المجنون هو من يمتشق سيف الكلمة الحرة ، فيتحدّى بها الواقع الراهن الذي تحوّل في زمن الهزائم إلى معطىً مقدّس.
"مجنون يحكي" هو العمل المسرحي الأحدث للمخرجة اللبنانية لينا خوري. ومن خلاله تأخذنا بالكلمة والحركة والموسيقى إلى عوالمها التي لطالما أحببناها. نتذكّر كلّنا كيف استحوذت لينا على اهتمامنا واهتمام أهل المسرح ولفيفه خلال سنتين من خلال عملها الشهير "حكي نسوان". وها هي تعاود الكرّة هذا العام، وتتركنا في شوق وانتظار إلى ما سينتج عن التعاون الثنائي المتفجّر : لينا خوري وزياد الرحباني. هي الصغيرة التي أصبحت من كبريات المسرح البيروتي وهو الفنان الخارج عن المألوف والمتحدّر من بني عبقر. كلّ ذلك موضوع في كوميديا سوداء حيث يجتمع القهر الإجتماعي مع الظلم السياسي والسطوة الفنيّة لتصبح ممنوعة عن الظهور، كلّ مبادرة خاصّة خارجة عن المرسوم .
نحن، في هذه المسرحيّة، في واحد من هذه البلدان التي تتغنّى بحرية التعبير لكن القمع مُمارس على كلّ من يسير عكس التيّار الجارف. ناهدة نون تكتب مقالاً تنتقد فيه الحكومة فتُسجن وتعذّب. إنّه وضع مُخزي، مُحزن، مُبكٍ ومُضحك. كما في الحياة كذلك على خشبة المسرح حيث ننتفض أوّلاً قبل أن نعود لنغرق في الضحك لاحقاً. كما أنّنا سنتذوّق الموسيقى الحيّة (على غير عادة) من تأليف أسامة الخطيب مع 16 موسيقيّ يواكبون حركات وتعابير الأسماء الكبيرة التي تلعب أمامنا من أمثال ندى أبو فرحات، غبريال يمّين، أندريه ناكوزي، ألين سلّوم وإيلي كمال. مسرحيّة سيكتب عنها الكثيرون. كان عندنا في الأدب مجنون ليلى. لنرى الآن ما لدى مجانين لينا ليتحفوننا به.
أنطوان ضاهر
"مجنون يحكي"، من 3 أكتوبر/ تشرين الأوّل لغاية 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، على مسرح المدينة، الحمرا، بيروت، لبنان.