على مدى ثلاث سنوات، كانت قمّة Shiseido Beauty Innovation في مجال التجميل بمثابة حجر الزاوية للكشف عن أحدث التطوّرات في صناعة مستحضرات التجميل. يقود Alberto Noé، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Shiseido EMEA، مهمّة المجموعة المتمثّلة في الابتكار وإعادة تعريف الجمال، ودمج التكنولوجيا مع اللمسة الإنسانية. ومن خلال عمله لأكثر من عقد من الزمن في Shiseido، قاد Noé توسيع محفظة العلامات التجارية للمجموعة، لا سيما في مجال العناية بالبشرة، مع دمج الممارسات المستدامة عبر تطوير المنتجات والتصنيع. وعلى مستوى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أشرف على تقديم علامات تجارية جديدة مثل Ulé و Gallinée، والتي تعكس التركيز على الرفاهية الشاملة والتقدّم التكنولوجي.
تشتهر Shiseido بأبحاثها الرائدة والتزامها بالاستدامة، وتظلّ في طليعة ابتكارات التجميل، كما يتّضح من خلال حصولها على ٣١ جائزة قياسية من الاتحاد الدولي لجمعيات كيميائيي التجميل. وفي قمّة هذا العام، احتلّت رؤية Shiseido لمستقبل أكثر استدامة وتقدّماً رقمياً مركز الصدارة.
هل يمكنك أن تقودنا في مسار حياتك المهنية وما الذي أوصلك إلى منصبك الحالي داخل Shiseido؟
انضممت إلى شركة Shiseido منذ ١٢ عاماً، بعد تجارب مختلفة في مجموعات مستحضرات التجميل الكبرى الأخرى. وظيفتي الأولى بعد الجامعة كانت مع مجموعة معروفة من شركات عائلتي. ولكن بعد ذلك، انتقلت إلى شركات أخرى مثل LVMH، و Chanel، و L’Oréal، ثمّ وصلت أخيراً إلى Shiseido. ولماذا أقول أخيراً، لأنّه عندما وصلت إلى هنا، أدركت على الفور أنّ هذه الشركة هي الشركة التي أردت البقاء معها لفترة طويلة بسبب القيم والأشخاص. أودّ أن أشارككم حدثاً، مثالاً عن تاريخ انضمامي إلى الشركة؛ كنت مسؤولاً في إيطاليا حيث اتصل بي رئيس Shi وطوكيو وقال: "مرحباً، عليك أن تأتي إلى هنا وتكتشف الشركة، وما إلى ذلك"، ولذا حجزت رحلتي عبر شركة طيران إيطالية محلية لكنّهم اتصلوا بي وقالوا إنّه ينبغي عليّ أن آخذ الخطوط الجوية اليابانية. وعندما شرحت لهم أنّ السعر مضاعف، أصّروا لأنّهم أرادوا منّي منذ اليوم الأول أن أتعمّق في الثقافة اليابانية. وبمجرد وصولي إلى طوكيو، قاموا بترتيب جولة لاكتشاف اليابان ـ ليس بطريقة تجارية ولكن للحصول على المزيد من الخبرة الثقافية. أعطاني هذا فكرة عن مدى اختلاف هذه الشركة، من خلال الاهتمام بالقيم وما يسمّونه Omotenashi والذي يعني تقديم أفضل خدمة لعميلك، أو الشخص الذي أمامك. لديهم هذا المفهوم الجميل بإعطاء الأولويّة للشخص الآخر قبل أنفسهم. وبصراحة، أرى هذا في شركتنا يومياً ـ الطريقة التي نلتزم بها معاً، والاحترام، وحقيقة أنّنا نعمل في بيئة إيجابية للغاية. كما أنّ الأمر لا يقتصر على الكلمات فقط، بل يظهر من خلال أفعالهم!
كيف تطوّر نهجك القيادي على مرّ السنين، لا سيما في شركة مبتكرة مثل Shiseido؟
التطوّر الكبير لـ Shiseido أمامنا اليوم. عندما انضممت إليها كانت علامة تجارية يابانية بالكامل من حيث طريقة العمل أو التصوّر؛ والتي هي بالطبع قاعدة العلامة التجارية. ونحن أيضا الشركة المصنّعة رقم واحد في آسيا. لكن العلامة التجارية كانت قادرة على التكيّف من أجل عولمة نفسها. التواصل أصبح أكثر مباشرة من ذي قبل. نحن لسنا علامة تجارية أميركية أو أوروبية، وهذا شيء نحتاج إلى حمايته على مدار المائة عام القادمة لأنّنا نعرف وجهة نظرنا وتراثنا والتصوّر الإيجابي لعملائنا بشأن كوننا علامة تجارية يابانية على نطاق عالمي، مع العلم أنّ اليابان تتمحور حول الجودة، والوفاء بالالتزامات، وتنفيذ الوعود.
ما هي الإنجازات التي تفتخر بها أكثر من غيرها؟
هناك لحظة حصلت الأمس (أثناء القمّة) عندما رأيت موظّفينا على المسرح، ونوعية العروض التي قدّموها، وشغفهم الواضح. الطريقة التي تمكّنوا بها من تركيب وبناء القمّة، من خلال مشاركتهم الكثير من المعلومات، والصيحات، والأفكار الجديدة وغيرها. بمجرّد النظر إلى كلّ ذلك، كنت فخوراً جداً وممتناً لوجود مثل هذا الفريق الرائع من المحترفين. وخاصةً النساء في الفريق، ماري، ناتالي، ليا، الخ.
تشتهر مجموعة Shiseido بالتزامها بالابتكار. كيف تعمل التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات، والتكنولوجيا الحيوية على تشكيل مستقبل صناعة التجميل لشركة Shiseido؟
الإجابة السهلة هي القول إنّ الذكاء الاصطناعي سيؤثّر بالطبع على صناعة التجميل بطريقة رائعة لأنّني أستطيع أن أقدّم لك أمثلة على مكتسبات ومنتجات تمّ إنشاؤها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في Shiseido، كان باحثونا يختبرون كلّ صيغة وتركيبة الواحدة تلو الأخرى، لذلك كانوا يختبرون يدويّاً ١٠٠ صيغة مختلفة وهذا يستغرق وقتاً طويلاً. لكن بفضل النظام الجديد اليوم، أصبحنا قادرين على إجراء محاكاة ووضع جزء من الخيارات جانباً والاستمرار في التركيز على خيارات قليلة جداً، وهذا أسرع بكثير. يعمل الذكاء الاصطناعي على تبسيط مهامنا اليومية، وأشعر أنّ هذا يمثّل ١٠% فقط مما لا يزال الذكاء الاصطناعي قادراً على القيام به، وأنا متأكّد من أنّ هناك المزيد في المستقبل. هذا يعني أنّ هناك اليوم تركيزاً كبيراً من وسائل الإعلام مع الكثير من الآراء، التي تقول إنّنا بحاجة إلى التكيّف والمضي قدماً، والخطر هو أن تحاول الذهاب إلى كلّ مكان أو تقول أنّك تريد العمل على مقاطع فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي، وعلى الإبداعات، وما إلى ذلك، وفي مرحلة ما، سوف تضيع بسبب كلّ هذه الخيارات. هناك أيضاً الكثير من المخاطر عندما يتعلّق الأمر بالاستثمارات، وفي النهاية، قد نعرّض النتائج النهائية للخطر. لذلك، ما قرّرناه داخلياً هو اختيار بعض المشاريع التي نرغب في خوضها في الشركة. وأن يستخدم عدد قليل فقط من الأشخاص هذه الأدوات الجديدة. وإذا أردنا حقّاً تحسين انتقالنا إلى الذكاء الاصطناعي، فإنّنا نحرص على أن يكون جميع موظّفينا جزءاً من هذا العلم.
أصبحت الاستدامة عاملاً حاسماً في صناعة التجميل. كيف تتعامل المجموعة مع المخاوف البيئية فيما تحافظ على قدرتها الابتكارية؟
إحدى النقاط الرئيسية للاستدامة هي تحديد ما يجب فعله على الفور وما تحتاج إلى التخطيط له للسنوات العشر القادمة، لأنّه ليس كل شيء يمكن تحقيقه في غضون عامين أو ثلاثة أعوام. نحن نعلم أنّه يمكننا العمل على الحدّ من النفايات، واستهلاك المياه، وما إلى ذلك، ولكن عندما تنتقل إلى موضوعات أكثر تكنولوجية ولو بقليل، فإنّ الأمر يستغرق وقتاً طويلاً. على سبيل المثال، تحتاج فلاتر الأشعّة فوق البنفسجية إلى الكثير من الدراسات التي يتعيّن علينا إجراءها لتطوير فلاتر جديدة تكون أفضل للبيئة. هناك الكثير من الابتكارات المطلوبة، وهناك عملية طويلة للتحقّق من صحة الفلتر الجديد. تعود آخر الفلترات التي تمّ التحقّق من صحتها من قِبَلِ الولايات المتحدة إلى ١٠ أو ١٥ عاماً. لا يمكننا أن نعد بمعجزات في أيام قليلة ولكنّنا نعد بأنّنا نعمل على ذلك ونستثمر فيه لحماية البيئة العالمية.
كيف توفّق مجموعة Shiseido بين دمج التكنولوجيا المتطوّرة والحفاظ على اللمسة الإنسانية في تجارب المستهلك؟
عندما نقول شمولياً، فإنّنا نؤمن أنّه ليس فقط شيء واحد يمكنه تحسين جمال البشرة، بل عوامل متعدّدة يمكن تجميعها معاً. نحن نعلم أنّ لها تأثيرات على الجلد، ولهذا السبب ترتبط الصحة العقلية بالجلد. نحن نعلم أيضاً أنّ الجسم والعقل والجلد مرتبطون جميعاً ببعضهم، ولهذا السبب نعمل على منتجات قادرة على تحسين جودة بشرتك. من خلال الرائحة أيضاً. إذا كنت تذكرين، فقد بدأنا علم الروائح منذ سنوات عديدة ولم يكن أحد يتحدّث عنه في ذلك الوقت، بينما كنّا نتعلّم ونصنّع العطور لمعرفة ما تشعرين به، وفهم عواطفك، وما إلى ذلك.
ماذا يمكنك أن تخبرنا عن إطلاق المنتجات الجديدة والمثيرة التي يمكن أن نتوقّعها من Shiseido في العام المقبل في منطقتنا؟
نحن نؤمن بشدّة بأنّ العناية بالبشرة هي مستقبل منطقة الشرق الأوسط. إذا نظرنا إلى حجم منتجات العناية بالبشرة وقارنّاها ببقية العالم، فإنّنا متخلّفون جداً، إذ لم نحقّق سوى ١٢% من المبيعات على مستوى العالم، في حين يمكننا الحصول على المزيد. العلامة التجارية الأولى التي نريد تثبيتها في الشرق الأوسط هي العناية بالبشرة لما لها من إمكانات هائلة. على سبيل المثال، تعتبر Clé de Peau Beauté علامة تجارية رائعة. إنّها فاخرة للغاية وتتمتّع بأعلى مستوى من التكنولوجيا وراءها، ونجدها مناسبة تماماً لمنطقة الشرق الأوسط.
ما هي الاتجاهات التي تتوقّعها لتشكيل صناعة التجميل في المستقبل القريب، وكيف تستعدّ Shiseido لتلبية متطلّبات المستهلكين المتغيّرة؟
كمجموعة، لا تنظر Shiseido كثيراً إلى الاتجاهات السائدة، وسأخبركم بالسبب؛ لأنّ الاتجاهات لها إطار زمني قصير جداً. يعمل باحثونا على الابتكارات منذ حوالي ٣٠ أو ٤٠ عاماً، ولذلك بالطبع يجب علينا فرض اتجاهات جديدة ـ هذا هو إيماننا وكيف نتعامل مع الجمال. بفضل أبحاثنا، نخلق اتجاهاً في المستقبل، ولهذا السبب نستثمر الكثير في البحث والتطوير، لأنّه جوهر الابتكار. هناك علامة تجارية جديدة تسمّى Gallinée ونحن نتطلّع إليها. نعم، نعتقد أنّ Gallinée ستكون مناسبة أيضاً لسوق الشرق الأوسط لأنّ الميكروبيوم هو بالطبع زاوية مثيرة جداً للاهتمام فيما يتعلّق بالعناية بالبشرة.
ما النصيحة التي تقدّمها للجيل الجديد؟
أودّ أن أقترح تقليد الطريقة التي يطبّق بها الشعب الآسيوي مستحضرات العناية بالبشرة، بمعنى الوقاية. لأنّنا نعلم أنّ الفرق بين الشرق والغرب مختلف تماماً من حيث الثقافة حول الجمال والوقاية. في السوق الغربية، نذهب إلى الطبيب عندما نواجه مشكلة ما. ومع ذلك، في آسيا، يذهب الناس إلى الطبيب عندما يكونون بصحة جيدة تماماً، من أجل توقّع مشكلة مستقبلية. وأشعر أنّ هذا ينطبق أيضاً على ما آمل أن يتكيّف الجيل الجديد والمستهلكون معه في مجال التجميل. وفي نهاية المطاف، الوقاية هي السرّ؛ لتعرفي ما هو جيد أو سيئ بالنسبة لك حسب احتياجاتك. فإن قمت بالتكيّف مع هذا، يمكنك توقّع المشكلات القادمة والحصول على حياة أكثر صحة وحماية نفسك.
----------------------------------
تصوير: Pedro Machado @pmachadophoto