استضافت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة أبعاد، ومؤسسة الربط بين البحث والتنمية (CRD)، إطلاق الدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (IMAGES MENA)
أصبحت العلاقات بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موضع نقاش ساخن بين قوة التقاليد والتأثيرات الحديثة. إن الدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في لبنان، التي تم إطلاقها، هي محاولة لفهم تجارب الحياة القائمة على النوع الاجتماعي لكل من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 59 عاماً، وإتاحة الفرصة لربط ديناميات النوع داخل البلد .
كشف الإطلاق النقاب عن نتائج البحث ملقيًا نظرة عميقة على ما يعنيه أن تكون رجلاً في لبنان اليوم. والدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (IMAGES MENA)، هي دراسة متعددة الأقطار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تستخدم عدسة واسعة المجال للنظر في حياة الرجال - الأبناء والأزواج والآباء - في البيت والعمل، وفي الحياة العامة والخاصة، وذلك لتعزيز فهم رؤيتهم لوضعهم باعتبارهم رجالاً، وفهم مواقفهم إزاء المساواة بين الجنسين. تناقش الدراسة التي أجريت على 1050 رجل و 1136 امرأة مقيمين في لبنان العديد من القوالب النمطية المرتبطة عادة بالرجال في لبنان، وتضم أيضًا وجهات نظر النساء، وتفنِّد العديد من القوالب النمطية المرتبطة ارتباطًا شائعًا بالرجال في هذه البلدان، وتسلط الضوء على السبل المؤدية إلى تحقيق المساواة. وقد تم تنفيذ الدراسة في إطار برنامج "رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بتمويل من الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (Sida).
ومن الموضوعات التي شملتها الدراسة معايير النوع الاجتماعي وتمكين المرأة؛ العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ اتخاذ القرارات المنزلية؛ الأبوة، الأعمال المنزلية، وتقديم الرعاية؛ والصحة والرفاهية؛ وغيرها. ومما لا يقل أهمية عن ذلك، توفر الدراسة وجهات نظر النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول نفس هذه القضايا.
وتبين الدراسة أن هناك موقفاً إيجابياً نسبياً إزاء المساواة بين الجنسين، وأظهرت النساء باستمرار مواقف أكثر إنصافاً من الرجل. وعندما سئل المشاركون عن مواقفهم من مشاركة المرأة في المناصب القيادية، كان من الأرجح أن يعبر الرجال عن دعمهم لتقلد النساء رئاسة المنظمات غير الحكومية، وأقل احتمالاً أن يعبروا عن دعم المرأة كقائدات دينيات، ورئيسات أحزاب سياسية ، ورئيسات دول، وضابطات عسكريات.
كما تسلط الدراسة في لبنان الضوء على أن أكثر من نصف النساء أبلغن عن تعرضهن للتحرش الجنسي في الأماكن العامة في مرحلة ما من حياتهن، وأفاد ثلث الرجال بأنهم ارتكبوا هذا النوع من التحرش. وقد غلب على الرجال من ذوي الانجاهات التي تتسم بعدم المساواة بين الرجال والنساء, والرجال الذين تعرضوا للعنف خلال طفولتهم إحتمالية أكبر بكثير لارتكاب التحرش الجنسي.
"أظهرت الدراسة أيضاً أن هناك اتجاهات إيجابية تجاه المساواة بين الجنسين، ودورنا هو تعزيز هذه الاتجاهات الإيجابية. تعطي هذه الدراسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة والشركاء في لبنان أساساً قوياً لتشكيل أنشطة التواصل المجتمعي و جهود الدعوة لمناقشة المعايير الاجتماعية المتجذرة التي أوضحتها الدراسة"، يقول محمد الناصري، المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية.
بالفعل, ترسم الدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في إطار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صورة متنوعة للديناميكيات القائمة على النوع في لبنان. وتعكس السلوكيات والاتجاهات التي كشفت عنها الدراسة الاستقصائية تشابك المعايير القائمة على النوع الاجتماعي التي تشكلها التقاليد وتغيير تحديد هوية الجنسين, والظروف الحياتية الخاصة. فمن ناحية، يدعم بعض الرجال بشكل عام بعض أشكال المساواة بين الجنسين. ويظهر الشباب آراءً أكثر إنصافاً إلى حد ما من الرجال الأكبر سناً. وعلى الرغم من ذلك, تظهر النتائج في الوقت ذاته أن النساء من جميع الأعمار يتبنين اتجاهات أكثر ميلاً للمساواة من الرجال.
تشير النتائج ايضاً إلى الحاجة إلى إجراء إصلاح قانوني وسياسي يتم دمجه مع التغيير في التوجهات بين عموم السكان في إطار الجهود المبذولة لمعالجة التمييز القائم على النوع. وعلى الجانب الإيجابي، أظهر الرجال دوراُ مسانداً أثناء وبعد فترة حمل زوجاتهم, وكذلك اتجاهاً إيجابياً نحو رغبتهم في المشاركة بشكل أكبر في رعاية الأطفال وحصولهم على إجازة رعاية طفل للآباء.
كما شمل الإطلاق أيضاً عرض فيلم "المفروض"، وهو فيلم وثائقي أنتجته منظمة أبعاد بمشاركة الاتحاد الأوروبي. حيث يسلط الفيلم خلال 30 دقيقة الضوء على تأثير الحرب في سوريا على تحول الأدوار التقليدية للجنسين من خلال التركيز على الروايات المباشرة لأربع عائلات / أفراد من سوريا. كل قصة تأخذنا في رحلة النزوح والدروس المستفادة والتمكين والتغيير .
"هذا الفيلم الوثائقي يكشف لنا واقع قوة النساء حتى في أشد الأوضاع سوءاً. من خلال شهادات النساء والرجال الذين فرّوا من الحرب، إن قصص البقاء والحياة تلك هي شهادة على تحوّل الأدوار الجندرية التقليدية للنساء والرجال." تقول غيدا عناني، مؤسِّسة ومديرة منظمة أبعاد.