كم كانت فرحتي عارمة عندما طلبني عبدالله للزواج! لم أكن أعرفه إلا من بضعة أشهر، عندما أبدى رغبته بقضاء باقي حياته معي. شعرتُ أنني فتاة محظوظة جداً، كونه من الرجال الذين لديهم كلّ شيء لإسعاد إمرأة: الوسامة والذكاء والثراء.
وإستغربتُ أنّه بقيَ أعزب كلّ هذا الوقت دون أن تأخذه أخرى قبلي. لا بدّ أنّه أغرم كثيراً بي حتى إختارني أنا. وقبل موعد الزفاف بشهر، أخذني أخيراً إلى منزله لأرى أين سأعيش وذهلتُ بهذا البيت الفخم المزيّن بالتحف والقطع الثمينة. وفي نفس اليوم تعرّفتُ إلى مالا، العاملة الأثيوبية التي كانت مسؤولة عن ترتيب وإدارة المنزل. حينها قال لي عبدالله:
- حبيبتي... مالا هي الملاك الحارس لبيتي... من دونها لا أعلم ما كنتُ سأفعل... أرجو منكِ أن تعامليها بلطف.
وإبتسمتُ للمرأة ولكنّها نظرت إليّ وكأنني دخيلة لا مكان لي هناك. قلتُ لنفسي أنّها لا تعرفني بعد ولا بدّ أنّها تخشى أن أسيء التصرف معها كما يفعل البعض.
ولكنني بنتُ عائلة معتادة على العاملات المنزليّة وأعلم كيف أجعلهنّ يعملنّ دون أن أقسى عليهنّ. ولم أعد أفكّر بمالا لكثرة إنشغالي بتحضيرات الزفاف، كونه أهم يوم في حياتي. ولكن صدمتُ إلى أقصى درجة عندما جاء عبدالله قبل أيام من موعد العرس وقال لي متأسف:
- حبيبتي... لا أدري كيف أقول لكِ هذا... مالا...
- ما بها؟ هل حصل لها مكروهاً؟؟؟
- لا... هي بخير ولكنّها... لا تريدني أن أتزوّجكِ.
- ماذا؟؟؟ أعذرني ولكنني لم أسمع جيداً!
- لم تحبّكِ... هي هكذا... وقالت لي أنّها لن تعيش معنا إن تزوّجنا.
- ولماذا تخبرني بكل هذا؟ إصرفها وآتي بغيرها!
- أنتِ لا تفهمين... لا أستطيع صرفها، فهي تعرف كل شيء وتقوم بكل شيء...
- وأنا أستطيع فعل هذا أيضاً! لا أفهم سبب تردّدكَ! هل أنتَ مستعد أن تستغني عني لإبقاءها؟؟؟
- لا... أعني... دعيني أحاول معها مجدّداً... أرجو أن تغيّر رأيها...
ولو لم نكن قد دعونا المعازيم، لكنتُ ألغيتُ الزفاف من كثرة إستيائي. من جهّة أخرى كنتُ قد صممتُ على الزواج من عبدالله أكثر وأكثر، لكي ألقّن هذه الفتاة درساً تتعلّم منه كيف تحفظ مكانها. أمّا بالنسبة لخطيبي، فكان من المستحسن أن يدرك أن أيّام العزوبية إنتهت وأنّه سيكون له زوجة وربّة منزل حقيقيّة. ومضيتُ بالتحضيرات دون أن أسأله ماذا فعل مع العاملة، لأريه أنني لم أكن أعبأ برأيها بي. وتزوّجنا وندمتُ لاحقاً على عنادي، فكان من الأفضل لو تركته يرحل عني ويبقى مع المدعوّة مالا.
فعند عودتنا من شهر العسل، رجعنا طبعاً إلى منزل عبدالله ودخلتُ من الباب بمشية واثقة، لأري مالا من سيّدة المكان. أمّا هي فلم تأتي لإستقبالنا وبقيَت في غرفتها. وإستمرّ الوضع هكذا وطيلة يومين متتاليين لم أرَها بتاتاً. لم أكن مستاءة للوضع، بالعكس بدأتُ أجري تغييرات في الديكور وأتفنّن في صنع الأطباق اللذيذة. ولكن تفاجأتُ بموقف زوجي الذي رفضَ تناول الأكل الذي حضّرته متحججاً في البدء بتوعّك صحيّ ثم صارحني:
- أنا آسف ولكنني لا آكل سوى من الذي تحضّره مالا هكذا أنا معتاد...
- ولكنّها مختبأة في غرفتها... وحتى لو لم تكن، عليك تغيير بعض عاداتك فأنتَ الآن رجل متزوّج ولم تعد عازباً...
- يا ليتكِ تذهبين وتتحدّثي معها... إنّها فتاة طيّبة وأنا متأكّد أنّها ستقدّر هذه اللفته منكِ... إفعلي هذا من أجلي...
وبعد ان فكّرتُ مليّاً في الموضوع، رأيتُ أنني أستطيع فعل هكذا خطوة لأحسّن الأجواء التي أصبحت خانقة. لذا رحتُ إلى غرفة مالا وقرعتُ بابها. لم تجب ولكنني دخلتُ في كل حال. كانت جالسة على سريرها تنظر إليّ بغضب. قلتُ لها بنعومة:
- مالا... أنا بحاجة لمساعدتكِ فهناك أشياء لا أعرف مكانها.
- من سمح لكِ بالدخول؟ هذه غرفتي! أخرجي!
- ماذا؟؟؟ أنتِ تصرخين بي أنا؟ من تخالين نفسكِ؟ أنتِ ستخرجين من غرفتكِ وترتدي مريولكِ فوراً وإلا ستخرجين من المنزل كلّه! أمامكِ خمس دقائق قبل أن أرميكِ خارجاً!
وتوجّهتُ إلى الصالون حيث جلستُ أنتظر قدومها، مصمّمة على طردها إن لم تنفّذ ما قلته لها. ولكن قبل أقل من خمسة دقائق وقفَت أمامي وقالت لي على مضض:
- أنا جاهزة... سيّدتي...
وإعتقدتُ أننا إجتزنا مرحلة التصادم وأنني سأستطيع أخيراً إدارة بيتي. ولكنّها كانت لعبة من عاملة لم ولن تقبل وجود إمرأة غيرها في المكان. علمتُ هذا بطريقة صدمتني لوقت طويل. ففي ذات ليلة، عندما كنتُ عند إحدى صديقاتي بمناسبة عيد ميلادها، شعرتُ بتوعّك فطلبتُ سيّارة أجرة وعدتُ إلى المنزل في وقت مبكر وعندما دخلتُ من الباب وجدتُ كلّ الأنوار مطفئة ما أثار إستغرابي، لأن عبدالله كان من المفترض أن يكون هو ومالا في المنزل.
أضأتُ الصالون وسمعتُ أصوات آتية من غرفة النوم وهناك رأيتُ ما لم يكن مفترض بي أن أراه بحياتي: زوجي يمارس الجنس مع العاملة! وقفتُ على عتبة غرفة النوم أصرخ: "لا... لا!!!" وعندما رآني عبدالله وقفَ عارياً أمامي يحاول إيجاد تفسيراً للمشهد، بينما بقيَت مالا مستلقية تنظر إليّ بتحدٍّ.
لزمَني بضعة ثواني لإستيعاب الذي يحصل، ثم ركضتُ خارج البيت أبكي وأنا في طريقي إلى أهلي. هناك أخبرتُ الجميع سبب قدومي إليهم ليلاً وفوجئوا بفظاعة الوضع. عندها فهمنا جميعاً وقاحة مالا وإصرار زوجي على إبقائها رغم كل شيء. وطبعاً طلبتُ الطلاق منه، فكيف لي أن أبقى زوجته بعدما رأيته يلمسها في سريرنا!
وفي الواقع ولسخرية الوضع، لم يمانع عبدالله في إعطائي الطلاق، ربما لأنّه كان سعيداً كفاية مع العاملة التي تعطيه كل ما تطلبه نفسه، فلماذا يعبأ في الزواج؟ أظنّ أنّه أحبّني، على الأقل إعتقدَ هو ذلك ولكن ما كان يفعله جنسيّاً معها كان أقوى من كل شيء. أمّا بالنسبة لي فبقيتُ أكثر من سنة أعاني من ذيول ما رأيته ولكن بعد أن إلتقيتُ بالذي أصبحَ زوجي الثاني، نسيتُ كل شيء. وأوّل شرط كان لي عندما طلبَ يدي كان: "لا عاملات في بيتي!".
حاورتها بولا جهشان