حاولَت صديقة زوجي تخريب زواجنا

منذ ما تعرّفتُ إلى وائل وأنا أعلم بقصّة نوال. كان قد أخبرَني عنها وعن علاقتهما التي دامَت سنتين والتي إنتهَت دون مشاكل، لذا بقيا أصدقاء وأصبح كل منهما جزء مِن حياة الآخر. في البدء لم أستوعب الفكرة جيّداً، لأنّني أظنّ أنّ مِن الأفضل أنّ يتمّ فصل جذريّ بعد إنتهاء العلاقة ولكنّ وائل شرحَ لي أنّ الناس تختلف في آراءها وطريقتهم في رؤية الأمور. قبلتُ في الوضع لأنّني وجدتُ أنّ نوال إمرأة لطيفة ومرحة، بعد أنّ أصرّ حبيبي أن ألتقي بها. وبعد ذلك، لم يعد لديّ مانع بأن يذهبا سويّاً لتناول القهوة أو الغداء وأملتُ أنّ تصبح تلك الرفيقة أيضاً صديقتي. ومرَّت الأيّام وقرّرنا أنا ووائل أن نتزوّج ونعيش معاً إلى الأبد. ساعدَتني نوال بالتحضيرات اللازمة لكي يكون زفافي ناجحاً وجميلاً.

وعُدنا مِن شهر العسل وبدأنا حياتنا في شقّة صغيرة وجميلة. وكان مِن المفروض أن نعيش سعداء حتى آخر حياتنا لولا " فضولي" كما أسماه وائل لاحقاً عندما حاولَ إلقاء اللوم عليّ فيما حدث. وللحقيقة لم أكن يوماً فضوليّة، بل كنتُ دائماً أحبّ أن أتعمّق بالأمور كوني إمرأة مثقّفة لا تكتفي بالتفسيرات السطحيّة. فبعد زفافنا بقليل، علمتُ مِن الناطور أنّ زوجي كان قد إختار شقّتنا بعدما جاءَ ليراها مع نوال ما سبّب لي بعض الإنزعاج، لأنّني كنتُ أودُّ أن أختار بنفسي مكان سكني. ولكنّ وائل كان دائماً يقول لي أن أثق بذوقه وأنّه قادر على إيجاد المكان المناسب لنا. فعندما علمتُ أنّه إصطحبَ صديقته، غضبتُ منه وصارحتُه بشعوري فأجابَ:

- حبيبتي... نوال مثل شقيقتي... أحياناً أشعر بأنّها صديق وليست صديقة... رافقَتني لأنّني كنتُ معها وقرّرنا أن نأتي سويّاً إلى الشقّة لأراها... لا دخل لها بإختياري لهذا المكان...

وأقنعَني ونسيتُ الموضوع ولم أحمل أيّ ضغينة لِنوال. ولكنّ الأيّام التي تتالَت، بيّنَت لي أنّ لتلك المرأة تأثيراً قويّاً على زوجي لم أتصوّره موجوداً. ففي ذات نهار، بينما كنّا نزور أقارب وائل، قالَت لي إبنة عمّه:

- كم نحن مسرورين أن يكون وائل قد إختاركِ أنتِ...

- شكراً... أظنّ أنّه ما يسمّى بالنصيب.

- لستُ واثقة مِن ذلك، بل جاءَته مساعدة من... صديقة.

في تلك اللحظة، حاولَ وائل تغيير الموضوع ولكنّني أصرّيتُ على معرفة المزيد:

- حبيبي... دعها تكمل... كنتِ تقولين أنّ أحداً ساعده على الإختيار؟

- أجل... الآن تزوّجتما ولا خطب في أن تعلمي أنّه كان محتاراً بينكِ وبين فتاة أخرى ونوال إختارتكِ أنتِ.

- كم أنّ هذا لطيف... يعني هذا أنّني مدينة لِنوال بكل هذه السعادة... لم أكن أعلم هذا...

- وائل لا يفعل شيء دون أن يستشيرها.

عندها نظرتُ إلى زوجي ورأيتُه مرتبكاً وإنتظرتُ حتى أن أصبحنا في السيّارة لأستفسر عن الذي سمعتُه. قال لي:

- لا تعيري أهميّة لما قالَته إبنة عمّي... أخذتُ رأي صديقتي بكِ وهذا كل ما حصل... كل الأصدقاء يفعلون ذلك... الموضوع لا يستحقّ الجدال حوله.

وفي تلك المرّة أيضاً، قررتُ أن أنسى الأمر ولكنّني فضّلتُ أن أبقى متيقّظة لِما قد يحصل بشأن نوال. ولم يحدث شيئاً يُذكر بعد ذلك، حتى أن وجدتُ نفسي حاملاً. زفيّتُ الخبر السار لوائل الذي حملَني بذراعيه وقبّلَني بحرارة وأخذَ الهاتف وطلبَ نوال وأخبرَها بأنّنا سنرزق بطفل بعد تسعة أشهر. وعندما أقفلَ الخط معها قال لي:

- نوال آتية...

- لا داعي أن تأتي فقط لتهنّأنا... يمكنها الإتصال بي.

- لا... إنّها آتية لتساعدكِ.

- تساعدني على ماذا؟

- حملكِ... تعرفين كيف هي... تحبّ أن تقدّم خدماتها للأصدقاء...

- أوّلاً أنا ما زلتُ في أوّل حملي وأنا في حالة ممتازة وثانيّاً لا أحتاج لِمساعدة أحد، على الأقل في الوقت الحاضر وثالثاً لديّ عائلة يمكنها مساندتي حين أريد ذلك... قل لنوال أنّ لا داعي لها أن تأتي.

- لا أستطيع ذلك... سأبدو وقحاً إن فعلتُ... دعيها تأتي أوّلاً ومِن ثمّ نتكلّم سويّاً بالموضوع.


وجاءَت نوال وإستقبلتُها ببرودة ولكنّها لم تلاحظ شيئاً، بل دخلَت ومعها حقيبة وذهبَت فوراً إلى الغرفة ووضعَتها هناك قائلة:

- أرجو أن تكون الأريكة مريحة، فسأنام عليها مدّة طويلة.

عندها قلتُ لها بلطف:

- نوال... أشكركِ على محبّتكِ ولكن ليس هناك مِن داعي لذلك، فأنا بخير.

- لا! أنتِ حامل وسأساعدكِ وأخفّف عنكِ... سيكون لدينا مولوداً جميلاً!

- هذا المولود ليس ملكاً للجميع... إنّه ولدنا أنا ووائل فقط. أمّا بالنسبة لمكوثكِ هنا، فهذا ليس ضروريّاً... شكراً جزيلاً.

نظرَت إليّ بدهشة ثمّ إلى زوجي وإنتظرَت منه أن يتدخّل ويغيّر رأيي ولكنّه لم يفعل خشية بأن يغضبني. فحملَت نوال حقيبتها وغادرَت بيتنا بِصمت. كنتُ سعيدة لأنّني وضعتُ حدّاً لتدخّلها بحياتنا الشخصيّة وظننتُ أنّها ستكفّ عن الإعتقاد أنّها فرد مِن العائلة ولكنّها لم تكن مستعدّة أن تتخلّى عن سلطتها على زوجي وأرَتني لاحقاَ مدى تأثيرها المباشر على حياتي. لم ألاحظ التغيير الذي بدأ عند زوجي، إلّا بعد عدّة أسابيع. فالذي بدا لي تعباً، إتّضحَ أنّه غضب ممزوج بِكره. إعتقدتُ أنّ مزاج وائل الجديد سببه إرهاق في العمل وعملتُ جهدي لأخفّف عنه أيّ عناء ولكن هذا لم يأتي بأيّ نتيجة وإزداد الوضع سوءاً، حتى أن أصبحَ وائل يغضب مِن أيّ شيء وخاصة ممّا أقوم به أو أقوله ولم يوفّر فرصة لتوبيخي وإنتقادي. سألتُه عن سبب تصرّفه هذا، فأجابني:

- إسألي نفسكِ!

وللحقيقة لم أفهم قصده، لذا أقفلتُ الموضوع آملة أن يعود حبيبي إلى طبيعته. وبعد أقلّ مِن أسبوع، عاَد وائل إلى البيت بعد عمله ودخلَ فوراً إلى غرفة النوم وأخذَ حقيبة ووضعَ فيها ثيابه وقال لي:

- أنا راحل!

صرختُ به:

- ما الأمر؟ ما بكَ؟ لم أعد أفهمكَ!

- لن أمكثَ معكِ دقيقة واحدة إضافيّة... لن أعيش بالكذب... كيف لي أن أبقى والطفل الذي بداخلكِ هو مِن رجل آخر؟

عندها مسكتُه بِذراعه وسألتُه كيف يقول لي هذا وعلى ماذا يستند، فأجابَني:

- كانت على حق... أنتِ إنسانة ماكرة وخائنة... أحببَتكِ... وبادلتني هذا الحب بالخيانة العظمى... قالت لي أنّني لا أستطيع الإنجاب... بقينا سنتين سويّاً ولم تنجب نوال منّي لأنّني عاقر...

- ماذا؟ أنتَ عاقر؟ كيف هذا! هل خضعتَ للفحوصات اللازمة، أم أنّكَ غبي لِدرجة تصديق كل ما تقوله تلك الساقطة! إفتح عينيكَ قليلاً، أنتَ إنسان ذكي وواعي... نوال تفعل بنا هذا لأنّني وضعتُ حدّاً لتدخّلها بحياتنا!

- كفّي عن الكذب!

- إسمع... إذهب وأجري الفحوصات وإن تبيّنَ أنّكَ لا تنجب، فأنا التي سترحل ولن ترى وجهي ثانية... ما رأيكَ بذلك!

فكّر وائل مليّاً، ثمّ قال:

- حسناً... سأفعل ذلك فقط لأثبتَ خيانتكِ... نوال لا يمكنها فعل هذا بي، فهي حقّاً صديقة وفيّة... على خلافكِ!

- لم أنتهِ بعد... وإن إتّضحَ أنّكَ قادر على الإنجاب، أريدكَ أن تقسم لي أنّكَ لن ترى تلك المرأة مجدّداً.

- أقسم لكِ بذلك... ولكن في هذه الأثناء، سأذهب لأهلي.

ورحلَ. وبدأ إنتظاري. كنتُ متأكّدة بأنّه سيعلم الحقيقة قريباً ولكنّني كنتُ غاضبة جداً منه لأنّه إتّهمني هكذا دون أيّ دليل، فقط لأنّ نوال قرّرَت ذلك. وبعد بضعة أيّام، قرعَ وائل بابي وقال لي بِصوت خافت:

- هل تقبلين بي بعدما فعلتُه بكِ؟

- أجل إن كنتَ مستعدّاً أن تتخلّى عن نوال بصورة نهائيّة.

- لن تسمعي عنها بعد الآن... كم كنتُ غبيّاً... سامحيني.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button