تأخذنا آية نقاش إلى عالمها الغني بالتصميم والفنّ والتقاليد، وتذهب أبعد من ذلك لتبني على إرث العائلة وترسم آفاقاً جديدة.
إنّ حمل إرث عائلي يمتدّ على أربعين عاماً ليس بالمهمة السهلة، وآية نقاش، مديرة التسويق في نقاش غاليري Nakkash Gallery التي أسّسها والدها وجيه نقاش عام ١٩٨٣، ليست غريبة عن الأفراح والصعوبات التي رافقت المحافظة على استمراريتها وازدهارها. تقول آية: "عندما تمّ تأسيس "نقاش"، كان السوق لا يزال غير مزدحم ولم تكن المنافسة قويّة، لذلك لم يرَ والدي حاجة إلى الاستثمار في قسم التسويق. لكن الأوقات تغيّرت منذ أن انضممت إليه عام ٢٠١٣، ومن الأهمية بمكان أن تواصل الشركات تخطّي الحدود والارتفاع فوق ضوضاء السوق المزدحمة".
خرّيجة الأعمال والتسويق من جامعة ماريماونت في واشنطن العاصمة وكلية إمبريال كوليدج لندن، سعت آية باستمرار لإيجاد آفاق جديدة والمضي قدماً. عام ٢٠١٤، أطلقت مع شقيقها عمر نقاش، مبادرة Dine with Design والتي كانت الأولى من نوعها في المدينة. "يهدف المفهوم إلى الجمع بين أكثر مصمّمي الديكور الداخلي موهبة في دبي بالإضافة إلى رواد في عالم الفنّ والأسلوب والهندسة المعمارية لرفع مستوى التصميم في دولة الإمارات العربية المتحدة". من خلال الدعوة إلى عشاء خاص في قلب صالة العرض، يوفّر Dine with Design للضيوف فرصة لمشاهدة مجموعات جديدة تمّ إعدادها وفقاً لموضوعٍ معيّن. وتقول آية: "تستند هذه السّمات إلى أحدث قطع التصميم لهذا الموسم، ونأمل في التوسّع في هذا المفهوم واستضافة المزيد من مناسبات Dine with Design في جميع أنحاء المنطقة، وتقديم موضوعات جديدة لمختلف المحرّكين والمحفّزين في مجالات الفنّ والأناقة والتصميم والديكورات الداخلية". هنا، تتحدّث آية نقاش عن الإلهام والتحديات والقيم والتقاليد، وتشاركنا قصّتها.
أخبرينا عن تجربتك في العمل في شركة عائلية
الجانب المجدي الأوّل لكوني جزءاً من شركة عائلية هو القدرة على تنمية إرث العائلة. بدأ والدنا هذا العمل منذ أكثر من ٤٠ عاماً، وهي فرصة رائعة بالنسبة لي ولأخي عمر لتسلّم الشعلة والارتقاء بالأعمال إلى المستوى الأعلى. إحدى المزايا العديدة للعمل في شركة عائلية هي المرونة لناحية المشاركة في العديد من الجوانب، فأنت ترتدين العديد من القبعات المختلفة وليس لديك دور واحد محدّد. من التخطيط والإشراف على استراتيجيات التسويق إلى حضور المعارض التجارية الدولية، إلى الإدلاء برأيي بشأن تفاصيل تصميم معينة، وصولاً إلى أن أكون صوت العقل عندما يكون لدى والدي وأخي وجهات نظر متضاربة في التصميم، فأنا منخرطة في جميع جوانب شركتنا العائلية. هذا ما يبقينا جميعاً مستمرّين!
كيف تحقّقين التوازن بين العائلة والعمل؟
كونك جزءاً أو فرداً من عائلة له بحدّ ذاته تحدّياته الخاصة. وإحداها هو الصّراع من أجل الفصل بين الأسرة والعمل. فمن المهم وضع حدود واضحة. يجب أن يتمّ العمل والمهمّات وتتخذ القرارات في المكتب فقط. نحاول أن نوضح أنّه خارج نطاق العمل، تكون الأولوية لحياتنا الشخصية، ونتجنّب مناقشة أي مسائل تتعلّق بالعمل في التجمّعات العائلية. إنّ وضع هذه الحدود هو التحدّي الأول الذي نواجهه.
ما الذي يلهمك ويقود رؤيتك من حيث الإبداع والوعي العالمي؟
الأمر كلّه يتعلّق بتثقيف العين وتجربة بيئات وثقافات وهندسة معمارية جديدة. أنا دائماً على دراية بمحيطي عن كثب وأولي اهتماماً بالتفاصيل سواء كنت أحضر المتاحف أو المعارض الفنية أو الأحداث أو استكشف بلدان جديدة ـ الإلهام موجود في كلّ مكان، وكلّ شيء له معنى ويدعو للتأثّر. الأمر كلّه يتعلق بتفسيرك للأمور وكيف تترجمين ذلك في كلّ مشروع.
من كان أعظم محفّز لك على طول المسار؟
والدي دون شك. فقد بدأ هذا العمل منذ أربعة عقود، عندما كانت دبي لا تزال تعتبر مدينة صحراوية هادئة. اليوم، بالطبع، هي مدينة الازدهار دون منازع، ومدينة تعشق الأزياء والتصميم والطعام. ولهذا السبب، عندما أسّس والدي "نقاش" عام ١٩٨٣، مع فكرة أن يكون الأثاث أكثر من مجرد قطع لتزيين المنزل بل أسلوب حياة، كان لديه نظرة ثاقبة.
ما هو الدرس الذي تعلّمتيه ولا يمكن نسيانه؟
أحد أكثر الدروس التي لا تنسى والتي علّمني إياها والدي هو أنّ ما تخصّصه من وقت يعكس ما هو مهم بالنسبة لك في الحياة والعمل. نعيش جميعاً على مدار ٢٤ ساعة في اليوم، لكن البعض منّا يجد طرقاً للإستفادة القصوى من تلك الـ ٢٤ ساعة، وبصورة أفضل من الآخرين. وكان والدي أحد هؤلاء الأشخاص. أخبرني لاحقاً أنّ سرّ القيام بكلّ ذلك هو تحديد الأولويات بشكل انتقائي. كان يغيّر جدوله بانتظام لتوفير الوقت لنا. أظهر لي هذا أنّك تخصّص وقتاً لما هو مهم. هناك دائماً مقايضة ويجب عليك اتخاذ القرار الصعب بشأن كيفية قضاء وقتك وتقديم التضحيات اللازمة للوصول إلى المكان الذي تريده. حتى مع الضغوط التي كانت تفرضها إدارة أعماله التجارية، كان والدي حاضراً جداً وكان دائماً يضع العائلة في المرتبة الأولى.
بالنسبة للقيم والتقاليد والمبادئ العائلية، كيف تبدو عندما تُترجم إلى رؤية في العمل؟
تشتهر مؤسستنا العائلية بثقافتها القوية والمميّزة التي تتأثّر بشدّة برؤية وأسلوب وقيم مؤسّسنا، وجيه نقاش، الذي أسّس "نقاش" منذ ٤٠ عاماً، وحافظ بعناية على هذه المبادئ عبر الأجيال. لقد ولدت أنا وأخي وتربينا وسط هذه القيم، ونعمل دائماً على تعزيز التزامنا بترجمة هذه القيم إلى عمل، مما يؤدي، على المدى الطويل، إلى خدمة زبائننا، وإلى نزاهة موظفينا، وإلى رعاية الموظفين في "نقاش". فهم يتصرّفون كدلول يدلّ على "الطريقة التي نؤدّي بها أعمالنا". تعمل هذه العقلية على تمكين الشركات التي تملكها العائلة وجعلها جاهزة وعلى استعداد للتكيّف والاستجابة لاحتياجات زبائننا بشكل أفضل.
ماذا يحمل المستقبل من حيث الابتكار والمشاريع الجديدة أو التعاون؟
أعتقد أنّه من الطبيعي أن يتوسّع معرض من هذا النوع ويقدّم تصميماته الفريدة لجمهور أوسع، وأن يستمرّ في الابتكار من خلال تقديم العلامات التجارية الجديدة والمنعشة وتعريف السوق عليها. آمل أن أعرّف أسواقاً أخرى حول العالم على أسلوبنا. بالنسبة لـ Nakkash Design Studio، وهو قسم الخدمات لدينا، فنحن نريد أن نواصل التركيز على إنشاء مساحات إختباريّة ومفاهيم فريدة عبر مشاريعنا السكنية والتجارية في دول مجلس التعاون الخليجي.