكن الأمر محضّراً أبداً ولم أجلس في شقتي ومعي خطة استراتيجية كبيرة وأقُل لنفسي إنّ هذا ما سأفعله! بل كان علي في الواقع أن أفعل العكس، كان عليّ أن أرى كيف هو الوضع ثمّ أقوم بتعديل نموذج عملي وتكييفه مع ما هو موجود من قبل. النموذج الذي استقرّينا عليه كان نموذج أعمال قائم على الاشتراكات ولدينا الآن مائة ألف عضو مشترك من عالم الاعمال ويعيش هؤلاء الأعضاء في أكثر من ١٢٥ دولة.
هل تعتقد أنّك أثّرت على العلامات التجارية، وربما أدّى بها ذلك إلى النمو أو إلى تغييرات تحويلية في استراتيجيات أعمالها؟
لا يمكننا أن ننسب إلى أنفسنا الفضل في نجاح الأشخاص الذين يعملون بجدٍّ في ماركات الأزياء حول العالم، ولكنّنا نركّز بدلاً من ذلك على طرح الأسئلة الصحيحة، وإثارة المحادثات التي لا نملك دائماً الإجابة عليها! في عالم ديناميكي للغاية وسريع التغيّر كالذي نعيش فيه، من المستحيل أن يحصل أي فرد أو منظمة على جميع الإجابات. أعتقد أنّ الوصول إلى الإجابات يبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، وبالتالي يعود الأمر إلى الفضول الذي كنت أتحدّث عنه للتو، وهو فهم أنّ شيئاً جديداً آخذ في الظهور مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والتفكير كيف سيؤثّر الذكاء الاصطناعي على الموضة؟ أعتقد أنّ صناعة الأزياء لا ينبغي أن تعمل في غرفة مغلقة حيث يتحدّث أهل الموضة مع أهل الموضة حول الموضة ـ لأنّ هذا يدفع إلى العيش في فقاعة. ومع ذلك، ما نحاول القيام به هو فتح هذه الفقاعة والتطلّع من منظار آخر ومن وجهات نظر أخرى.