بعد قدوم شقيقتي للعيش معنا بدأَت تحصل أمور غير مقبولة!

كيف كان لي أن أتكهّن بالذي كان يحصل؟
من يستطيع تخيّل أنّ أعزّ الناس يمكنهم أن يسبّبوا الأذى إلى هذه الدرجة؟ ربّما قلبي الطاهر منعَني من إلتماس الدلائل العديدة التي رآها الكثيرون غيري. بدأ كل شيء، عندما جاءَت غالية أختي الصغيرة للعيش معنا أنا وزوجي سعيد. كانت تنوي الإلتحاق بجامعة في العاصمة وفتحتُ لها بيتي. تركَت البلدة وأهلنا وإنتقلَت إلى غرفة جميلة حضّرتُها لها بحبّ وحنان. كان هناك بيننا فرق كبير في السنّ، لذا كنتُ أعتبرها كإبنة لي، خاصة أنني لم أنجب أطفالاً بسبب عقر زوجي. صحيح أنني تألّمتُ لعدم وجود أولاد في حياتي ولكن حبّي لسعيد دفعني على تحمّل الوضع. وبدأتُ أحضّر لها أطباقها المفضّلة وأساعدها في درسها وأوفّر لها جميع أساليب الراحة، لكي تشعر أنها في منزلها. وكنتُ قد طلبتُ من سعيد أن يستقبلها ويعاملها وكأنّها شقيقته ووافق دون تردّد. ولكن مع مرور الأيّام نشأت مودّة بينهما لم أعطيها أهمّية بل إعتبرتها طبيعيّة كون غالية في مثابة إبنة لنا. وكنتُ أذهب كل صباح إلى عملي، بعد أن أحضّر الزوّادة لزوجي وأختي وأقبّلها بحرارة وأعود قرابة الساعة السادسة مساءً. وعند عودتي لم أكن أجد أحد، لأن سعيد لا يأتي قبل السابعة مساءً وغالية كانت تدرس غالباً عند صديقاتها، ثم تأتي لتناول العشاء معنا. وفي ذات مساء، لاحظتُ أنّ فراش أختي كان غير مرتّب، مع أنني لا أتركُ المنزل دون ترتيبه وأنّه ما زال دافئاً وكأنّها كانت تركته من فترة قصيرة جداً. كل ما خطرَ على بالي، هو أنّها مرّت بالمنزل لترتاح قبل ذهابها للدرس. وعندما رجِعَت في المساء سألتُها عن الأمر فقالت:

- لا.... أقصد نعم ... شعرتُ بتوعّك بسيط فجئتُ أرتاح قليلاً... لا تقلقي... صداع بسيط...

عندها تدخّل سعيد وقال لي :

- ما بكِ؟ لِمَ كل هذه الأسئلة؟ دعيها تشعر أنّها في بيتها!

ومع أنني إستغربتُ ردّة فعل زوجي، لم أرى سبباً لأشكّ بشيء. وهل كان ذلك بساطة أو غباء مني، فحتّى عندما بدأَت جارتي تلمّح بحديثها معي عن حدوث أمور غريبة في المنزل، لم أفهم الرسالة مع أنّها كانت واضحة جداً:

- حبيبتي... أحياناً نثق بالناس أكثر من اللازم... حتى لو كانو مقرّبين جداً منّا... وأنتِ تعلمين أنّ الرجال ضعفاء أمام الفتيات اليافعة ووجودهم الدائم معهنّ قد يولّد في عقولهم أفكار عدّة... وليس فقط أفكار...

- معكِ حق... هناك أناث معدومة الأخلاق، لهذا أنا مسرورة أنني إخترتُ سعيداً زوجاً لي فهو من الصنف النادر...

وسكتَت جارتي محتارة بأمري وقرّرَت عدم إثارة الموضوع مجدداً. وفي هذه الأثناء كان سعيد ينعم بوجود شقيقتي، دون أن يأبه بما يمكن أن يحصل إن علمتُ بالأمر. أما بالنسبة لغالية، فكانت تستغل الفرصة لوضع قدمها بقوّة في بيتي والإستفادة ماليّاً من سعيد، الذي كان يعطيها مبلغاً شهرياً لتصرفَ على نفسها ويهديها أشياء جميلة من وقت إلى آخر، بينما كنتُ أذهب الى عملي لأجني المال لأصرفه على بيتي أولاً. ولكن لم يكن هذا ما أغضبَني أو أحزَنَني عندما إكتشفتُ الحقيقة، بل هي الخيانة التي أتَت من لحمي ودمي ومن الذي عشتُ معه سنين دون أن أفرح بسببه بطفل. كيف علِمتُ بالذي كان يجري وراء ظهري؟ بالصدفة طبعاً فهكذا يحصل عادة.

ففي ذات صباح وأنا أرتّب فراش أختي التي كانت تترك لي كل الأعمال المنزليّة ولا تساعدني بشيء، وجدتُ قلادة زوجي بين الوسادتين. لو وجدتُ شيئاً يخصّ غالية في فراشي الزوجي، لقلتُ أنّها تمددت في غرفتي ولكن أن يكون زوجي قد دخلَ غرفة أختي ونام على سريرها، فهذا كان مستبعداً جداً ومثيراً للشكوك. حتى عندها لم أفكّر بعلاقة بينهما، بل كل ما خطرَ على بالي كان أن أختي سرقَت قلادة سعيد وخبّأتها تحت وسادتها. غضبتُ كثيراً طبعاً لأنني لا أقبل أن يحصل هذا في بيتي، خاصة بعدما إستضافَها زوجي وإستقبلها مفتوح الذراعين، فإنتظرتُ حتى تعود في المساء وتكلّمتُ معها على حدى ووبخّتها على ما فعلَته ولكن لم أتوقّع أبداً جوابها:

- أنتِ حقاً ساذجة... مع أنّنا ولدنا من أهل أذكياء... لِمَ أنتِ هكذا؟ ألأنكِ كبرتِ في السن؟

- ما هذا الكلام؟ أقول لكِ أنني وجدتُ ما سرقتيه وهذا جوابكِ؟

- ليس هذا كل ما سرقته يا عزيزتي!

وضحِكَت مطوّلاً. نظرتُ إليها بإندهاش شديد، حتى أنني خلتُ أنّها تحت تأثير الكحول أو المخدّرات. ثم تابعتُ:

- أريدكِ أن تعيدي القلادة إلى مكانها وأن تعيديني ألا تكرري ما فعلتيه وإلا...

- وإلا ماذا؟ تطريديني؟

- أجل وبكل أسف... لا أقبل أن تعيش سارقة في منزلي. أكامكِ الآن فرصة لتصحّحي ما فعلتيه...

- هذا ليس منزلكِ بل منزل سعيد!

- أنا سيّدة هذا بيت... هل تعتقدين أن سعيد سيسّر عندما يعلم أن قلادته معكِ؟

- أجل... سيسّر... فهو لا يمانع أن يتقاسم أغراضه معي... حتى الحميمة منها.

- إخرسي! كم أنّكِ وقحة! كيف تتكلّمين هكذا عن رجل أكبر منكِ سنّاً ويكون زوج أختكِ؟ سأقول له كل شيء وسترين إن كان يمانع أم لا!

ودخلَ سعيد في تلك اللحظة بالذات ورآني أحمل قلادته ورأى نظرة الغضب على وجهي فصرخَ:

- سامحيني... ضعفتُ أمامها... هي التي أغرَتني... لم أمارس الجنس معها سوى بضع مرّات... أحبّكِ أنتِ وحدَكِ!

- ماذا؟؟؟!

حينها أدركَ الخائن أنّه تسرّعَ بالكلام. نظرَت إليه غالية وقالت له:

- كم أنتَ غبي! كلاكما أغبياء! لقد أفسدتَ كل شيء!

وغادَرت الغرفة وبقيتُ مع زوجي العزيز أنظر إليه بدهشة. لم أستطع التكلّم لبضعة ثواني ثم سألتُه:

- منذ متى؟

- بعد أن وصلَت بقليل... لم أستطع مقاومة جسدها اليافع... أغرَتني...

- أصمت! تحمّلتُك بما فيه الكفاية! جسدكَ أنتَ أيضاً لم يعد كما كان! هل تراني أركض وراء الشبان؟ كفى أعذاراً! السبب الوحيد هو أنّك معدوم الأخلاق والقيَم! أخرج من هنا! لا أريد رؤيتكَ مجدّداً! وخذ معكَ تلك السقطة!

- أقول لكِ أنني لا أحبّها... كانت فقط نزوة...

لم أقبَل أن أسامحهما. علِمتُ من الناس أنّهما إنتقلا للعيش سويّاً في شقّة صغيرة، ثم إنفصلا بعد فترة قصيرة. حاولَ سعيد من بعدها أن يقنعني بردّه ولكنني رفضتُ وحصلتُ على الطلاق. وبعد أقل من سنة، تعرّفتُ إلى رجل أحببتُه وبعد أن تزوّجنا ببضعة أشهر علمتُ أنني حامل. كانت هذه فرصتي الأخيرة لأذوق طعم الأمومة. اليوم أنا أمّ لولد جميل.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button